تحقيق

ليس سهلا قرار التخلص منها

من الظواهر اللافتة في اغلب بيوتنا الحرص على تكديس او اكتناز الحاجات القديمة او المستهلكة والافراط بها ويزاد تراكمها بمرور الزمن تحت ذرائع شتى منها ما هو مرتبط بالعاطفة او الذكريات او اللجوء اليها وقت حاجتها ويجد مالك تلك الاشياء صعوبة في اتخاذ قرار حاسم للتخلص مما يثير الفوضى داخل البيوت، وبشأن هذا الموضوع تحدث عدد من المختصين وربات البيوت:

بين المختص في علم الاجتماع ساطع راجي تزداد علاقة الانسان بالأشياء تعقيدا فمع تطور الصناعة صارت الاشياء التي نمتلكها كثيرة ولكنها ايضا تتعطل سرعة او تنتج الشركات اجيال اكثر تطورا من كل سلعة باستمرار، هكذا تتراكم الاشياء، اجهزة واثاث وملابس واكسسوارات منزلية، وكل قطعة او شيء يشغل حيزا ليس في المكان فقط وانما في ذاكرة الانسان المالك، الاشياء المتراكمة هي ايضا اموال انفقت لذلك نتمسك بها حتى لا نشعر اننا ضيعنا تلك الاموال بلا منفعة, الأشياء تدلل على ثرائنا وجهدنا وتحقق رغبتنا في التملك، ورغم ان كل شيء (جهاز، قطعة اثاث، كتاب، ملابس، ..) لا نحتاجه لمدة سنة كاملة مثلا هو غير ضروري لكن خوفنا من الحاجة له مستقبلا تدفعنا للتمسك به، هذا نتاج قرون من الحياة الصعبة والنكسات الاقتصادية التي رسخت في ذاكرتنا امكانية الحاجة لكل شيء في وقت ما، هناك من يحتفظ بالمسامير المعوجة او البراغي التي يعثر عليها بالصدفة، لأنه وجد نفسه اكثر من مرة في حاجة لمثلها ولذلك صارت ذاكرته مستنفرة وتحفزه دائما للاحتفاظ بكل ما هو فائض او تالف, تراكم الاشياء المستهلكة او الفائضة صار سببا لمشاكل الاسرة والتخلص منها ليس سهلا

 تراكم مزعج

اوضحت د.نهى نجاح عبدالله/ باحثة في العلوم النفسية يطلق على الشخص الذي لا يرغب او لا يستطيع التخلص من الاشياء مهما كانت تالفة او غير مهمه وليس لها قيمة (بمريض الاكتناز القهري)،لذ نجده يحتفظ بملابسه القديمة التي باتت لا تناسب مقاسه ،وقطع الاثاث المكسورة غير صالحة للاستعمال، ،ودفاتر تعود الى سنوات دراسته السابقة، وغيرها من الاشياء التي تسبب التراكم المزعج للأشياء قديمة لم تعد لها حاجة وتشغل تشغل مساحة من مكان المعيشة بهذا تسبب الفوضى وعبء جديد على عملية الترتيب فضلا عن انها تكون سبباً في تجمع الاتربة والاوساخ والحشرات .وقد يرجع اسبابها الى الحاجة لها يوماً ما’ والاشياء المكتنزة الصبغة العاطفية، فنجده يبرر احتفاظه بها لأنها هدية ، او تذكره بمرحلة عمرية ،والاشياء المكتنزة غالبا ما تكون بالية الا انها تمده بالأمان لشعوره براحة نفسية عند تقليبها. الا ان الاتجاه الحديث في علم الطاقة وكيفية استقبال الايجابية منها يشير الى خطورة الاحتفاظ بالأشياء القديمة والتالفة وتأثيرها السلبي على الصحة 

تحديث الاشياء

واشارت الموظفة مريم حسن الى ان تخزين الاشياء المستعملة أو المستهلكة يجب ان يكون إيجابيا اذا كانت ربه البيت تتمتع بعقل واع يهندس الأشياء بدقة بحيث يخزنها دون التأثير على مساحه البيت مما يجعله غير مريح وتبتدع تصميما آخر جديد بترتيب الأغراض الفائضة المستعملة بمساحه اقل.. واذا كانت بالإضافة الى هندسة عقلها وأفكارها ربه بيت اقتصادية وتجيد اعادة تحديث الأشياء المستعملة بفكرة أحدث أو أكثر فائدة مع اضافات قد تكون بسيطة.. أما إذا كانت ربه البيت لا توجد لديها القابلية على التجديد هذا يعني نصف البيت عباره عن فوضى تتسبب لها بين الحين والآخر بانهيار عصبي لأنها لم تستعمل عقلها وهي من تدفع الثمن أو احتمال الطرف الآخر مهمل ولا يعطيها حق التصرف بهن ..واذا كانت الحاجات المستعملة عبارة عن انتيكات أو بقايا هدايا من ذكريات الأهل فلا بأس من الاحتفاظ بها مع التغيير المستمر بإدخال اشياء حديثة

تقليد متوارث

وقالت المدرسة ع ج ان التكديس جاء نتيجة مخاوف من المجهول والحاجة الى الاشياء في زمن الازمات وهذا الاكتناز تقليد متوارث من الامهات لكننا بالغنا في التخزين الذي لم نتخلص منه بقدوم الجديد ، لافتة الى ان الابناء ينتقدون التخزين غير المجدي والتخلص منه.

متاعب

وتشكو العشرينية نور إبراهيم من هوس والدتها وعدته بالوسواس القهري، كونها تحتفظ بأشياء وأدوات، تراها إبراهيم غير مفيدة ولا تقدم أي خدمة وتشكل فوضى في زوايا البيت، بينما قالت والدتها مبررة ذلك: "هناك حاجات وأغراض أعدها بمثابة ذكرى وأرث ثقافي وشعبي، كاحتفاظي بتدفئة قديمة كانت تستخدم في منزل والدي وتلفاز عتيق ،ومذياع كان والدي يستخدمه في مقهى، فتلك الأشياء رغم أنها لم تعد تعمل الآن، ولكنها غالية على قلبي، وأفضل أن تبقى داخل منزلي، أعود لها كلما اشتقت لأيام كنت فيها سعيدة وسط أسرتي.