نص حق البطن وفق ما جاء في رسالة الحقوق للإمام زين العابدين (عليه السلام)

(وَأَمَّا حَقُّ بَطْنِكَ فَأَنْ لا تَجْعَلَهُ وِعَاءً لِقَلِيلٍ مِنَ الْحَرَامِ وَلا لِكَثِيرٍ، وَأَنْ تَقْتَصِدَ لَهُ فِي الْحَلالِ وَلا تُخرِجَهُ مِنْ حَدِّ التَّقْوِيَةِ إلَى حَدِّ التَّهْوِينِ وَذَهَاب الْمُرُوَّةِ، وَضَبْطُهُ إذَا هَمَّ بالْجُوعِ والظمأ فَإنَّ الشَّبْعَ الْمُنْتَهِي بصَاحِبهِ إلَى التُّخمِ مَكْسَلَةٌ وَمَثْبَطَةٌ وَمَقْطَعَةٌ عَنْ كُلِّ برِّ وَكَرَمٍ. وَإنَّ الري الْمُنْتَهِي بصَاحِبهِ إلَى السُّكْرِ مَسْخَفَةٌ وَمَجْهَلَةٌ وَمَذْهَبَةٌ للمُرُوّة.)

 

يعد الطعام من الحاجات الانسان الأساسية, إذ صنف العالم أبراهام ماسلو حاجات الانسان على شكل هرم ووضع في القاعدة الحاجات الفسيولوجية كونها متطلبات تقترن بديمومة الحياة كالحاجة إلى الماء والتنفس والنوم وبالتأكيد الحاجة إلى الغذاء الذي يساهم في تزويد الطاقة والحفاظ على تجدد الخلايا في الجسم وبالنتيجة فهو من الحاجات الضرورية التي بغيابها يتعطل عمل الجسم ثم يتوقف.

زاد الحلال

يحثنا الإمام السجاد (عليه السلام) في رسالته الحقوقية على فهم حق البطن, فكل انسان لابد أن يتناول يوميا أكثر من وجبة غذائية استجابة لشهوة الجوع, وهنا تجدر الإشارة للانتباه إلى ما يدخل في جوفنا إن كان حلالا أم حراما, فالزاد الحرام مع اختلاف أشكاله يتحول إلى سموم مترسبة في النفس ويميت القلب والورع, لذا لابد من تجنب تناول أي طعام محرم وفق ما ذكر في كتاب الله الكريم, وخصوصا في حالات السفر إلى دول تتناول اللحوم المحرمة بشكل طبيعي بسبب اختلاف الأديان, أو شراء الغذاء بأموال جاءت بطرق غير مشروعة كالسرقة والاختلاس والرشوة فهذا النوع من الطعام يندرج ضمن ما نهانا عنه الإسلام وما أكده الإمام (عليه السلام) في حق البطن, فما يترتب على الزاد الحرام هو حتما المرض في الدنيا (فساد البدن) والعقاب في الآخرة.

الاقتصاد في الحلال

يتابع الإمام السجاد (عليه السلام) في هذا الحق موضوعة الاقتصاد في تناول الطعام الحلال, فالتخمة مع درجاتها من القليلة إلى الكثيرة تؤدي إلى خلل في صحة الانسان, فهي السبب الرئيسي للسمنة ومن المعروف ما يلحق بالجسم من أمراض مزمنة وغير مزمنة جراء زيادة الوزن بسبب الاسراف في تناول الطعام أو اعتماد غذاء غير صحي, وهذا ما أكدته الابحاث المتطورة في ميدان الطب والتغذية إذ توصلت مجموعة كبيرة من الدراسات إلى خطورة الاسراف في تناول الأكل أو عدم تنوع مصادر التغذية؛ لذا فإن ووفق ما جاء في حق البطن (وَأَنْ تَقْتَصِدَ لَهُ فِي الْحَلالِ وَلا تُخرِجَهُ مِنْ حَدِّ التَّقْوِيَةِ إلَى حَدِّ التَّهْوِينِ وَذَهَاب الْمُرُوَّةِ) فإن ما توصل إليه خبراء التغذية في وقتنا الحاضر هو ذاته ما أثبتته الأحاديث الشريفة لنبي الرحمة (صلى الله عليه وسلم) وما أكدته علوم أهل البيت (عليهم السلام).

غذاء وماء ودواء

من حق البطن على كل انسان أن لا يدخل فيها ما يضرها سواء كان غذاء أو سوائل أو حتى دواء ونحو ذلك.. ومن الأمور الواجب الاشارة لها هي المشروبات الساخنة التي اعتاد عليها غالبيتنا وبشكل يومي, إذ أكدت الأبحاث والدراسات على ضرر تناولها إذا كانت بدرجة حرارة 65 درجة مئوية فما فوق فمن الممكن أن تؤدي إلى إصابة الانسان بنوع من سرطان المريء أو سرطان المعدة, وبما إن المعدة هي بيت الداء فيجب توخي الحذر عند تناول الأدوية الكيمائية والعشبية ما لم تكن بوصفة طبيب أو مختص تجنبا من إلحاق أي ضرر محتمل, ومن هنا فإن كل ما يدخل الجوف هو مسؤولية تفرضها علينا حق البطن في حمايتها وبالنتيجة حماية أنفسنا من أي سوء.

إيمان كاظم