نظرتْ إلى الاسم الظاهر في الشاشة ثم رفعتْ نظرها الى زوجها كأنها تطلب الاذن منه، تزحزح مبتعدا بعد أن أعطاها نظرة الموافقة، أجابتْ بهدوء: أهلا فرات

وصلتها التهاني منه ابتسمتْ بجفاء قائلة: الفال لكم ان شاء الله، ثم أغلقتْ الهاتف بعد أن ودعته، جاءها صوتْ زيد معاتبا: ألم تؤلميه بهذه الكلمة؟

الألم كلمة استطاعتْ أن تشعر بتفاصيلها، سحبتْ لحافها لتغطي رأسها ثم رددتْ بهدوء: لم أقصد.

سمعتْ صوت الباب مغلقا فغاصتْ في بحر ذكرياتها، ترتدي الثوب الأزرق تبحث عينها عن شخص تعلم أنه لم يحضر أبدا فقطعتْ عنها بحثها عين أخيها التي طمأنتها قائلة: فوضي أمركِ الى الله.

تلك الكلمة التي انسابتْ لها دمعتها تردد: الحمد لله على كل حال.

ابنة التاسعة عشر تودع امومتها بلا أم وبلا أب وبلا الوجع الأخير المسمى خطيب، خطتْ لغرفة العمليات تنظر لتلك الأجهزة التي ستقتلع الورم وتخلصها منه، تنظر الى الممرضات تستجدي ابرة المخدر تريد أن تغادر قوة ذكرياتها وطيفه ممازحا لها يرفض تلك القائمة من أسماء الأطفال التي قدمتها له، وهو يخبرها بأنه لا يريد طفلا يشغله عنها، نظرتْ للساعة بعد ساعتين فقط سيعقد قرانه، بعد أن أخبرها قبل شهر واحد بأنه لن يتخلى عن أبوته، هي تعلم أنه على حق لكنها جُرحتْ جرحا عميقا، وجعه يفوق وجع تلك الجرعات التي سرقت شعرها وحلمها الوردي بحمل طفل يخصها يوما، أخذت تلك الأبرة التي أثلجتْ دمها نظرتْ كثيرا اليها قبل أن تغمض عينها متأملة بأن يثلج الله صدرها.

أفقت على صوت الباب ثم صوت الممرضة: لقد رفعنا فقط مبيض واحد يعني بإمكانكِ أن تكوني أم، هذه اللحظة تشبه أعظم لحظة مررت بها بعد سنتين حينما قالت الممرضة: الصغير يحتاجك هلا تحننتِ عليه، ابتسمتْ وهي تضمه الى صدرها بعين دامعة، تُداعب يده الناعمة انه نسخة مصغرة منها، قبلته مغمضة العين والصوتْ يداعب اذنيها, جاء زوجها وحمل الطفل وهو يداعبه أطالتْ النظر اليه ثم رفعتْ عينها للدعاء ربِّ شافي عقمه وارزقه طفلا.

ضمياء العوادي