تعاني الأربعينية حلا محمد من طفلها الذي يسبب حرجا لها بشكل دائم، كلما زارت أسرة زوجها إذ يقوم بالبوح بكل ما يحصل بين والديه من مشاجرات وأحاديث، ما يجعلها تعيش في دوامة الحذر والقلق منه، والتفكير كثيرا بأن لا تصطحبه معها مجددا، وتقول محمد بصوت جاد: "حاولت معه مرارا وتكرارا دون جدوى رغم تهديدي المستمر له بالعقاب، وقطع عنه المصروف حتى اضطررت أخيرا إلى تقليل زياراتي، مبررة لهم ذلك بانشغالي بأمور البيت".

الجاسوس الصغير

وتؤثر المنظومة الاجتماعية في بناء وعي الطفل وإدراكه، لذا من الخطأ قيام بعض الأسر بحث أطفالها وتشجيعهم على نقل الكلام والكذب، فيصبح الطفل جاسوسا ينصت إلى من يتحدث عبر الهاتف، ويراقب من يتحاورون في أسرارهم.

وتعتقد التربوية وفاء علي، أم لطفلين: "أن للتربية والتعليم منذ الصغر دورها في تكوين الطفل، إذا كان قد تربى على عادات سيئة داخل أسرته ويرى والديه وأخوته ينقلون الكلام، ويكذبون ويقطعون الوعود الزائفة، سيصبح محترفا في النفاق والثرثرة، وفضح أسرار عائلته وسط الجيران والأقارب، مما يسبب بإحراج ومواقف معقدة، أما إذا خلق بين أسرة تكتنفها التربية والأدب والأخلاق الحميدة، سينضج إنسانا صادقا وسينجح في بناء علاقاته مع الآخرين".

وبينت علي "يجب أن نساهم في تكوين شخصية قوية للطفل وغير مهزوزة، لكي لا يلجأ لجذب انتباه الآخرين بإفشاء أسرار والديه، وتوفير له جو مملوء بالحب والرعاية والعاطفة، وعدم استخدام العنف والتأنيب المتكرر، ومعرفة الأسباب التي جعلته ينقل ويثرثر".

وتستذكر الثلاثينية لمياء طه كيف وقع خلاف كبير بينها وبين جارتها بسبب طفل كان يلعب مع أطفالها في صالة البيت، وكان يسترق السمع لها وهي تتحدث مع والدتها عن تلك الجارة، وتنعتها بأبشع الصفات وتذمها من حين لآخر، ما خلق فجوة وعداء دائما لم تشفه المجاملات ولا تطييب الأنفس، وأضافت طه" لم أكن أدرك أن هذا الطفل تعود على عادة سلبية ورثها ربما من أسرته حتى قمت بأبعاد أولادي عن اللعب معه مستقبلا".

لافتة إلى أنه منذ الطفولة يجب على الوالدين السيطرة على طفلهما، وعدم تركه لتعلم أشياء تضره، وذلك عن طريق حرمانه من اللعبة التي يحبها، والتحدث معه باستمرار عن شناعة ما يفعله.

تحذيرات ونصائح

يلجأ معظم الأطفال لنقل الكلام للحصول على التعاطف والاهتمام والإعجاب، ولا يدركون حجم المشاكل والمعاناة التي يسببونها للآخر.

وحذرت طبيبة الأسرة والطفل، نهلة أحمد من "أن يتحول نقل الكلام لدى الأطفال إلى جزء من روتينهم اليومي، ونمط حياة يعتادون عليه ما يشكل لهم تهديدا في المستقبل، كونهم تعلموا عادة بذيئة ستدمر علاقتهم مع الآخرين".

مضيفة "هناك طفل يستخدم أسلوب نقل الكلام من شخص إلى آخر أحيانا دون قصد، وبعفوية منه لشخص قد يكون أحد أفراد أسرته أو أقربائه، للحصول على ما يريده".

وتشدد أحمد "بأن يبتعد الأهل عن تلك العادات المضرة بالطفولة، وعدم التقليل من شأن الآخرين أمام أطفالهم، وزرع بذور الخير والمحبة داخلهم، وتوجيه الطفل باكرا على احترام الخصوصية، وكتم كل ما يحدث بداخل الأسرة ولا يجوز نقله خارجها، وأن لا نكذب أمام أطفالنا، ولا نخالف وعودنا لهم كي لا تترسخ تلك السلوكيات بأذهانهم، ويعدوها هي الأساليب الصحيحة في التعامل مع الآخر".

وتابعت "علينا إعطاء الثقة للطفل كي لا يضطر للكذب، والابتعاد عن تعنيفه وتوجيهه لنشاطات نافعة، كممارسة مختلف الهوايات كالرسم والموسيقى والعزف والتطريز، والقيام بنشاط رياضي يفرغ ما بداخله من طاقة وحركة، وتعزيز التواصل بينه وبين والديه لإخبارهم بكل ما يمر ويشعر به، وتعليمهم الاحتفاظ بالأسرار والصدق في القول".

 سرور العلي