فوتوغراف

في طريق يا حسين ثمة مشاهد تخطف الأبصار, خدمة نوعية لا تضاهيها خدمة في كل العالم, ربما من البديهي أن يأخذنا حدسنا الصحفي إلى صدى صوت أحد المنادين على الزائرين لتقديم الطعام والشراب أو لموكب يقدم أصحابه خدمة من نوع آخر أو أي مشهد يمكننا أن نسرد تفاصيله لننقلها إلى عيون وقلوب من يتصفح ذاكرة الأربعين, لكن هذه المرة خطفتنا صورة معلقة إلى جوار إحدى المواكب الخدمية على طريق النجف – كربلاء لحاجة تشي ملامحها وكـأنها ترحب بالزائرين.

تسمية الموكب

دخلنا إلى قاعة الموكب لنتعرف أكثر على تفاصيل صاحبة الصورة, والتقينا بأبنة الحاجة مهدية كشمر (أم صالح) التي روت قصتها منذ بداية الخيمة إلى هذا الصرح الخدمي.. "بعد سقوط النظام ومع بداية عودة الزيارة المليونية إلى سابق عهدها كانت أمي تخدم الزوار وسط دموعا لم نكن قادرين على تفسيرها, وفي تلك الفترة كانت تضع خيمة بسيطة وتقدم الطعام والشراب بكميات تتلاءم مع مدخراتها السنوية من أجل تقديم أقصى ما يمكن تقديمه, وتسمية الموكب بـ (موكب الحسن) كان لرغبة منها بعد عودتها من أداء فريضة الحج وزيارتها لقبر الإمام المظلوم (عليه السلام) في البقيع, وهي من اقترحت كتابة تلك العبارة المكتوبة على لافتة الموكب (موكب الحسن ينادي يا حسين), لكن نحن من اضفنا صورتها بعد أن وافتها المنية قبل أربع سنوات, توفيت وهي سعيدة ومطمئنة لخدمتها لأهل البيت (عليهم السلام)".

إرث عظيم

يتفاخر الناس بطبيعة الحال بما يرثون من جاه ومال واراضٍ وحتى السمعة الطيبة, لكن من يرث خدمة زائري سيد الشهداء (عليه السلام) فهذا منتهى الغنى والرفعة, هذا ما لمسناه من حديث بنات المرحومة الحاجة (أم صالح) حينما تحدثنَّ عن إصرارهن على إكمال مسيرة الخدمة الحسينية بعد والدتهن, بل وحرصهن الكبير على توسيع الموكب من حيث المساحة ونوعية الخدمة المقدمة للزائرين, فهذا سينعكس على الجيل الآخر الذي سيأتي بعدنا وستتناقل بناتنا هذه العادة والعقيدة ونضمن استمرار ذكر الوالدة واقترانه بحب الحسين (عليه السلام).

ضيافة التمر

 يعرف اهل العراق بكرم الضيافة ومهارتهم في إعداد موائد الطعام والتفنن بتقديم مختلف المأكولات فضلا عن وصفات الحلو المصنوع غالبا من التمر كوننا بلد النخيل ولما له من فوائد كثيرة ولما يمد الجسم من طاقة, وفي طريق يا حسين تتنوع الأصناف المقدمة للزائرين, أما في موكب الحاجة الراحلة وجدنا حلوى التمر المعروفة بـ(المدكوكة), ومع إن طريقة عملها ليست هينة لكن لا شيء يضاهي لذة التعب حينما يكون المرء خادما مفتخرا بخدمته... وهذا ما يشعر به خادم الإمام الحسين (عليه السلام), ومن اللافت إن الموكب نسوي بامتياز, فالنسوة الكبيرات يعملن على تجهيز الطعام بمساعدة البنات اللواتي يصغرهن بالسن وحتى الأطفال تبنوا توزيع بعض أطباق المدكوكة لتعوديهن على ممارسة هذا النوع من التكريم السنوي.

إيمان كاظم