العدالة لا تتحقق بتوازي الكفتين بل حينما نتوازن؛ لنعي إن الثقل يكون مع الحق وليس العكس...

في المحافل الثقافية والمحاضرات الفلسفية والدينية نكتشف في مضمار الحديث أمورا قد لا تبدو واضحة إلا بعد تسليط الضوء عليها والغوص في كوامنها وتفكيك بعض ما ورد في النصوص والروايات وتحليله تحليلا منطقيا.. وإعادة تركيب جزيئاته للوقوف بالشواهد المنطقية على أساس العدالة, وكيفية إدارة العقل سبيلا لتحقيق الغاية من وجود الانسان ودبلجة رسالته واقعاُ, وقد نحتاج لذلك إلى شخص يمتلك قدرة على وصف الأفكار وترجمتها بلغة سلسة تنحدر من أفق العلم وتصب في مجرى العقول.

وفي إحدى المحاضرات المندرجة تحت عنوان الإعلام والقضية الحسينية؛ وجدتُ نقطة التقاء مطلقة تربط المفاهيم ببعضها وتشد أزر الأفكار وهي (المبدأ)...

حينما يؤسس الإمام الحسين (عليه السلام) من خلال نهضته مساراً لا يثنه الزمان والمكان فحتماً هذا المسار هو المبدأ الذي يرتكز عليه الانسان في مسيرة حياته إن شاء عبور الدنيا آمنا إلى ضفة اليوم الآخر.

ومن هنا نجد وصفاً دقيقاً يمكنه أن يقرب الصورة وهو تعدد الرؤية من زوايا مختلفة.. فواقعة كربلاء الشاخصة منذ الأزل وجدلية بقاءها إلى يوم يبعثون منحتنا صورتين متضادتين لأقصى قيم الجمال قُبالة أدنى ملامح القبح؛ عبر توازن حسي لإدراك الحق في أفضل الظروف واصعبها.

ففداحة ذلك اليوم الدامي بكل ملامح الدمار وصور اشباه البشر الذين فتكوا بحرمة الانسانية تقابلها صور مفعمة بالجمال وهي صور المبدأ والحق والايثار والايمان ومناهضة الظلم بالدم وغيرها... ما هي إلا قرائن تاريخية تمنح الانسان المعاصر في مختلف البيئات والازمنة برهان قاطع على أهمية دوره في ممارسة الاعلام عن طريق الكلمة المدعومة بالفكرة والمشحونة بالشعور الصادق لخلق صورة حقيقية يمكن رؤيتها من اكثر من زاوية ولكن دون تعمد الإخلال بأبعاد هذه الزوايا!

إيمان كاظم