حدثتني.. وهي تقلب شهادتها الجامعية يمينا ويسارا وهي غارقة تماما بفوضى تساؤلاتها, لِمَ يتعذر عليّ دائما مجاراة زميلاتي في العمل في أي نقاش حول قضية اجتماعية, متى أكسر حاجز الخجل؟

أم أنني لا أمتلك القدرة فعلا على ترتيب وصياغة الأفكار, إلى متى سأظل منزوية في عالم الصمت!!

أجبتها.. هكذا نشعر أحيانا؛ من صعوبة التعبير والتواصل مع الآخرين وضعف امكانياتنا على رص الكلمات في عبارات تفاعلية, بالرغم من إننا قد نمتلك شهادات جامعية ومؤهلات دراسية من المُفترض أن تمنحنا دفع ثقافي يعزز حوارنا, وتُمكننا من تجاذب اطراف الحديث مع محيطنا في البيت والعمل والعلاقات الاجتماعية الأخرى.

لكن...!

هناك عدة أسباب تبعدنا عن حضورنا في المشهد الثقافي, وتقلل من قناعة ورأي الآخرين بنا كمثقفين.. وهذه الأسباب التي سنتعرف عليها لاحقا وإن كانت مجتمعة؛ يمكن العمل على معالجتها تدريجيا؛ لتثبيت مقعدٍ مناسبٍ لنا في الحياة, يمكننا من خلاله الحضور ومشاهدة تفاصيل الاحداث العامة دون أن يكون الصمت سيد الموقف, بل تأخذ الثقافة منحاها الطبيعي؛ لتمنحنا هوية المثقف وحقه في التعبير عن قناعاته ورؤاه من زاوية مشاهداته, وعصارة تجربته الشخصية.

فالعزوف عن مطالعة وقراءة الكتب العامة والاكتفاء بالدراسة التخصصية كمصدر للمعرفة, والخجل من التعبير عن الافكار في القضايا العامة خشية تقاطعها أو مخالفتها لبقية الآراء, والاكتفاء بالإنصات للآراء دون التفكير بخلفياتها والسعي إلى تحليلها من وجهة نظر محايدة, وبعض المشاكل النفسية التي تكون متلازمة في شخصية الإنسان تبعا للظرف التكويني سواء البيئي أو الصحي أو الاقتصادي... الخ من الظروف المؤثرة في تنشئة وبناء الشخصية, والاهتمامات السطحية في جوانب بعيدة عن دور الإنسان الرسالي, من شأنها أن تضعف قدرة الشخص على إدراك الحياة من كل الجوانب والتفاعل معها بوعي؛ لذا فأن ما علينا فعله هو النظر إلى أفق المعرفة والتزود منها بشتى الطرق والوسائل المتاحة لا سيما في ظل السيل التكنولوجي والمعلومات المتاحة, فالثقافة والوعي لا تحدهما شهادة ولا تؤطرهما حدود.

إيمان كاظم