السهمُ يقترب...

عجبًا يا أبي ما بهم أولئك القوم يمنعون عنك الماء؟

أولستَ أنت بن زمزم والصفا؟!

أبي، وهل هذا جزاءُ ما فعلهُ جدي في صِفين، حين لم يحبسْ عنهم الماء وهم منعوه عن جدي حينها وعنّا الآن!

 

السهمُ يقترب...

أبي هذه الأرض كلها طوعك، اضربها بـقدمك علها تتفجرُ ينبوعا من تحتِ قدميكَ كما فعلَ موسى..

وهل عصا موسى بأكرمَ عند الله من قدميك يا والدي؟

أو أسع كـهاجر تلك التي تسعى حتى أعطاها اللهُ عطاءا إلى الآن لم ينضبْ...!

 

السهمُ يقترب...

احملني عاليًا يا أبي

 لأرى تلك الطغمة التي ستنهشُ جسدَ بن بنتِ نبيها..

ولأشهدَ حِقدهمُ الدفين لإحنٍ قديمة، قديمة جدا ...

 

السهمُ يقترب...

تلك النبوءة صادقة ها هي شاخصةٌ أمامي في ظَهيرة عاشوراء..

إنه قَرنُ الشيطان يَقفُ ماثلًا أمامي بضحكاتهِ الماجنة!

إنه يريد أن يرميني بسهمه ذي الثلاث شعب...!

 

السهمُ يقترب...

أبي

سيفيضُ ينبوعُ البراءةِ من دمي

سيتبخرُ عالياً في أفق السماء علها تُمطرُ سقاءً يرويك يا أبي...

بدلا من هَجير الصحراء هذا...

 

السهمُ يقترب...

ما أشبهَ اليومَ بالأمسِ

في بضعِ سنينٍ عِجاف قتلتْ تلكَ الثلةُ الحاقدة ما في أحشاء جدتي ..

واليوم يقتلوني بين يديك...!

وها هو حرملة الآن يُجهزُ سهمهُ الأهزَع..

سيُسقِطُ آخر مَساميرك الخباءِ يا أبي !

عجبًا لآل محمد مظلومون أينما ثُقِفوا

 

السهمُ يقترب...

حرملةٌ.. يقتل البراءة كما فعلَ فرعونُ من قبل ..

انظر يا أبي إلى نظراتهِ المخيفة

إنها ترمي بشرر عاجلٍ يتوعدُنا

ها هو يُخرج السهم من الكنانة ويركزه في كبدِ القوس

إنه يُسددهُ نحوي..!

إذن ها هو الحِمامُ يَلفني يا والدي

 

السهمُ يقترب...

أزح عني سيور القماط

إنه يعيقني عن ضمك..

..يداي صغيرتان كيفَ لهما أن تُحيطا بكونٍ واسعٍ مثلك ..

في تلك اللحظات وددت لو أن يداي بحجم السماء لاحتضنك وللمرة الأخيرة!

 

السهمُ يقترب...

ضمني إليك يا أبتي ..

السهم وصل !

واستقر في نحري الصغير  ..

إنه يفيض دمًا عبيطًا..

أتذكرُ يا والدي لحظة رميت بدمي نحو السماء كيف لم يرجعْ منه ولا حتى قطرة واحدة؟

حينها علمتُ أن تلك السماء تَحوي نبوءةً أخرى ستَطلبُ ثأرنا جميعًا.

نرجس ابراهيم الصافي