إن المعركة التي يخلدها التاريخ وتخرج إلى العالمية وتتناقلها الألسن ويستمر زخم تأثيرها على مدى قرون من المؤكد إنها تحمل عمق فكري كبير, وجذور اخلاقية راسخة، والسبيل الوحيد لدفنها هو التشويش على كُنّهها الحقيقي الذي حصنها من التلاشي و النسيان وأمدَّ بعمرها لتتجذر في العقول.

 ومعركة الطف التي تجاوزت كل المعارك الضارية بأفضليتها وعظمتها في غاياتها واهدافها وقائدها الذي لا يضاهيه شخصا في الكون؛ لنسبه الشريف, وخلقه الرفيع, وصلابته في القيادة، والتي تكلم عنها المفكرون وقادة العالم منهم الباحث الإنكليزي جون أشر حيث قال:(إن مأساة الحسين بن علي تنطوي على أسمى معاني الاستشهاد في سبيل العدل الاجتماعي) وكذلك قال الزعيم الهندي المهاتما غاندي: (لقد طالعت بدقة حياة الإمام الحسين، شهيد الإسلام الكبير، ودققت النظر في صفحات كربلاء واتضح لي أن الهند إذا أرادت إحراز النصر، فلا بد لها من اقتفاء سيرة الحسين). وهذه الاقوال مجدت الثورة الحسينية كمعنى للعدل الاجتماعي واساس لنصرة الدول ورفعتها، قد طالها التشويش ليس في سرد تفاصيلها وانما في طريقة تعبير بعض المسلمين في تأثيرهم بها ومدى فهمهم لمبادئها.

 والإعلام المضلل كان احد المساهمين وساعدهم في هذا ثلة من الجاهلين والمنتفعين والكارهين لأهل بيت النبي محمد للتشويش على جوهر الثورة، ساعين  لتأخذ  ثورة الحسين منحا جديدا ومفهوما  مختلف,  فكان تعبيرهم بشكل سطحي يوضح عدم تعمقهم بالفكر الحسيني, فاهتموا بالأمور الثانوية التي تحاكي العاطفة وقدمت للجمهور بطرق همجية تلقفها وتأثر بها بعض الشباب واهملوا الغاية التي سعى اليها سبط الرسول وضحى  بنفسه من اجلها. 

 والمفروض ان دور المؤسسات الإعلامية والمحلية على وجه الخصوص هو إظهار وتعريف الجمهور بأدب واخلاق الحسين  وأسباب  ثورته بصدق دون تحريف وتشويش او تضخيم ولا يحتاج الامر الى تضخيم فهم منشأ البطولة والايمان والجود, وفرض الرقابة ومحاسبة كل من يقدم للجمهور مادة إعلامية لا تليق بهذه الملحمة الخالدة.

وكذلك تعريف الجمهور الغاية والاهداف السامية التي ضحى من اجلها اهل بيت النبوة ومن اتبعهم، وهي بتعبير بسيط (المطالبة بالحقوق الانسانية: الحرية، العدالة، المساواة، وتوزيع ثروات البلد بالعدل والإنصاف)  وتبيانه بكل الطرق الاعلامية وحث الناس على الاقتداء بها لأنها تحاكي العقل والتربية والضمير وبناء الانسان الحر.

اخلاص داود