يصنف العالم أبراهام ماسلو الحاجات الإنسانية على شكل هرم حيث وضع في القاعدة الحاجات الفسيولوجية التي تمثل صمام الأمان لديمومة الحياة لدى الإنسان, وذلك بعد طرحه لعدة نظريات توصل إليها في مجال علم النفس التنموي, ليتدرج بذلك حسب طبيعة الشخص حتى يصل إلى قمة الهرم وفيه يضع الحاجة إلى (تحقيق الذات), وما بين الحاجات اللازمة للحفاظ على الفرد وبين قدرته على الوصول إلى قمة الهرم, يسلسل الحاجة إلى الأمان ثم متطلبات الفرد الأجتماعية فالحاجة إلى التقدير لاسيما ضرورة شعوره بالثقة.

وفي طبيعة الحال فان لكل نظرية مؤيد ومعارض ومن جملة الانتقادات التي وجهت لهذه النظرية بأن العالم أهمل الجانب الروحي والديني ضمن بناءه للهرم, في حين يمثلان هذان الجانبان لدى كثيرا من الأشخاص ركن أساسي في تمكينهم من التفاعل والاهتمام ببقية الحاجات.

ربما لو كان ماسلو بيننا اليوم لانتقد أو عدل على نظريته لا سيما في ظل التطور التكنولوجي الهائل وما رافقه من تداعيات واسقاطات على الشخصية, وبغض النظر عن تأييدي أو توقفي عند ترتيب الحاجات بأولويتها صعودا إلى القمة, فأن رأس الهرم وهو (تحقيق الذات) الذي وضعه ماسلو كآخر حاجة لابد أن يمد جذوره هبوطا ليحتضن الحاجات وصولا إلى القاعدة والحاجات الضرورية فهنا يساهم تحقيق الذات بتوفيرها والحفاظ على ديمومتها وتحسين نوعها, والأهم تعضيد الجانبين الديني والروحاني لهذه الرحلة.

ففي ظل الأجواء التنافسية وسرعة تطور الأحداث, وتأثير الثقافات, وعصف الدراسات المعاصرة وما تتوصل إليه من تفسيرات استثنائية ونتائج نوعية, فأن لكل فرد اليوم هرمه الخاص الذي لا يختلف عن هرم ماسلو في تصنيف الحاجات حسب الضرورة بل بنسبيتها حسب الظروف المحيطة لكل شخص, وجملة أمور تتخلص في إمكانيته الصحية والمادية والثقافية والسلوكية والاجتماعية؛ لذا فأن بعض الحاجات القريبة من قمة الهرم قد تتباين بين شخص وآخر, وحتما ما حاول العالم إثباته من خلال نظريته إن الإنسان قادر على الوصول إلى القمة في حال أدرك إن القاعدة أساس الحياة, والتدرج تناغم من أجل الحفاظ على التوازن مع استمراريتها, والقمة نتيجة للإيمان بالوصول.

 إيمان الحجيمي