عندما تكون فتيّا ستستهزئ أيّما استهزاء إذا ما تمرّ على ذاكرتك صور بلايا الصغر، من عويل وضجر على ضياع لعبتك، وتحطّم دميتك، وفوات برنامج كارتوني تتابع حلقاته؛ هذا لأنك الآن في بلاءٍ لا ترى أحكم من حلقاته، بلاء الدراسة والوظيفة المناسبة..

              

ثم تبلغ أشدّك وتهزّ يد المتأسّف على همّ ألحقتَه بقلبك وضرر أوديته بصحّتك وتقصير ضربت به علاقاتك الاجتماعية لأجل مسائل دراستك ووظيفتك بعد أن تتخطّف أحبتك يد بلاء الموت أو يلمّك مرضٌ عضال يقلع متاع الدنيا من عينيك..

 

وعندما تبلغ من الكِبر عتيّاً وتخفق على رأسك أجنحة الموت وترى معها قلّة الزاد لهذه الرحلة الطويلة ستدرك البلاء الأكبر الذي يهوّن البلايا السالفة تلك وكم ستستقلّها في نفسك، ستعلم لماذا لم ينتاب أحد العلماء وهو السيّد أبو الحسن الأصفهاني ما ينتابنا حينما سمع بنبأ مقتل ولده الشاب في أثناء الصلاة وظل مستمرّاً في صلاته، وتتعرف على جزء من إجابة سؤالٍ يختلجك في أيام البحث: ما سر عدم جزعه عندما رأى ولده قتيلاً؟

ذلك البلاء هو (عدم السلامة في الدين).. البلاء الذي جعل أمير المؤمنين علي [عليه السّلام] كل ما دونه لا شيء! نعم، ففي رواية أقتطع منها موضع الحاجة يقول فيها [سلام الله عليه] : «حتى مررنا بسبع حدائق وكل ذلك أقول له ما أحسنها [أي الحدائق] ويقول [صلى الله عليه وآله] : لك في الجنّة أحسن منها، فلما خلا له الطّريق اعتنقني ثم أجهش باكياً، فقلت: يا رسول الله ما يبكيك؟ قال: ضغائن لك في صدور أقوام لا يبدونها لك إلاّ من بعد موتي، قلت يا رسول الله في سلامة من ديني؟ قال: في سلامة من دينك»

ومن ناله ما نال علي من الظلم والبلاء؟ كل ذلك لكنه لم يسأل النبي كيف، لماذا، متى.. استعلم فقط عن سلامة دينه!

 

الشاهد: استهن بكل البلايا ولا تجعلها مُشغِلة لك عن تعاهد فروض الله واستعمال سُنّة نبيّه كي لا تُبتلى بالبلاء الأكبر.

 

زهراء حسام الشهربلي