القلم وخفايا أنفاسه المبهمة عني . حينما يحركه الحنين لسطور تصطف بانتظار حضوره وحينما تجذبه رائحة جنون الورق ، وقبل أن امسك زمام نفسي ؛ أراها تأخذني بهيبة الحرف لتتبادر إلى ذهني كلمة عابرة أو جملة تفلت من قبضة الصمت تتوق أناملي لكتابتها فتذهب بي إلى عالم آخر فيه كم من الحروف المقيدة بسلاسل الكتمان ودهاليز اللابوح , أصبو إلى رسمها بخيال شخصٍ على قيد التمرد وبإحساس عالٍ متوقع منه النهوض .. لكن متى ؟ لا  اعلم ؟؟!

وما بعد الكلمة الأولى التمس تلك الأخرى الخجولة التي بالكاد ستقودني إلى بقية الكلمات ، وبعد ساعات طوال انسحب من التحدي وأعلن الاستسلام فانا لا افقه في نفسي أين تكمن تلك القوة التي يمكنها انتزاع ترددي وإنهاء إرهاق أناملي بحروفٍ خاطئة يغلب على كيانها التصحر والإهمال وبخط معتاد لحبر قلمي الأسود الذي يملأه البؤس والحرمان ، أبدا بالتوسل لأوراقي الباردة الحالمة أن تكون جزءاً مهما من سيقان نجاحي بعد أن كسر عمود شوقي واستكان عقلي لهواجس الحروف الهاربة !

بمن اتكأ ومن سيجبر هذا الانكسار ؟.. أيحق لي الصراخ على " القلم " ؟  كي يفيق من إغفاءته الطويلة ويصحوا لجماله الداخلي فهوا السيد الوحيد الصامت بقوة وجبروت وسطوته نافذة عليّ ، رغم عناده إلا انه الصديق الأوفى والرفيق الأمثل.. سأعد لاستكمال فرض الطاعة له ما يمكنني قولهُ حتى أُطمئن نفسي الوالهة وأصارح هيام القارئ بأني مازلت على قيد الحياة أشاطر رغيف خواطري المقيدة بداخلي وأبوح بها على هيئة حسرات بدل من كونها " كلمات "

أنا المغترب عن عالمي .. القابع في جوف الأمنيات أنتظر عودة تشعرني بالانتماء ونص أكتبه يذهل أوراق عجاف لأسطر عليها وفرة من الكلمات لتكون لي مؤونة الحياة .

 

بهاء الصفار