لا يمكن للذاكرة أن تتناسى بعض الذكريات.. مهما توالت السنوات ومهما دارت على الزمن محن وأزمات...

 

الحقائق تحفظها بطون الكتب والكثير من الوثائق الممزقة في أدراج السجون والمعتقلات التي كتمت خلف جدرانها عبرات وآهات وبقايا دمع ما زال يرفد محبرة الكاتبات؛ لتضج صفحاتهن بالحديث عن أنموذج نسوي خلفت وراءها منجزها الأدبي والفكري ومهرت مؤلفاتها بدم الشهادة.

بنت الهدى... لقب تناغم مع آمنة بنت الفقيه آية الله السيد حيدر الصدر, أبنة الفكر المتقد وسليلة المعرفة الحقة, حملت هذه السيدة الفاضلة على عاتقها هموم المجتمع آنذاك, ودأبت على بث رسائل التصويب والنصح من خلال مجاميع قصصية كتبتها بوعي ينم عن علوم عائلتها المباركة, وربطت خلاصة ما تعلمته مع مشاكل المجتمع المعاصرة؛ لتخاطب العقول بلغة تتسرب إلى القلوب وتستقر في الأذهان.

 

وجع الذكرى

غالبا ما تتفتق الجراحات في مواسم الذكرى... واليوم نشهد ذكرى رحيل تلك السيدة شهيدة إلى بارئها بعد مدة صارعت فيها أعتى أنواع العذاب وأشدها قسوة ووحشية, لتنحت بذلك صرح شامخ على أديم التاريخ عنوانه (المبدأ) الذي لولا تمسكها به لما أستحال موتها إلى خلود...

غابت شمسها عن الحياة لكنها بازغة مع كل كلمة مضيئة تضوعت من شذى قلمها ... انقطع وجودها عن الأعين ليستمر حضورها في القلوب..

هكذا يمكن للإنسان أن يعانق البقاء ... بأن يعي مفاد رسالته التي وجد من أجلها ويبحر في مديات الحق دون هوادة ..

بنت الهدى استدلت بحب الله على طريق النجاة.. وليتنا نستدل بها لننجو من ظلمات الدنيا وطرقها الموحشة .

ستعود ذكرى استشهادها كل عام لتطرق على وتر ألم الغياب.. وتعود اقلامنا للتبرك بسرد خواطر الفقد على صفحات الإياب...

 

إيمان الحجيمي