المرجعية تحذر من النظرة الدونية للشباب وتدعو الى ضرورة احترامهم واستثمار طاقاتهم وتكشف عن ابرز المخاطر والتحديات التي تواجههم

دعا ممثل المرجعية الدينية العليا خلال خطبة صلاة الجمعة التي اقيمت في الصحن الحسيني الشريف الى ضرورة الاهتمام بالشباب، مستعرضا المخاطر والتحديات التي تواجه جيل الشباب.

وقال الشيخ عبد المهدي الكربلائي اليوم الجمعة (26 /4 /2019)، ان جيل الشباب يمثل مكمن القوة والقدرة والنشاط والابداع والحيوية والعطاء للامة فضلا عن كونه مرتكز الاداء للوظائف والمهام الاساسية للحياة، لافتا الى ان الشريعة الاسلامية والمجتمعات الواعية المتحضرة اهتمت ببناء جيل الشباب والاعتناء بتربيتهم في جمع مجالات الحياة، الى جانب اعطاء الاهتمام الكبير في مجال تحصينهم  وحمايتهم من الانحراف والفساد والضلال.

واضاف ان ما يدلنا على اهتمام الشريعة الاسلامية بجيل الشباب وصلاحهم ان بعض الاحاديث اعتبرت الشاب الصالح في عداد اولئك السبعة الذين يظلهم الله تعالى بظله وجعلته يعادل الامام العدل.

واستعرض الكربلائي المخاطر والتحديات المعاصرة التي يمر بها جيل الشباب، مبينا ان من اهم المخاطر هو الغزو الثقافي والمعرفي والاخلاقي في جميع المجالات سواء في مجال المعارف الاساسية كالعقيدة والسلوك والاخلاق والقيم وكذلك في مجالات الحياة الاخرى كالتطلعات والعادات والتقاليد والتوجهات والاماني والرغبات والهوية التي ينتمي لها الشاب، مؤكدا على ضرورة ان يكون الشاب على معرفة ودراية بالثقافة والمبادئ والاهتمامات الصحيحة.

ولفت الى ان مكمن الخطورة يتركز بانفتاح الشاب الان على جميع الثقافات والمعارف من خلال التطور التكنولوجي في عالم الاتصالات مما جعله امام سيول عارمة من الثقافات والعادات والمعارف والاخلاقيات والقيم والتطلعات التي تضخ له في كل دقيقة من حياته، مشيرا الى ان الشاب بات يواجه كل ذلك وهو في مقتبل الحياة ولم ينضج بعد في مجال المعرفة ولم يخبر الحياة بصورة دقيقة وكاملة، مما قد يتعرض للاغواء والانخداع ببعض المعارف والثقافات من خلال الوسائل الكثيرة والجذابة والفاتنة التي تدفعه الى تبني الكثير من هذه الثقافات الضارة والخداعة.

وحذر الشيخ الكربلائي من خطورة شعور الشاب بالاحباط والضياع واليأس والقلق، مبينا ان الشاب اجهد نفسه واسرته حتى وصل الى مرحلة من العلم واصبح يمتلك قدرات مهنية وفنية ولديه طاقة من الابداع والتألق فيحاول ان يفرغ ثمار المعرفة ويوظف طاقاته في مجال نافع، موضحا انه حينما لا يجد شيئا من ذلك يضطر الى افراغ طاقته في امور ضارة لانفع فيها.

واشار الى ان العوز والحرمان المادي والعاطفي من المخاطر التي تواجه جيل الشباب، موضحا ان الشاب في هذه الفترة يشهد القمة في مسألة الغريزة والعاطفة ويحتاج الى اشباع حاجاته المادية والعاطفية وانه حينما لا يجد اشباعا بطرق محللة وصحيحة وبالخصوص اذا كان رفاقه من اصدقاء السوء فسوف يضطر الى اشباع حاجاته بطرق محرمة ومفسدة ومنحرفة.

ودعا ممثل المرجعية الدينية العليا الى ضرورة الابتعاد عن النظرة الدونية للشباب والتقليل من شأنهم، لافتا الى ان البعض يقلل من شأن الشباب اللذين لديهم طاقات وقدرات وابداع ومواهب، فينظر الانسان الكبير للشاب الذي هو في مقتبل العمر ليقارن مقدار علمه وكفاءته مع علم وكفاءة الشاب فيستصغر طاقاته خصوصا في مجالات العمل، مبينا ان هذه النظرة تؤدي الى قتل الطموح لدى الشاب وحرمان المجتع من امكاناته وطاقاته وابداعه، فضلا عن تحطيم نفسيته ومعنوياته.

وشدد على ضرورة ان تكون النظرة للشباب نظرة احترام، الى جانب العمل على استكشاف الطاقات والقابليات وتوظيفها بالشكل الصحيح.

ونبه الشيخ الكربلائي الشباب الى ضرورة الابتعاد من الاعتداد والغرور والرضا بالنفس، مبينا ان بعض الشباب يرى في نفسه ان يمتلك العلم والقدرة والموهبة فيغتر بنفسه ويجد ان ما يعتقد به هو الصحيح ولا يقبل باي نصيحة مما يؤدي الى وقوعه بمزالق خطيرة.

ولفت الى ان من المخاطر التي يقع بها الكبار هو عدم تبلور المفاهيم الصحيحة للحياة الحقيقية، مشيرا الى ان الكثير من الايات القرانية والاحاديث الشريفة تناولت مفهوم النجاح الحقيقي الذي يحقق السعادة والكمال للانسان من خلال مفردة (الفلاح).

واستدرك ان البعض يتصور ان النجاح الكامل والحقيقي للحياة يتحقق من خلال المال والبعض الاخر يتصور من خلال السلطة والبعض من خلال الجاه وكذلك الدراسة الاكاديمية، مبينا ان الدراسة الاكاديمية مهمة جدا ويعتمد عليها لتطور المجتمع ولكن ليس من الصحيح ان يكون توجيه الاهتمام للدراسة والعلوم واهمال المبادئ والقيم والاخلاق والنظرة الحقيقية للخالق والصانع والحياة الدنيا والحياة الاخرة والعادات والتقاليد والهوية والانتماء للمجتمع والامور اخرى التي من الواجب ان يفهما الجميع وبالخصوص الاولاد لانه من خلالها تتحقق الحياة الناجحة والسعيدة.

ودعا الكربلائي في ختام الخطبة الى ضرورة ان تهتم المؤسسات المعرفية والثقافية والمدارس والجامعات ووسائل الاعلام بالشباب لانهم العماد والامل في المسقبل ومركز القوة والنشاط والابداع للمجتمع.

ولاء الصفار

الموقع الرسمي للعتبة الحسينية المقدسة

gate.attachment