لون السماوات

إلى موسى بن جعفر كاظم الغيظ (صلوات الله عليه)

يا سَرِيَّا.. تـسَـرْبلَ الإخــــضــرارا      وقـوِيّـاً تَــــدَرَّع الإصـــطــبـــارا

قَـتَـلَـتْـنـي رسائـلُ الـــشــــوقِ لـمّـا      وَصَــــلَـــتْني على الهواءِ حِـوارا

يتحدّى صمتَ الــخـريـفِ ويـعـطي      لحيـاتـي ربـيـعَــهـــــا.. والنهارا

في دُروبٍ عُـكّــازُ مَــنْ سـارَ فـيها      جرحُ ظــمـــــآنَ واكـبَ الأبرارا

فَــتْـحُهُ روعةُ الـحــضــورِ.. بفجرٍ      أو بِــــــــلـيـلٍ يُــودِّعُ الأســـمـارا

حــيــنما يُتْرِعُ الـفـراغُ سفـــــــوحاً      وشـمـوسـاً تـقـــارَضـــتْ أذكـارا

وتراءتْ لـنـازفِ الـعـمـقِ حـــقـلاً      غَـسَـقِـيّـاً.. أعـيـادُهُ تــــتــــــبـارى

الأماني نـبـيــذُها.. فـي شــــتـــــاءٍ      أبـدعَ الـنـارَ ثَـــلــجُـهُ.. والـدُّاورا

وأنا الــحـــزنُ زاهــــداً في لثــــامٍ      قــد عـبـرتُ اسْــتغراقَها والمدارا

وافترضـتُ الــصــياغةَ المُتـخـطّي      صوتُها صحوةَ الرضا.. والعِثارا

خلفَ رقصِ الــبــندولِ خشيةُ قلبٍ      مِـنْ جــمــيــلٍ أرضى بهِ مُستثارا

يا كـوانـيــــنَ هـجـرتـي زمِّليـــني      لِأُعــاصـــي مـــــواقـداً وعـذارى

إنني جـاحـــــمُ الـهوى يـا ربــابـي      فـانــقــلــيـني.. وأسعِدي الأوتارا

وانـقـــشــيــنـي.. وأرِّخــي لربابي      مــا أفــاضــتْ.. وألـهبي التذكارا

هوَ إشـعــاعُ قـاربٍ.. فيـه حــــزنٌ      تــحـتَ جـسـرٍ يـعـانـقُ الانتظارا

وصــغـارٌ مُـعـفَّـرونَ بــطــيــــــنٍ      بـثـيـابٍ سـودٍ.. دَنَـوْا إصـــــرارا

وحشودُ الـتـمـثـيـــلِ مــن كلِّ لونٍ      لَـــبِـسـتْ.. وانـتضتْ هناكَ شِفارا

وازدحمنا وقـيـلَ جِـــيءَ بــموسى      مــوثَـــقًـاً.. خـلـفَـهُ الـعـدوُّ توارى

فَـعَـثـرنا بِحُـــزنِـــنــــا.. وَسَـكَـبْـنا      أدمــعَ الـعـشقِ.. والعيونُ حيارى

وســألــنــا الأهـلـيـنَ.. واليـومُ بُعدٌ      عـن مــهـــودٍ كُـــنّـا بِهنَّ سُكارى

فـيــمَ كانَ الـقـتلُ الذي قد تَـحَـــدّى      بـــنـصـالٍ زمـانَـــــنـا.. وأغـارا؟

عَـلَّـلـونـا بـمـا رَوَوْهُ.. فَــــــلُــــذنا      بـالـلـيـالـي تـضــــــمُّــنـا أسْـفـارا

أنـتَ مــولايَ فاكشفِ الضُّرَ عنّي      لأُلَـبّـيـكَ طـيِّــــبــــاً قـــــــد أشارا

لِـعـذابـي تـــهــجُّــــدٌ وانقــــــذافٌ      وَجَـدَ الـعشقَ – بــغـتـةً – إبـحارا

فأقـرَّ الـوجـدان فـي كـــل صُــبـحٍ      فَــجَّــرَ الـــصَّــــحْـوَ كُـلَّـهُ أنـهارا

وجـرى خـالِـعـاً عــلـى كُلِّ حَرْفٍ      كُــلَّ لــونٍ.. يُـضـاحِـــكُ المِعْمارا

يا ابنَ كُـل الـمُسْتكمَـلـيـنَ بـنـــــاءً      لَـدُنِـيّـا.. والـشــــــاهـقـيـنَ نِـجـارا

هلْ حـقـيـقٌ يـا ابـنَ الضياءِ لِمِثلي      أنْ يُــحَــيّــي وأنْ يـصـيرَ هزارا؟

وأنـا الـمُـمْـحِـلُ الــذي عَـــقَّ ظِلّا      ورحــيـقــــاً.. وغاضَبَ الأشجارا

أنتَ موسى بنُ جعفـرٍ.. هـل أُلَقّى      آيـةً مــنــكَ تـصـفــــعُ الإنـكــــارا

أنت موسى بن جـعفرٍ.. ليسَ حـقّاً      أنْ أحـــابـي تَـسَرُّعاً.. واختِصارا

أنت موسى بنُ جعفرٍ فَصْلُ نفسي      حــيــنَ تــأوي إلى الفصولِ فنارا

أنت موسى بنُ جعفرٍ، حـقلُ طفلٍ      فـي ضــمــيــري. يُعانقُ الأستارا

أنت مـوسى بن جعفرٍ أمنُ يـومي      وغــدي حــيــــــنَ أعبُرُ الأطوارا

وأُنــقّــي عقــيـدتـي مــــن رُكــامٍ      عـاثَ فـيـنـا.. وزادَنـــــــا أكـــدارا

أنت موسى بن جعفر ويحَ سمعي      وَهْــوَ يُــعــطــــي حداثةً. وابْتكارا

ثــمَّ يـغـفـو عـلـى الـقـديـمِ هـروباً      فــي تـخـومٍ تُـغـربِـلُ الـمِــعــيــارا

أنت موسى بـن جعفر.. يا هوائي      ومـيــــاهـي.. وعــاصـــفــاً دَوّارا

وَهْـجُـكَ الـيـومَ بـرزخٌ.. عَـطّرَتْهُ      نــفــحــاتٌ أوْهَــتْ بُنًى.. وَ جِدارا

وَمَـشَـتْ بابنِ شاهكٍ نحوُ ضَـنْـكٍ      عَــلَّ ثُــقْــــــبــاً يُـغيثُ.. أو أشبارا

يـا كـيـانـاً مِـنَ الأريـــجِ وَظِــــلًا      مِـنْ سَـمـاحٍ.. يُـرقِّــــقُ الأشــعـارا

سـيِّـدي وابـنَ سيدي.. وابنَ نَدْبٍ      قـصمَ الـكُـفـرَ قــــاحِــــمـاً كـــرّارا

قُلْ لِرَعْدي.. أو صَيِّبٍ فيـهِ رعدٌ      أنْ يُـرَوّي خــــواطِـــراً أبـكـــــارا

يا حـبـيـبـي ويا أمـيــرَ مــديـحي      ومُـنـيـبـاً بـأصْـغَـــــــــــرَيَّ وِقـارا

هُـوَ قـلـبـي.. وفـلـذةٌ .. وَحُـطـامٌ      مِـنْ مَـتـاعٍ هَــــــــــشٍّ يُـعَـدُّ غُـبارا

سيّدي.. كلُّ ذا فِـداؤكَ فـابـــعـثْ      لـلـخـطــــيـئاتِ شــــافــعاً.. غـفّارا

واســـألِ اللهَ ضَـفَّــــةً لـلـقـوافــي      وأنــاةً.. وسَـكـرةً.. وازدهـــــــارا

ألفُ مَرْحى لِمُنـشِدٍ فـيـكَ بــيــتـاً      صـــارَ فــي الـشِّــعْرِ واحداً قهّارا

أحمد عبد الصاحب

gate.attachment

: أحمد عبد الصاحب