العيد نقطة انطلاق الصائمين في بناء النفس الانسانية

قد يظن بعضهم أنّ العيد هو فرحة تولدت نتيجة اكتمال الشهر وختام الإمساك عن الأكل والشرب !!.

لا شك ولا ريب ان فرحة العيد ترتسم على وجوه الصائمين من المؤمنين ولكن ليس كما ذهب إليه ذلك البعض, بل لفرحتهم أبعادا خاصة ومفهوما يحكي عن وجود فرق شاسع بين الفرحتين.

ولو نظرنا الى واقع الحال وعكسنا ذلك الظن؛ لبان لكل ذي لب أنّ العيد في حقيقته بداية لتطبيق ما تعلمه الصائمون في مدرسة الشهر الكريم, ونقطة انطلاقهم في بناء الضمير الانساني وتزكية النفس.

والعيد بمفهومه اللغوي هو: كل يوم فيه جمع، واشتق من (عاد) (يعود) كأنهم عادوا إليه، وجمعه أعياد. وقيل: اشتق من العادة لأنهم اعتادوه.

قال الأزهري: والعيد عند العرب  الوقت الذي يعود فيه الفرح والحزن.

وقال ابن الأعرابي: سمي عيداً لأنه يعود كل سنة بفرح مجدد (انظر مادة (عود) في القاموس (386) و اللسان (9/461) وتاج العروس (8/438).

وأما مفهومه الاصطلاحي: فهو اسم لما يعود من الاجتماع العام على وجه معتاد, عائد: إما بعود السنة، أو بعود الأسبوع أو الشهر، أو نحو ذلك, روي عن الإمام الرضا عليه السلام قوله : «إنما جعل يوم الفطر العيد ليكون للمسلمين مجتمعا يجتمعون فيه ويبرزون لله عز وجل فيمجدونه على ما من عليهم ، فيكون يوم عيد ويوم اجتماع ويوم فطر ويوم زكاة ويوم رغبة ، ويوم تضرع ، ولأنه أول يوم من السنة يحل فيه الأكل والشرب ، لأن أول شهور السنة عند أهل الحق شهر رمضان ، فأحب الله عز وجل أن يكون لهم في ذلك مجمع يحمدونه فيه ويقدسونه) .[وسائل الشيعة].

والعيد قبل أن يكون موروثا اجتماعيا فهو مناسبة دينية يجتمع فيه الصائمون لنيل جوائزهم كما عبّر عنه الإمام السجاد عليه السلام, فقد ورد في الفقيه، عن جابر، عن الإمام الباقر (عليه السلام) عن أبيه (عليه السلام) أنّه قال: إذا كان أوّل يوم من شوّال نادى مناد أيّها المؤمنون أغدوا إلى جوائزكم. ثمّ قال: يا جابر جوائز الله ليست كجوائز هؤلاء الملوك. ثم قال: هو يوم الجوائز.

فجوائز الصائمين – كما في الرواية أعلاه - موعدها العيد, في هذا اليوم ينال كل صائم مناله أو جائزته وهذا يقتضي حضوره في الزمن المحدد – أي يوم العيد – مع بقائه مستمرا على ما كان عليه, فان كان ممن فرح بانتهاء شهر الصوم وان العيد عنده ليس الا اشعارا للأكل والشرب واللهو واللعب, وكأنه أعطي الضوء الأخضر لانتهاك ما أمسك عنه طيلة الشهر, وبعبارة أخرى: كأن الذي حرم عليه في الشهر ابيح له ارتكابه في يوم العيد وعاد كسابق عهده قبل صيام الشهر الكريم, فذلك ممن حُرِمَ التكريم ونيل الجائزة.

جعلنا الله وإياكم ممن يتخذ يوم العيد انطلاقة لصلاح دينه وإصلاح أخرته.

 

الكاتب: السيد مهدي الجابري

gate.attachment