267 ــ عبد الكريم الكربلائي (1305 ــ 1385 هـ / 1888 ــ 1965 م)

عبد الكريم الكربلائي (1305 ــ 1385 هـ / 1888 ــ 1966 م)

قال من قصيدة في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) تبلغ (29) بيتاً:

بعدمـا أن شيَّدوا في (كربلا)      لـمــن اسـتـهـدى مـناراً ومزارا

فثووا ــ أفديهمُ ــ فوق الثرى      كـبــدورٍ فـيـهـمُ الـكـونُ استنارا

فـغـدا شـبـلُ عـلـيٍّ مــفـــرَداً      بين قومٍ في هوى الغيِّ سكارى (1)

وقال من حسينية أخرى تبلغ (30) بيتاً:

لـم يـكـنْ فيما حـوا     هُ الكونُ مذ قالوا: بلى

كحسينٍ حازَ فـخراً      فـي رزايــــا (كربلا)

ما لوى للذلِّ جـيداً      لا ولا أثـنـــــى الوتين

لم يخفْ شبلُ عليٍّ      غـيـر ربِّ الــــعالمينْ

لدعاةِ الجورِ ذعـناً      قـط مـا مـدَّ يـمــــيــنْ

بيدَ أن مُدَّتْ لـربِّ      الكونِ أوقاتُ الـــصلا

وقال من قصيدة بمناسبة تجديد قبة أبي الفضل العباس (عليه السلام) تبلغ (25) بيتاً:

قـبَّـةٌ صِيغتْ من التبرِ على      مرقدِ الساقي عطاشى (كربلا)

هـيَ لـلـوفَّـادِ مـن بعدٍ تلوحْ      كـلّـمـا يـأتـي جـديـدٌ ويـــروحْ

هيَ قلبٌ للموالي هيَ روحْ      فـبـهـا الـتـبـرُ تـجـلّــى وحـــلا

الشاعر:

الشيخ عبد الكريم بن محمد علي الكربلائي الملقب بـ (أبو محفوظ) و(الحائري)، شاعر وخطيب ولد في كربلاء كان معلماً يلقي دروسه في العلوم الدينية والعربية في صحن أبي الفضل العباس (عليه السلام).

نشأ الكربلائي على حب العلم والأدب فدرس في بداية حياته على يد أعلام كربلاء من العلماء والأدباء أبرزهم: العلامة الكبير السيد مهدي القزويني. وهو يكتب الشعر بالفصحى والعامية وقد صدر له ديوان باسم (المنظومات الحسينية) بثلاثة أجزاء.

توفي الكربلائي في كربلاء ودفن في الروضة الحسينية المطهرة. قال عنه السيد سلمان هادي آل طعمة: ومما هو حري ذكره أن ظاهرة أدب الرثاء تطغى على شعره، ذلك الشعر الذي يتصف بحسن انسجام ورصانة تركيب وفن مبتكر ... فهو الفارس المجلّى في ميدان المأساة

شعره:

قال في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام):

مُذ حسينٌ حـلَّ بـالـطفِّ سما      فـلـكُ الـمـجـدِ جــلالاً وافــتـخـــــارا

فـدعـا فـتـيـتَــه فــابـــتــدروا      كـأسـودٍ بـهـمُ الـمـوتُ اسـتـجـــــارا

فـأجـابـوهُ وفـي أيـمــانِــهـــم      جـرَّدوهــا لـلـطـلا بـيـضـاً غـــرارا

لم يزلْ يـخـطـبُ فـيهمْ قـائـلا      لِـمَ لا تــرجـــونَ للهِ وقـــــــــــــارا

أولستُ ابنَ النبيِّ الـمـصطفى      وأبـي الـكـرارُ حــقــاً لا يُــجـارى

إذ رآهـمْ لا يـديـنـونَ الــهـدى      وقـد انـهـالـوا عـلـى الـكـفـرِ بدارا

فـانـثـنـى ينظرُ في شرعِ الإبا      ويرى الصبرَ على الضيمِ صَغارا

لـقـد اسـتـلَّ حُـسـامـاً قـاطـعـاً      أوردَ الـقـومَ بـمـاضـيـهِ الـــبــوارا

يـا لـه مـن مـرهـفٍ يـومَ اللقا      بـحـشـا الأقـدارِ قـد ألـقـى انـذعارا

صـاحَ والـنـصـرُ عـلـيهِ حائمٌ      أيـنـمـا دارَ شـــبــاهُ الـقـضـبُ دارا

فكأنَّ الـسيفَ في غابِ الردى      أرقـشٌ يـنـفـثُ مـن فـيــهِ الـشرارا

فــتــنــادوا إذ رأوا صـولـتَــه      مـن أخـي الأقـدارِ يـا قـومَ الحذارا

تـخـذوا الـبـيـداءَ مـنجـىً لـهمُ      وغـدوا مـــنــه يـولـــــون فـــرارا

بعد ما أعطى المـعـالي حـقَّها      تـخـذَ الـمـوتَ دلاصــاً وشــعــارا

فهوى شمساً على وجهِ الثرى      ألـبـسَ الأفــقَ ظــلامــاً وســرارا

وا طريحاً فجَّرتْ مـنه الـظـبا      لــلـهـدى أعـيـنَ رشـــدٍ وبــحـارا

وا ذبـيـحـاً مـذ رأتـه زيــنـبٌ      فـغـدتْ بـالـتـربِ حـزنـاً تـتــوارى

وتـنـادي جـدَّهـا خيرَ الـورى      فـعـلـيـكَ اللهُ قــد صــلــى مـــرارا

ذا حسينٌ جسمُه فوق الـثـرى      في هجيرِ الشمسِ مُلقىً لا يُـوارى

وله قصيدة في السيدة زينب (سلام الله عليها) تبلغ (46) بيتاً يقول في مطلعها:

أيـهـا الـقاصدُ زينب      خُـذ لـها مني سلاما

قِفْ ونُحْ وابكِ بدمعٍ      سائلٍ يحكي الغماما

ويقول منها:

زهرةٌ روضُ الـكرامة      لا كـأزهـارِ الرياضْ

هـيَ لــلـديـنِ دعــامــةْ      رفعُها دون انخفاضْ

نـطـقُــها نطقُ الإمامةْ      هيَ دونَ الإعتراضْ

أنْ أقــلْ تـحـكـي أباها      هـيـبـةً، بأساً، كـلاما

هـيَ نــورٌ قــد بـراهـا      اللهُ مـن نـورِ الـنـبوَّة

هـيَ أخــتٌ لابـنِ طـهَ      الـسـبـطِ كـفؤٌ للأخوّة

لا تــفـوتـــنَّ ولاهــــا      حـيـثُ لـلإيـمـانِ قـوّة

كُـنْ لها عبداً خـلـيصاً      إنَّكَ لا لــنْ تُـضــامـا

أمُّ عــونٍ ومــحـــمَّــدْ      بـرجُ أنـوارِ الأهــلّـة

قبرُها السامي المُمجَّدْ      ضـمْ فـيه الصبرَ كلّه

كعبةٌ حزنٌ ومـقـصـدْ      لـلـمـوالـي بـــأدلّــــة

إنَّـهـا مـن بـيـتِ قدسٍ      لا يـزالــون كــرامـا

ويختمها بقوله:

إيـهِ يـا بـنـتِ عــلــيٍّ      كـم لــكِ مــن حسراتْ

لـقـتـيـلٍ هــاشــمـــيٍّ      طاحَ في أرضِ الفراتْ

ولـسـبـطٍ أحــمــــديٍّ      كـمْ أسـلـتِ الـعـبـراتْ

حـيـن شاهدتِ أسوداً      فـي ثـرى الطفِّ نياما

وقال من حسينية:

يا ابنَ بنتِ المصطفى      يـا رحـمـةً لـلـعالمينْ

قـد نـعـاكَ في السماوا    تِ العُلى روحُ الأمينْ

يا قتيلاً قد نعاك الله يـا بـابَ الـنـجاةْ

قد بكاكَ الجنُّ والأنسُ وكلُّ الكائناتْ

عـجـباً تُذبحُ ظمآناً إلى جنبِ الفراتِ

وبقي جسمُكَ مُرمـى

لسيوفِ القومِ طـعما

كـلّـمَـا رمـوهُ سـهما

وأصـابـوك أصابوا

قلب خير المرسلين

وقال من قصيدة في أبي الفضل العباس (عليه السلام):

كمْ له من وقفةٍ يـومَ الـلقا      دونَ دينِ اللهِ عـند الملتقى

سـيـفُـه الـفـتَّـاكُ لـمَّا برقا      أمـطـرَ الـجـوُّ دمـاءً وابلا

مـلـكَ الـنـهرَ وفيه غرزا      علمَاً للدينِ أضحى مركزا

فبقي ذاكَ إلى يومِ الجـزا      في ذرى القبَّةِ دوماً رافلا

وله أبيات مشهورة نقشت على مقام وقوف الإمام الحسين (عليه السلام) مع ابن سعد ليلة العاشر من محرم وهذا المقام في يقع في محلة باب السلالمة يقول فيها:

إنَّ الـحـسـيـنَ هــاهـنـا      مـعَ ابـنِ سـعـدٍ أعـلـنا

فـي قـولـهِ مُـسـتـفـسِراً      لِـمَ الـقـتـالُ بــيــنــنــا

مـا جـئـتُ من تلقاءِ نفـ     ـسي ما تركتُ الوطنا

لـقـدْ أتــتــنــي كــتــبٌ      مِـن هـؤلاءِ الــلــعــنـا

يا ابنَ النبيِّ المصطفى      إنَّ الـفـضـا ضـاقَ بِنا

غـيـرُكَ لا نـهـوى ولا     سـواكَ نـرضـى مَأمنا

لـمَّـا أتـيـتَ نـقضوا الـ     ـعـهـدَ ورامُـوا الـفــتنا

وضـيَّـعـوا ديـنَ الـنبيِّ      الـمـصـطـفـى والـسُننا

والآنَ إنِّـي يا ابـنَ سعـ     ـدٍ قـد أتـيـتُ مُـعـلــنـا

فـإن كـرهـتـمْ مـوطني      ذروني حـتـى أضـعنا

إلى الـحـجـازِ أو إلــى      يـثـربَ إمَّـا الــيـمــنـا

أو أيـنَ مـا شـــــاءَ الإ     لـهُ اتـخـذهُ مــوطــنــا

فـكـلّـمـا أرشـــــدهـــمْ      مـا زادوا إلّا ضــغـنـا

وبـقـيـتْ أنـــــــــوارُه      دومـاً تُـنـيـرُ الأزمــنـا

.......................................................

1 ــ ترجمته وأشعاره في شعراء كربلاء ج 3 ص 81 ــ 92

 

gate.attachment