217 ــ علي البازي الخفاجي (1305 ــ 1387 هـ / 1887 ــ 1967 م)

علي البازي (1305 ــ 1387 هـ / 1887 ــ 1967 م)

قال من قصيدة في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) تبلغ (43) بيتاً:

الحقُّ في (كربلا) والباطلُ اصطدما      كلُّ يحاولُ أن يحظى بما رسما

فالحــــــــــقُّ بين طغاةِ البغي منفردٌ     والبغـيُ هذا له أنـصارُه العظما

وأوحد الحــــــــــقَّ إمَّا عزَّ نـاصرُه     عـلـى مناوئِه إن جارَ أو ظـلـما (1)

وقال من حسينية أخرى تبلغ (23) بيتا:

وبها أعِيد لـ (كربلا) من أسرِها     فـكــــــــــأنـهـا والـنائباتُ بموعدِ

لــم أنسَ زينبَ إذ دعتْ سكّانَها      هل تعلمونَ بجثةِ الظامي الصدي

باللهِ هــلْ شِيلت جـنـازتُـه التـي     بــــــقيت على حرِّ الثرى المتوقّدِ (2)

الشاعر

الشيخ علي بن حسين بن جاسم بن إبراهيم بن محمد بن نصيف بن خليل بن جاسم بن سلطان بن علي الخفاجي المعروف بـ (البازي) نسبة إلى جد الأسرة الأعلى (3)، شاعر وأديب وخطيب ومؤرخ ومجاهد، ولد في النجف الأشرف وفيها درس مبادئ العلوم الدينية، وتنقل بين مدينتي الكوفة وطويريج، وتعلم الخطابة في مجالس آل القزويني ودرس على يد علمائهم الأعلام منهم السيد محمد باقر بن علي القزويني الموسوي، والسيد عبد الأمير الفلوجي حتى أصبح خطيباً مشهوراً وشاعراً معروفاً.

تنقل البازي بين مدينتي الكوفة وطويريج، وكان يسعى في قضاء حوائج الناس ويتمتع بأخلاق عالية وروح عذبة ومنطق جميل، كما كانت له مواقف وطنية مشرفة في ثورة العشرين ضد الإحتلال الإنكليزي من خلال منبره الذي كان له صدى كبير وخاصة في منطقة الهارثة في مدينة البصرة والمشخاب حيث كان يقرأ مجالس العزاء في شهري محرم وصفر وشهر رمضان، وله قصائد ملحمية يستنفر فيها همم المجاهدين الثوار ضد الإنكليز. (4)

ومن أشهر قصائده في الثورة العراقية الكبرى ملحمة تبلغ (102) بيت دوّن فيها معارك الثوار ومواقعها وزمانها وذكر اسم رجالها الأبطال في الجنوب والفرات الأوسط ومواقفهم المدهشة يقول منها:

قِف بالرميثةِ واسأل ما جرى فيها     غـداةَ ثـارتْ بـشـوالٍ ضـواريـهـا

وعن سواعدِها قد شمَّرت وقضتْ     أن تستعيدَ بماضي العزمِ ماضيها

الله أكبرُ من أقصـى الـبـحـارِ لـها     تـغـزو الغزاةَ وتحظى في مغانيها (5)

قال الخاقاني: (والبازي وطني الروح والفكرة، ومواقفه في الثورة معروفة كما أنها تبلورت خلال الحكم الوطني، ولقد امتلأ ديوانه بالقصائد التي هي أشبه بالعرايض طالب فيها المسؤولين بمعالجة الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية، وقد ناصر الفكرة الحزبية في بادئ الأمر فانتمى إلى الحزب الوطني بزعامة جعفر أبو التمن وكان الفرع الذي تأسس في الكوفة صداه وصرامته، والبازي فيه هو الشاعر الجريء) (6)

برع البازي في التاريخ الشعري وقد ذكر الخاقاني له كثيراً من تواريخه الشعرية (7)

وله من المؤلفات

ديوان شعر بالفصحى

ديوان شعر بالعامية: بجزأين

كتاب وسيلة الدّارين الكبرى في رثاء عليّ والزهراء والحسن وأبي عبد الله الحسين: بجزأين

كتاب أدب التاريخ (8)

قال عنه الشيخ محمد هادي الأميني: (خطيب جليل، وشاعر مجيد، وأديب فاضل، ومؤرخ ناظم مكثر، وأحد أعلام أدب التاريخ). (4)

وقال عنه السيد جواد شبر: (أديب لوذعي وشاعر شهير ومؤرخ كبير امتاز بنظم التاريخ الأبجدي.... والبازي شخصية وطنية واكبت الحكم الوطني والثورة العراقية من بدايتها فقد رصد احداثها وأرخها بالشعر الفصيح، وكان حديثه ملذاً لا تفوته النكتة والظرافة ويكاد جليسه ينسى نفسه لخفة روح الشيخ البازي وعذوبة حديثه وشارك في الحلبات الأدبية وساجل الأدباء والشعراء فكان له القدح المعلى وقد قضى شطراً من عمره يسكن (الكوفة) وكان لسانها المدافع عن حقوقها في كل المواقف وممثلها في أكثر المناسبات، أحبه كل من عرفه وامتزج بمختلف الطبقات) (10)

شعره

قال في مدح رسول الله (صلى الله عليه وآله) من قصيدة تبلغ (41) بيتاً:

أبدرُ الهدى أم وجـــــــــــهُه قد تشعشعا     وكـانـتْ لـه أبـراجُ مـكّـةَ مَـطـلـعا

كسا الأرضَ ضــــوءاً وابتهاجاً ورونقاً      وعرفُ شذاها في فضاها تضوَّعا

بدا وبـهِ شـمــــــــــــسُ الحقيقةِ أشرقت     وغـيـهـبُ غـيِّ الـمـشـركينَ تقشّعا

تجلّى بإكـلـيـلِ الـمـلـوكِ مــــــــــــتوَّجاً     وإكـلـيـلـه بالـنـصـرِ كـان مرصَّعا

هوَ الرحمةُ العظمى إلى الخلقِ أرسِلتْ     يــــــــفوزُ بما يرجو به من تذرَّعا

إلــــــــــى الثقلينِ الأنسِ والجنِّ قد أتى     يـبـلّـغُ أحــكـامَ الـمـهـيـمـنِ أجـمـعا

براهُ تعالــــــــــى الله من خيرةِ الـورى     لـه وارتــضـاهُ شـافـعـاً ومُـشـفِّـعـا

نبيٌّ رقى أوجُ السمـــــــــاواتِ وارتقى     إلـى رتـبـــةٍ كـانـت أجـلَّ وأرفـعـا (11)

ومنها في أمير المؤمنين (عليه السلام)

فصدَّقه فـيـمــــا ادّعـاهُ وصـيُّـه     عـلـيٌّ فـأعـظمْ بالـرسولِ وما ادَّعى

وفاداهُ في ليـــلِ المبـيـتِ بنفسِه     من الخصمِ إذ لم يبقَ للقوسِ منزَعا

وأدّى عن الهـادي براءةَ للعدى     ولـم يــــكُ رعـديـدَ الـفـؤادِ مُروَّعـا

مـواقـفُـه الجُـلّـى بـبـدرٍ وخـيبرٍ     وأحدٍ أصــــارتـه الـكمـيَّ السميدعا

ويومَ حنينٍ فيه والخندقُ انتهتْ     مـقـاومـة الأقـــرانِ لـمَّـا لـهـا سعى

قـبـائـلُ يومِ الفتحِ حينَ تجمَّعتْ     بـصـارِمِـه مـجــــمـوعُها قد توزَّعا

فـأولاهُ طـهَ يـــــومَ خـمٍّ ولايـةً      وصـيَّـرُه الـمـختارُ لـلـخـلـقِ مفزعا

وقـال لـهـم بعدي عليٌّ إمامكم     ومـولاكـمُ طـرَّاً ونـادى وأسـمــــعـا

وقال في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) من القصيدة الميمية التي قدمناها:

قد جـــــاهدوا دونه بالطفَّ حين رأوا     وجودَهم بعدَه بـــــــينَ الملا عَدَما

جــــادوا بأرواحِهم للحقَّ واعتصموا      بنهضةٍ فاز مَن في حبلـها اعتصما

وأضرموا نارَ هيجاءٍ بها اضطرمتْ      قلوبُ أعدائهمْ من وقــــدِها ضَرَما

بها شهيـــــدُ الإبا سبطُ الرسولِ نضا     من عـزمِه مرهفاً مذ بأسِها احتدما

فـجـبَّ غـــــــــاربَـها واجتاحَ فـيلقَها     وقال يا صارمي كُنْ حـــاكماً حلما

تذكّرتْ فيه (صـــــــــفّـينـاً) وموقفه     وكيف للجيش فرداً صــالَ واقتحما

ومنها:

نفسي الفداءُ لِمَن ضحّى بأســـــــرتهِ      والصحبُ دونَ الهدى من قادةٍ كرما

أثارَها في عراصِ الــــــــطفِّ ثائرة     بـهــــــا اسـتـعادَ إباءَ الحقِّ والشمما

قد قاومَ القومَ ظمآناً عــــــــلى سغبٍ     يا مـــــن رأى واحداً قد قاومَ الأمما

لله فـرداً أعــــــــــــزَّ الـدينَ سـاعدُه     وقــد أذلَّ طـــــغــاةً تـعبـدُ الـصـنـما

شـــــــــــهمٌ أقـامَ بني الدنيا وأقعدها      والإنس والجــنُّ حزناً دمعُها انسجما

لـمّـا أتـى مـفرداً يـنعى أحــــــــــبَّته     وطـرفـه لـذويــــه والـوغـى انـقسما

وأحدقوا فيه والطفلُ الرضيعُ قضى      في حجرِه حينــــــما بالسهمِ قد فطما

وفوجــــــــئ العالمُ العلويُّ في جلل      أبكى السمواتِ والكــــــرسيَّ والقلما

غداة نادى حسين وهـــــــو منجدلٌ      هيا اقصدوني بنفسي واتركوا الحُرما

وقال من قصيدته الحسينية الدالية التي قدمناها:

يا عـائـــــدونَ بـرأسِ سـبـطِ مـحمدٍ     كي تودعوهُ وجســـــــمَه في مرقدِ

مـهـلاً دعـــوهُ يـسـائـلُ الـجسدَ الذي     فـصـلـته آلُ أمـــــــــــيـةٍ بـمـهـنـدِ

ماذا جـــرى بعدي عليكَ من العدى     لما بـقـيـــــــــتَ وأنـتَ غيرُ موسَّدِ

وكــــــــــأنّما الجسدُ الشريفُ يجيبُه     من بعدِ قطعِ الرأسِ قد قطعوا يدي

وغدتْ على صدري تجولُ خيولُهم      عـــــمداً تروحُ إلى الطرادِ وتغتدي

وتركتُ مــــن فوقِ الصعيدِ مجرَّداً     ظــــــــامٍ وحـرُّ حـشـاشتي لم تبردِ

يا دافني رأسَ الـــــحـسـيـنِ بـقبرِهِ     رفـقـــــــــاً بـجـسـمٍ بـالـسيوفِ مُبدَّدِ

وتـريّـثوا حـتـى تـقــــــيـمُ مـنـاحـةً     مـن فــــــــوقِ حـفـرتِـه بناتُ محمدِ

...............................................................

1 ــ موقع شعراء أهل البيت / ذكر منها (14) بيتاً في أدب الطف ج 10 ص 215 

2 ــ الإمام الحسين في الشعر النجفي ج 1 ص 407 ــ 408

3 ــ شعراء الغري ج 6 ص 363

4 ــ نفس المصدر ص 364

5 ــ نفس المصدر ص 413 ــ 418

6 ــ نفس المصدر ص 368

7 ــ شعراء الغري ج 6 ص 373 ــ 387

8 ــ نفس المصدر ص 372

9 ــ معجم رجال الفكر والأدب في النجف ج 1 ص 200

10 ــ أدب الطف ج 10 ص 215 ــ 216

11 ــ شعراء الغري ج 6 ص 401 ــ 402

كما ترجم له:

رسول كاظم عبد السادة / موسوعة أدباء إعمار العتبات المقدسة ج 2 ص 302 ــ 313

كامل سلمان الجبوري / معجم الأدباء ج 4 ص 258

الحاج حسين الشاكري / علي في الكتاب والسنة والأدب ج ٥ ص ١٤٤

gate.attachment

كاتب : محمد طاهر الصفار