الخطبة الثانية لصلاة الجمعة بإمامة السيد احمد الصافي في 16/رجب الاصب/1438هـ الموافق 14 /4 /2017م

 

اخوتي اخواتي اعرض على مسامعكم الكريمة الامر التالي :لاشك ولا ريب كما لا يخفى عليكم ايضاً ان المجتمعات عموماً..اتحدث عن كل مجتمع يسعى دائماً لتوفير حياة حرة كريمة..من خلال تنظيم اموره وفق معايير يحفظ فيها حياة افراده واسره حتى تنعكس ايجاباً على عموم المجتمع واليوم المجتمعات المتحضرة هي المجتمعات التي تعطي قيمة حقيقة للإنسان بما هو انسان.طبعاً حديثنا حديث اجتماعي يعني لا يرتبط بجهة سياسة او بموضوع سياسي او ننظر الى مجتمع بعينه وانما نتكلم عن امور عامة.. نعم قد تنعكس على مجتمعنا باعتبار اننا نريد ان نحصل على حالة مثلى لأن ذلك من حقنا ان نعيش في حالة اجتماعية وحالة تحضرّية نسعد بها جميعاً وفق معايير تنسجم معنا..من المسؤول عن ذلك قد في اثناء الكلام يأتي بعضه.. طبعاً هذا البلد بلد متجذر وبلد له عمق تاريخي وارث حضاري، فعندما نتكلم عن حالة التحضر انما نعني بها اننا وفق جميع المعايير نمتلك هذه الحالة .. لكن هذه الحالة تحتاج الان الى اعادة نظر لأن بعض مفاصلها قد غابت ونحن نريد ان نرجعها وهي ليست من الامور المعقدة والصعبة بقدر ما هي من الامور التي تحتاج الى تكاتف وتحتاج الى خلق جو جميعنا يكون مسؤول عنه..كل الانظمة التي لا تتقاطع مع مبادئ معينة ومع قيم معينة..انا اتكلم عن الحالات التي نريد ان ننظم او كانت تنظم انفسنا كمجتمع متحضر.. ومن حق الانسان ايضاً ان يرى مجتمعه في حالة تقدم وازدهار دائماً،هذا شيء لا يمكن لأحد ان يعيبه علينا..بالعكس لابد ان نحن نصرّ عليه ونسعى له..ما المقصود ؟الان عندما نريد ان نربي ابنائنا كيف نربيهم سواء كنّا في المدرسة او في المحلّة او في المعمل..على ماذا لابد ان نربيهم ؟غير الالتزامات الخاصة بنا دينياً اوعرفياً .. انا اتكلم وفق هذه الرقعة الجغرافية التي اشرنا لها انها تحترم الانسان بما هو انسان... امير المؤمنين (عليه السلام) عندما كتب العهد لمالك الاشتر جعل هذا المعيار معياراً مهماً عندما عبّر عن (الناس صنفان اما اخ لك في الدين او نظير لك في الخلق)، لم يُكرم الاول على حساب الثاني ولم يُهن الثاني على حساب الاول، وانما هذا معيار مهم للتعامل.. انا لابد ان اربّي ولدي الان على محبة الاخرين، اربّي ولدي الان على ان يهتم بالأنظمة التي تنعكس ايجاباً علينا..مثلا ً الان كلنا يتضايق من عدم وجود جو يلائم الوضع الصحي، كلنا نتضايق من هذه المسألة لكن من منّا الذي يسعى لأجل ان يطرح مفهوماً حقيقياً له علاقة بالبيئة.. قد احد يقول هذا الكلام الان كلام في غير وقته.. نحن عندنا مشكلة اخواني مشكلة معقدة.. انا اتحدث عن حالة قد تكون فردية من جهة ولها الانعكاسات الاجتماعية العامة من جهة اخرى.. لماذا نضحي بأشياء قد تكون هي اساسية عندنا..لماذا نريد المواطن بما هو مواطن نريده ان يكون محترماً ولا نسعى جميعاً لزرع هذه الحالة الاحترامية .. انا عندما اسمع وتسمعون يأتيك فلان يتحدث عن مجتمع اخر في مقام الفخر يقول: يحترمون الانسان بشكل غير طبيعي.. انت في داخلك تتمنى ان تكون هذه الحالة عندك لكن لماذا لا تكون؟! من المسؤول عن عدمها؟! ألسنا امّة متحضرة؟ ألسنا امّة لنا جذورنا واصالتنا؟ من المسؤول عن هذا التشتت؟ ألسنا امّة فيها شجاعة؟ ألسنا امّة فيها ابطال؟ ألسنا نحن امّة فيها فتية ممكن ان يبنوا هذا البلد؟ ستقول نعم ثم نعم ثم نعم.. اذاً اين المشكلة ؟حقيقة الدولة بمفهوم الدولة والكلام غير سياسي..اقصد الدولة بمفهوم الدولة قطعاً لها التزامات ازاء بقاء التحضّر على شعبها ولها انعكاسات سلبية لو اساءت ذلك..كل القوانين التي تخدم هذه المجتمعات لا تجد لها تطبيقاً ..لا يمكن ان نتحول من امّة مجرد ان تكتب على الورق بلا ان تجد صدى ذلك على الارض.. لماذا الجار غير محترم ؟ لماذا ضوابط معينة توضع وسأذكر نماذج منها..الجميل في ذلك ان بعض القوانين يستهزيء بها..مثلا ً شخص توفي في حادث اخذوه الى المستشفى وبدأ التحقيق..قال جزء من سبب الوفاة و الاعمار بيد الله لكن كان في السيارة مثلاً ولم يربط حزام الامان، لماذا لم تربط حزام الامان، قال الناس تستهزئ بي.. عندما لا التزم بضابطة تحمي حياتي..صاحب الدراجة النارية شباب الاب قد لا ينصح وفورة الشباب.. بلحظات يفقد حياته.. لا الاب يقول له التزم بالضوابط العرفية الشارع له حق عليك الجيران له حق عليك..بعض الضوابط التزم بها لو غرتّك السرعة فانك اذا سقطت على الاقل تحافظ على رأسك.. اذا رأينا احداً يستهزئون به لماذا هذه الحالة عندنا؟ حقيقة انا اسأل ؟ هل هذه الامور عيب؟ هل هذه الامور من المنكرات ؟ الناس تموت بسبب هذه الحالة التي لا نجرأ ان نحث عليها..موظف عندما يهتم بمراجعيه يجد نفسه قد جاء بشيء جديد والواقع هو ليس بشيء جديد.. انا اتذكر قبل ايام قرأت ان رجل في سلك الشرطة من اهل البصرة ارجع امانة الى صاحبها بمقدار اكثر من مئتي مليون دينار.. هذا الرجل اراد ان يوصله ونسى صاحب المال امواله في سيارة الشرطي لأنه قد جاءه اتصال وعلى نحو السرعة وهذا لم يلتفت لهذه الحاجة ثم بعد ذلك ذهب الى البيت ووجدها ورجع الى المنطقة واعطاه الامانة.. تعلمون هذا الخلق بالوضع الطبيعي هو هذا هو الخُلق، الوضع الطبيعي ان يرجع الانسان الامانة الى اصحابها.. عندما تنعكس القضية يكون هذا وضعاً نادراً وهذه مشكلة.. الوضع الطبيعي الابناء الصغار يوقرّون الرجل الكبير..من المسؤول عن هذا التدهور في الاخلاق في بعض الحالات ؟ من المسؤول الانظمة السياسية ؟ الانظمة الاقتصادية ؟ الانظمة الاجتماعية؟ ...هذا الوضع الاجتماعي الذي كان البلد يفتخر به هذه الغيرة التي كانت عند الناس كان يفتخر بها .. هذه قضايا متحضرة..لماذا بدأنا نفقدها؟!اخواني انا قد اتحدث عن حالات قد تكون قليلة لكن واقعاً مؤلمة، واخواني انا اتحدث معكم وبأدبية والكلام بأدبية لابد ان نرجع للاخلاق والاخلاق ليس لها علاقة بالتطور اصلا ً .. لا يعني اننا اذا حصلنا على التطور في جانب لابد ان نترك اخلاقنا.. هم الذين يتطورون يحتاجون الى اخلاق هم يقولون نحن نحتاج الى اخلاق نحن الشعب مصدر الاخلاق لابد ان نحيا هذه الحياة بشكل حقيقي.. لا تستنكفوا من الحق لا نضعف من ان نحافظ على بلدنا.. اليوم البلد بحمد الله تعالى يرفع رأسه بأبنائه الذين يقاتلون واعطوا صورة مشرقة وامهات هن اسطورة في الصبر والوفاء والعفّة والقوة .. هذا شعب يحتاج ان الصورة تكتمل لابد ان احدنا يعين الاخر.. الصورة مكتملة شجاعة وعفة وإقدام ووفاء.. لا يهمنا ان هناك اوضاع سياسية في البلد قد تمزق حالة التحضر..هذا غير صحيح.. نحن جربنا انفسنا في مواقع معينة وفاز الشعب بها في العطاء وفي الدماء والاعراض والانفس شعب مدافع وشعب ابي ..لا نحاول ان نُطعَن بأشياء مقدور عليها..الجار يستنكف ان ينبّه جاره وشخص يصعب عليه ان يتكلم مع آخر بحق..لا يا اخوان نتكلم واحدنا يرشد الاخر فهذه فيها مصلحة شعب.. هناك فرق اخواني بين شعب حي وانظمة سياسية اخرى..هذا الكلام غير سياسي، لا ننظر الى ما نمر به من مشاكل نحن شعب لابد ان نحافظ على هويتنا..شعب بحمد الله تعالى شعب حي والان عندنا ضيوف اعزاء من الموصل كما اخبرني الاخوة والموصل تحررت بدماء زكية بدعوات امهات كانوا يزفون ابنائهم الى القتال يأتي من اطراف البصرة يذهب لأن يستنصره من في الموصل.. هذه حقيقة لابد ان نعتز بها ونؤرخها امهات وشباب والحمد لله الشعب اعطى وضحّى وشعب حي والشعب الذي فيه شهداء شعب لا يموت..ولا زال الشعب يعطي الشهيد تلو الشهيد ومن ورائهم امهات وزوجات..لابد ان تكتمل الصورة.. واقعاً كنّا في خدمة بعض عوائل الشهداء وحقيقة تسمع كلاماً تعجز الكلمات عن وصفه..واقعاً نحن لا نُكرم هؤلاء هم يُكرموننا بأن يسمحوا لنا ان نقدم في خدمتهم شيء..ترى بعض الامهات تفتخر تقول عندي شهيدان وبعض الامهات قدمت اكثر من ذلك للوطن.. حقيقة هؤلاء اخواني يحتمّون علينا ان نحترم الجار وان نتقيد بالأنظمة التي تحفظ حياتنا وان يكون البلد بلد معطاء كما هو فعلا ً..هذا ليس له علاقة بأي جهة سياسية اكرر انا اتكلم مع شعب صابر مجاهد يضحي متحضّر يحاول يبحث عن ما يفيده..مثلا ً تسمعون بعض الناس يجمعون اموال حتى يبنوا مدرسة..نعم شجعوا على هذه الامور..لا تحمّل تقول اين وظيفة الدولة؟ انا اتحدث عنك كشعب هذه الروح الجماعية للخير لابد ان نشجّع عليها.. مؤسسات اجتماعية تتكاتف فيما بينها حتى تساعد هذه العائلة او ترسل مريض الى العلاج.. نعم هذه الاشياء لابد ان تعزز ولولا هذه الوقفة الشريفة من ابنائنا وعوائلنا ومن الشباب ومن الشيوخ لما حُفظ البلد..وقفة مشرّفة لابد ان يكون هذا الشعب كما عهدناه حياً قوياً معطاءً الله سبحانه وتعالى يرينا فيه كل خير ان شاء الله تعالى..نسأل الله سبحانه وتعالى ان يمنّ على جميع المرضى بالصحة والعافية وان يرحم شهدائنا الابرار وان يحفظ عوائلهم الكريمة وان يرينا فيهم كل خير ويرينا في اعدائهم كل ذل وهوانة .. والحمد لله رب العالمين..

حيدر عدنانالموقع الرسمي للعتبة الحسينية المقدسة

gate.attachment