أحسن القصص - أوجه التشابه بين قصة النبي يوسف وثورة الإمام الحسين (عليهما السلام) الإصلاحية

 الله سبحانه وتعالى وصف قصّة يوسف (عليه السلام) بأنّها (أَحْسَن الْقَصَصِ) فإنّه لم يرد مثل هذا التعبير في القرآن إلّا في هذه القصّة، فلماذا كانت أحسن القصص مع أنّ القصص الإلهي كلّه أحسن القصص؟! (١) قال سبحانه: (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ ) .سورة يوسف الآية ( ٣) ، لوجدنا فيها عدة أسباب منها حسب مفهومنا القاصر :-

١. تعميم العبرة:  قصة يوسف (عليه السلام) تحمل في طياتها العديد من العِبر والحكم التي يمكن أن يستفيد منها الناس في جميع الأزمنة والأماكن.

٢. السرد الجميل: يتميز القرآن الكريم بأسلوبه السردي الجميل والمشوق، وقصة يوسف (عليه السلام) من أجمل القصص التي وردت في القرآن.

٣. العبرة الروحية: قصة يوسف (عليه السلام) تحمل في طياتها العديد من العِبر الروحية والتي تساعد الناس على تطوير أنفسهم وتحقيق النمو الروحي.

٤. القصة كوسيلة للتعليم: يعتبر استخدام القصص والحكايات واحدة من أفضل الطرق لنقل المعرفة والتعليم. فالقصة تجذب الانتباه وتحفز الاهتمام وتسهم في تثبيت المفاهيم والقيم في ذهن الناس.

لذلك ، وصف الله سبحانه وتعالى قصة يوسف (عليه السلام) في القرآن الكريم بأحسن القصص لأنها تحمل في طياتها العديد من العِبر والحكم وتتميز بأسلوبها الجميل والمشوق وتساهم في تطوير النفس وتحقيق النمو الروحي.

نبذة عن أبعاد ثورة الإمام الحسين (عليه السلام) الإصلاحية ودلالاتها :

١. أن ثورة الإمام الحسين (عليه السلام) تحمل الكثير من المعاني والأبعاد و الدلالات والعِبر والدروس .(٢)

٢. أن سلوك الإمام الحسين (عليه السلام) منذ خروجه من المدينة حتى يوم استشهاده في كربلاء كان منطويًا على العزة والشموخ ومغمورًا بالعبودية والتسليم لأمر الله سبحانه وتعالى . (٣)

٣. استطاع الإمام الحسين (عليه السلام) أن يوقظ الضمير الإنساني ويؤثر فيه باتجاه القيم الحقة، والانتصار لها، وتحقيقها على أرض الواقع، كونها لم تحدّد بدين أو مذهب أو قومية معيّنة، بل كانت للإنسانية جمعاء. (٤)

٤. جاءت ثورته (عليه السلام) من أجل حرية الناس وصيانة كرامتهم الإنسانية، ورفض الذلة التي اتّبعها الطغاة من الأمويين وأتباعهم في تعاملهم مع الناس . ( ٥)

٥. جاءت ثورة الإمام الحسين (عليه السلام) للإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي والديني في الدولة الإسلامية. ( ٦)

٦. رحلة الإمام الحسين وشهادته أصبحت رمزًا للثبات والشجاعة في وجه الظلم والاستبداد، وتذكرنا بأهمية الوقوف مع الحق حتى النهاية. تعتبر مسيرته وشهادته من أعظم الأحداث في تاريخ الإسلام، وتستحق الاحترام والتقدير من جميع الديانات والشعوب .

٧ - الدور المابعدي للثورة المخطط له والذي تمثل بخطب الإمام السجاد (عليه السلام) وعمته زينب (عليها السلام) وهو يشير إلى أن المبادئ التي قامت من أجلها ثورة الإمام ليست لزمن محدد أو لمكان معين فإن الغاية من الثورة الحسينية لم تكتمل، وإنما لا بد من أن تتوارث الأجيال بعد الأجيال ثقافتها وصلابتها, ويستشعر وجوب إدامتها وتجديدها إلى أن يتحقق الهدف. ( ٧)

ولو نظرنا إلى أوجه التشابه بين قصة النبي يوسف (عليه السلام) و ثورة الإمام الحسين (عليه السلام) الإصلاحية لوجدنا هذه الأمور :-

١. الصبر والثبات: كلا القصتين تبرز قوة الصبر والثبات في وجه الصعاب والمحن. فقد تعرّض يوسف (عليه السلام) إلى الظلم والخيانة والاضطهاد، وكذلك الإمام الحسين (عليه السلام) تعرّض إلى الظلم والاضطهاد في معركة كربلاء ، حيث رسمت واقعة كربلاء أجمل صور الصبر والصمود والثبات في سبيل العقيدة وتحمّل الصعاب، حتى أضحت سببًا لمجد وخلود تلك الملحمة .( ٨)

٢. العدل والإصلاح : يوسف (عليه السلام) والإمام الحسين (عليه السلام) كانا رمزًا للعدل والإصلاح. فقد سعى يوسف (عليه السلام) لتحقيق العدل والإصلاح ، وكذلك الإمام الحسين (عليه السلام) سعى لإصلاح الأمة والحفاظ على قيم الإسلام. حيث دعا الإمام الحسين (عليه السلام) في الوصيّة لأخيه محمّد بن الحنفية: (أَنّي لَمْ أَخْرُجْ أشِرًا وَلا بَطِرًا، وَلا مُفْسِدًا وَلا ظالِمًا، وَإِنَّما خَرَجْتُ لِطَلَبِ الإصلاح في أُمَّةِ جَدّي، أُريدُ أَنْ آمُرَ بِالمَعْرُوفِ وَأَنْهى عَنِ المُنْكَرِ). ( ٩)

٣. التضحية : كلا القصتين تحكي قصة التضحية والشهادة من أجل الحق والعدل. فقد ضحى يوسف (عليه السلام) بمكانته وراحته الشخصية من أجل تحقيق العدل، إلّا أن الإمام الحسين (عليه السلام) ضحّى بنفسه وأهله في معركة كربلاء من أجل الدفاع عن الإسلام والحق .التضحية والفداء الذي قدّمه الإمام الحسين (عليه السلام) وأهل بيته وصحبه لإحياء الدين وإيقاظ الأمّة، وإنّ ما اكتسبته الأمّة الإسلاميّة طوال التاريخ من مناهضة الظلم والجور، والوقوف أمام الظالمين هو ببركة تلك النهضة. إنّ للحسين (عليه السلام) حقًّا عظيمًا على الأمّة لا يُنسى إلى يوم الدين. (١٠)

٤. الرحمة والتسامح: كلا القصتين تعلمنا أهمية الرحمة والتسامح في التعامل مع الآخرين. فقد تسامح يوسف (عليه السلام) مع إخوته الذين ظلموه في الماضي، وكذلك الإمام الحسين (عليه السلام) عفا عن قتلته في معركة كربلاء ودعا لهم بالرحمة. وقد أسس (عليه السلام) مبدأ التسامح والمحبة والمودة، وقد جسّد الإمام الحسين (عليه السلام) في ثورته المباركة وفي مواقفها تلك المفاهيم والقيم الأخلاقية العالية، ومن المواقف التي تدلُّ على عظمة ونبل الإمام (عليه السلام) وأخلاقه العالية وسماحته، بكاؤه على أعدائه يوم المعركة في كربلاء، وعندما سُئل عن بكائه قال (عليه السلام): «أبكي على هؤلاء، سوف يدخلون النار بسبب قتلي».(١١)

هذه بعض أوجه التشابه بين قصة يوسف (عليه السلام) وحركة الإمام الحسين (عليه السلام) وعلى الرغم من اختلاف الزمان والمكان، إلّا أن قصتيهما تحملان قيمًا عالية وتعلمنا الكثير عن الصبر والثبات والعدل والتضحية.

لماذا قصة النبي يوسف (عليه السلام) و حركة الإمام الحسين (عليه السلام) الإصلاحية هما أحسن القصص ؟  

هناك عدة أسباب تجعلهما من أفضل القصص:

١. الرسالة الإنسانية: تعلمنا قصة النبي يوسف وقصة الإمام الحسين (عليهما السلام ) قيمًا إنسانية عالية مثل الصبر والثبات والعدل والرحمة والمغفرة. تعلمنا أنه في مواجهة الصعاب والاضطهاد يجب أن نبقى صامدين ونحافظ على قيمنا الإنسانية.

٢. القيم الدينية: كلا القصتين تعكسان قيمًا دينية هامة مثل الإيمان بالله والتوكل عليه والتضحية من أجل الحق والعدل.

٣. الأثر الاجتماعي: قصة النبي يوسف وقصة الإمام الحسين (عليهما السلام ) لهما تأثير كبير على المجتمعات الإسلامية.

٤. الشجاعة والبطولة: كلا القصتين تعكسان شجاعة وبطولة كبيرة في مواجهة الصعاب والمحن. و تعلمنا أنه يجب أن نكون شجعانًا ونواجه التحديات بقوة وثبات.

باختصار، قصة النبي يوسف وثورة الإمام الحسين (عليهما السلام ) هما قصتان تعلمنا الكثير من القيم الإنسانية والدينية ولهما تأثير كبير على المجتمعات الإسلامية.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المصادر

 

القرآن الكريم

١. السيد الطباطبائي - تفسير الميزان - ج ١١ - ص ٧٦ .

٢و ٣  د .حمدان رمضان محمد ، ثورة الإمام الحسين (عليه السلام) الإصلاحية وأبعادها الإنسانية، مجلة جامعة الموصل ، المجلد العاشر ، العدد السابع والثلاثون ، ص ٥٧ .

٤ و ٥ و٦. حمد جاسم محمد ، مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية

مقالة ، ٢٠١٥ .

٧ . عدي جواد الحجار ، المجلة العقيدة ، العدد : ٩ ، السنة الثالثة - شعبان المعظم ١٤٣٧هـ / ٢٠١٦م

٨ . السيد أبو القاسم الديباجي ، موقعة جريدة الوطن الإلكتروني ، مقالة ، فلسفة ثورة الإمام الحسين (عليه السلام) الصبر على البلاء  ، ٢٠٠١٣ .

٩. الشيخ غدير حمودي ، موقع العتبة الحسينية المقدسة الإلكتروني، الإصلاح الحسيني والعدالة المهدوية ج١ ، ٢٠١٧.

١٠. محمد جواد فاضل اللنكراني ، العتبة الحسينية المقدسة موقع الإلكتروني ، الثورة الحسينية بين نظرية الشهادة وإقامة الحكومة ، ٢٠١٩ .

١١. السيد أبو القاسم الديباجي ، موقعة جريدة الوطن الإلكتروني ، مقالة ، فلسفة ثورة الإمام الحسين (عليه السلام) التسامح والمحبة والمودة ، ٢٠١٣ .

الباحثة: أمونة جبار عطية

: دار القرآن الكريم