406 ــ محمد هاشم عطية (1303 ــ 1373 هـ / 1885 ــ 1953 م)

محمد هاشم عطية (1303 ــ 1373 هـ / 1885 ــ 1953 م)

قال من قصيدة في الإمام الحسين (عليه السلام) تبلغ (37) بيتاً:

لـمستشهدٍ في (كربلاءَ) زهتْ بهِ      مـفاخرُ عدنانٍ لخيرِ الورى يُنمى

لأفضلَ من لبَّى وأكرمَ من سعى      وأطهرَ من ضمَّ الحجيجَ ومن أمَّا

فـشُـلّـتْ يـمـيـنٌ أيـتمتْ من بناتِهِ      عـقـائـلُ لـم يعرفنَ من قبلِه اليُتما (1)

الشاعر

الدكتور محمد هاشم عطية، أديب وشاعر وأستاذ متخصص في الأدب العربي، وهو صاحب كتاب (الأدب العربي وتاريخه في العصر الجاهلي)، الذي يعد مصدراً مهماً من مصادر اللغة العربية والأدب العربي وتاريخه في العصر الجاهلي.

ولد عطية في محافظة الغربية بمصر وحفظ القرآن الكريم، وتلقى تعليمه الديني في المعهد الأحمدي بطنطا، ثم التحق بمدرسة المعلمين الأولية، ثم بمدرسة دار العلوم، وتخرج منها، وواصل دراساته العليا فحصل على درجة الدكتوراه.

عمل عطية في تدريس الأدب العربي مدة ربع قرن في كليتي اللغة العربية ودار العلوم بمصر والتي تولى عمادتها، ثم في دار المعلمين العالية ببغداد، وهو من أعضاء جماعة أدباء العروبة والتي كان مقرها بالقاهرة، ونشر أعماله الأدبية من قصائد ومقالات أدبية ونقدية في الصحف والمجلات العراقية والمصرية.

قال عنه السيد جواد شبر: محمد هاشم عطية أستاذ بارع وأديب كبير له شهرته في مصر والعراق والعالم العربي فهو أستاذ الأدب العربي بجامعة فؤاد الأول بالقاهرة، وهو أستاذ الأدب العربي بدار المعلمين العالية في بغداد

وقال عنه عبد العزيز البابطين في معجمه: (ما وصلنا من شعره قليل، يدل على شاعر عالم ...) (2)

وقد زار عطية النجف الأشرف وتشرف بزيارة أمير المؤمنين (عليه السلام) ونشرت مجلة البيان النجفية خبر زيارته تحت عنوان: الأستاذ هاشم عطية في النجف. جاء فيه: (زار سعادة الأستاذ الكبير هاشم عطية الأديب الكبير والأديب المصري المشهور وأستاذ الأدب العربي بدار المعلمين العالية ببغداد النجف الأشرف، وزار جمعية الرابطة الأدبية وقوبل بالترحاب والتقدير وحفاوة بالغة وكانت زيارته مساء ٤ / ٤ / ١٩٤٧ وقد دعت الجمعية طبقات الأدباء والشعراء والشباب المثقف وكان مع المحتفى به الأستاذ حسين بستانة فحياه من أعضاء الرابطة الأستاذ صالح الجعفري بكلمة والعلامة الشيخ علي الصغير بقصيدة والشاعر عبد الرسول الجشي بقصيدة والشاعر السيد محمود الحبوبي سكرتير الجمعية بقصيدة ثم تقدم المحتفى به الأستاذ هاشم عطية فألقى قصيدة عنوانها: تحية النجف وكانت من الشعر العالي. ولا عجب فالشاعر عطية أديب كبير وشاعر فحل وعالم فذ، وأعقبه الشاعر هادي الخفاجي بقصيدة جارى بها قصيدة المحتفى به وزناً وقافية وفكرة فكانت مفاجئة بديعة سارة، وفي صباح اليوم الثاني زار الأستاذ عطية مرقد الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وانجذب كثيراً لتلك الروحانية).

وكان يرافق عطية في زيارته السيد صالح شمسة وقد كتب عطية عن زيارته لمرقد أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال: (لقد كان يرافقنا في كل انتقالاتنا السيد هاشم زوين حاكم النجف وهو رجل كريم الخلق ضاحك الثغر، صحبنا في الصباح إلى روضة الإمام أبي الحسن علي بن أبي طالب، وبعد أن طفنا بهذه الحضرة العلوية وقضينا نسكنا منها، عدنا إلى خزائن النفائس والمجوهرات الخاصة بهذه السدة الشريفة، فرأينا ما يبهر الأبصار، ويحير العقول من الستائر المنسوجة بالؤلؤ والجوهر وغيرها من نفائس الأحجار، وهن أربع ستائر لا أظن أن أحداً ولا هيئة من الناس تستطيع تقييمها بالمال الآن، ثم رأينا غيرها من الستائر المنسوجة بالماس على شكل الكمثراة والقنديل الضخم المصنوع من صفائح الذهب المحلاة بألوان من الأحجار الكريمة وبعد أن قضينا من ذلك وطراً عدنا فطفنا حول هذه الأضرحة المتزيّنة بالقباب الموشاة بالذهب) توفي عطية في القاهرة.

شعره

قال من قصيدته في الإمام الحسين (عليه السلام) والتي تبلغ (37) بيتاً وقد قدمناها:

سـمـا فـوقَ هـامِ الـنـجمِ محتدُه الأسمى     وحـيَّــرَ فـي آثارِهِ الـنثـرَ والــنـظـمَا

وأرمـدَ أجـفـانَ الـعُــلا مــــن طـــلابِهِ     معاقدُ مـجـدٍ تـوهنُ العزمَ والــحـزما

وجـارتـه هــوجُ الــريـحِ تـبـغـيهِ ضـلّة     فما أدركتْ شأواً ولا بـلـغتْ مرمى

حــســيــنٌ ومَــن مـثـلُ الـحـسـينِ وإنَّه     لمِنْ نبعةِ الوحي الـمـقدَّسِ إذْ يُسمى

أبــوهُ عــلــيٌّ نــافـحُ الــشــركِ قـــبـله     وردَّ عـلـى أعـقـابِــهِ الجورَ والظلما

بـنـاهـا فـأعـلـى والـسـوابـــقُ ترتـمي     بأبطالِ بدرٍ دونــهـا تـعـلـكُ الـلـجـمـا

وصـبَّــحَـها هـيجاءَ من حيث شمَّـرتْ     فأنسى الجبانَ الـحربَ والبطلَ القدما

فـصـارَ لـه ذاكَ الـــفــخــارُ الـذي به     علت شوكةُ الإسلامِ دون الورى قدما

ولـمْ يـخشَ يومَ الغارِ إن أرصدوا له     عـلـى الحتفِ سيفاً او يرشّوا له سهما

فـقـامَ وفــي بــرديــــهِ أنـــــوارُ غُرَّةٍ     يـكـادُ لـدى إشـراقِـها يُـبصرُ الأعمى

فـلـمَّــا رأوهُ عــايــنــوا الموتَ جاثماً     فـطـاروا شـعـاعـاً لـم يـجدْ لهمُ عزما

وقــالــوا: عــلــيٌّ ســلّــه اللهُ صارماً     لـيـوسـعَ دارَ الـكـفـرِ مـن بـأسِهِ هدماً

عـلـيٌّ بـنـاهُ اللهُ أكــــرمَ مــــا بـــنــى     وعـلّـمـه مـن فـضـلِـه الـعـلـمَ والحلما

حوى بالحسينِ الحمدَ والمجدَ والندى     ونورَ الهدى والبأسَ والجسدَ الضخما

ولـكـنَّ قـومـاً تـبَّـــرَ اللهُ ســعــيـــهــمْ     أرادوا بـه حـرباً وكــانَ لـهـمْ ســلـما

فأخـفـوا دبـيـبَ الــكـيدِ عنه وجرَّدوا     كـتـائـبَ تـسـتـسـقي الدماءَ إذا تظمى

فـلـمـا رأى أن لا مـــقـــامَ وإنَّـــهــــا     لـنـفـسِ الأبـيِّ الحرِّ لا تحملُ الضيما

تيمَّمَ من أرضِ الـفــراتـيـنِ مُـزجـيـاً     قـلائـصَ لـم يـعـرفـنَ في دوِّها وسما

عـلـيـهـنَّ مـن آلِ الــرسـولِ عصابةً     تـدانـى عـلـيـهـا مــن يـمـانــيَّــةٍ رقما

كواكبَ حولَ ابنِ البتـولِ إذا اعتزوا     تـوسـمّــتــه مـن بـيـنـهـمْ قــمـــراً تمَّا

ومَـن مـثـلـه فـي الـنــاسِ أكرمُ والدٍ     ومَـنْ هـيَ كـالـزهـــراءِ فــاطـمـةٌ اما

مـشـى ركبُه لو تعلمُ الــبـيـدُ أنّـه الـ     ـحــسـيـنَ لـعـلّــت مـن مـواطـئِـه لثما

كـمـا مـسحتْ ركنَ الحـطيمِ يدُ ابنِه     فـكـادَ اشـتـيـاقاً يمسكُ الراحةَ العظمى

فألقى على الطفِّ الرحالَ وما درى     بـأنَّ الـقـضـاءَ الـحـتـمَ في سبطِه حمَّا

فـيا بؤسَ يومِ الطفِّ لم يَبقَ مَشرقٌ     ولا مـغـربٌ لـم يـسـقِـه الـحزنَ والهمَّا

ولا بـقـعـةٌ إلّا مـــضــرجــــــةً دماً     ولا قـلـبُ إلّا وهـوَ مُـنـفـطــرٌ يُـــدمى

ومـالَ الضحى بالشمسِ فيهِ وبُدِّلتْ     مِـن الـنـورِ فـي الآفــاقِ أرديـةً سحما

لـمـسـتـشـهـدٍ فـي كربلاءَ زهتْ بهِ     مـفـاخـرُ عـدنـانٍ لـخـيـرِ الورى يُنمى

لأفـضـلَ مـن لبَّى وأكرمَ من سعى     وأطـهـرَ مَـن ضـمَّ الـحـجـيجُ ومَن أمَّا

فـشُـلّـتْ يـمـيـنٌ أيـتـمـتْ مـن بناتِهِ     عـقـائـلَ لـمْ يـعـرفــنَ مـن قـبـلِهِ اليُتما

مِنَ الـخـفراتِ البيضِ ماذقنَ ساعةً     هـوانـاً ولا بـؤسـاً رأيـــنَ ولا عـــدما

رأتها الـفـيـافي سادراتٍ وما رعوا     لـهـنَّ ذِمــامــاً لا ولا عـرفــوا رحـما

عتـاقاً على الأقتابِ يخمشنَ أوجهاً     مـلـوَّحـةً تـشـكـو بــأعــيــنِـــها السقما

وفـيـهـنَّ مـــرنــانُ النحيبِ تولّهتْ     فـأنـحـتْ بـكـفَّــيـهـا عـلـى خدِّها لطما

إذا رجـعـتْ مـنـها الحنينُ تقطّعتْ     نـيـاطٌ وهـزَّتْ مـن قـواعــدِها الـشـمَّـا

ومَـن يـكُ مـثـلـي بـالـحسينِ مُتيَّماً     فـلا عـجـبٌ أن يـحرزَ النصرَ والغُنما

مـنـاط مـثـوبـاتٍ ومـهـبـط حـكمةٍ     وكـنـزُ تـقـىً تـمَّــتْ بـه ولــه الـنُّـعمى

وقال من قصيدة (النجف الأغر) والتي يمدح فيها الإمام أمير المؤمنين والأئمة من ولده (عليهم السلام) ويثني على الخصال الكريمة لأهل النجف الكرام، وقد ألقاها في النجف الأشرف ونشرتها مجلة الاعتدال النجفية وتبلغ (43) بيتاً:

فـفي النجفِ الأغـرِّ أرومُ صـدقـاً     حلا صـفوُ الزمانِ بها وطابا

عشقتُ لـهـم ـ ولــم أرهمْ ـ خلالاً     ترَ الأحـسابَ والكرمَ الـلـبابا

مـتـى مـاتـأثَ مـنـتـجعاً حـمـاهـمْ     تربَّعتَ الأبـاطحَ والــهـضـابا

لـقـيـتُ لـديـهـمُ أهـلـي وسـاغــتْ     إلـى قـلـبـي مــودَّتـهـمْ شرابا

وهـل أنا إنْ أكن أنـمـى لـمـصـرٍ     لغيرِ نجارِهم أرضـى انتسابا

عـجـبـتُ لـمـادحٍ لــهـمُ بــــشـعرٍ     ولا يـخـشـى لـقـائـلـهـمْ معابا

وأن يـنـظـمْ ولـيـدَهـمُ قــــريـضاً     أراكَ السحرَ والعجبَ العجابا

غـرائـبُ مـنـهـمُ يـطـلـعــنَ نجداً     ويـزحـمـنَ الكواكبَ والسحابا

أولائكَ هـمْ حـمـاةُ الضادِ تعزى     عـروقُــهمُ لأكـرمِـهـا نـصـابـا

وأوفــــاهـا إذا حـلـفـــتْ بـعـهـدٍ     وأطولـهـا إذا انـتـسـبـتْ رِقابا

وكـيـفَ وفـيـهمُ مــــثـوى عـلـيٍّ     بـنـوا مـن فـوقِ مـرقــدِه قبابا

وقدماً كانَ لـلـبـطـحـاءِ شـيــخــاً     وكـانَ لـقـبّـةِ الإســــلامِ بـــابا

نـجـيُّ رسـالـةٍ وخـديـنُ وحـــيٍ     إذا ضـلّـتْ حـلـومـهـــمُ أصابا

وما كأبي الحسينِ شهابُ حربٍ     إذا الأســتـارُ أبــرزتَ الـكعابا

ولـيـسَ كـمـثـلِــهِ إن شئتَ هدياً     ولا إن شئتَ في الأخرى ثوابا

ولا كــبـنـيـهِ لـــلــدنــيــا حـلـياً     ومرحـمـةٌ إذا الــحـدثــانِ نـابا

مـتـى تـحـلـلْ بــساحتِهمْ تجدها     فـسـيـحـاتٍ جـوانـبُــهــا رحابا

وإن شيمتْ بـوادِقــهــمْ لـغـيـثٍ     تـحـدَّر مـن سـحـائـبِــه وصابا

هـمُ خـيـرُ الأئـمَّــةِ مـن قريشٍ     وأزكـاهـمْ وأطـهـرهـــمْ إهـــابا

حـبـاهـمْ ربُّــهــم حـلـماً وعلماً     ونـزَّلَ فــي مـديـحِـهـم الـكـتابا

وحـبَّـبـهـمْ إلـى الـثـقــلينِ طرَّاً     وزادتــهــمْ لـسـدّتِـــه اقــتــرابا

فـمَـنْ يـكُ سـائـلاً عـنـهمْ فإنِّي     أنـبـئـه إذا احــتــكــمَ الـصـوابا

فـلـنْ تـلقى لهمْ أبـداً ضــريـبـاً     إذا الــداعـي لـمـكـرمـةٍ أهـابـا

مــصابـيـحٌ على الأفــواهِ تُتلى     مـدائـحُـهـم مــرتـــلــةً عِـــذابا

ومـا دُعـي الإلـهُ بــهــمْ لأمـرٍ     تـعـذّرَ نـيـلُـــه إلّا اســتــجـــابا

..........................................................

1 ــ ترجمته وشعره عن: أدب الطف ج 10 ص 67 ــ 70 / علي في الكتاب والسنة والأدب ج 5 ص 116 ــ 118

2 ــ معجم البابطين

كما ترجم له:

الزركلي / الأعلام ج 7 ص 129

رضا كحالة / معجم المؤلفين ج 12 ص 86

المرفقات

كاتب : محمد طاهر الصفار