350 ــ كاظم آل نوح: (1302 ــ1379 هـ / 1885 ــ 1959 م)

كاظم آل نوح: (1302 ــ ١٣٧٩ هـ / 1885 ــ 1959 م)

قال من قصيدة في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) تبلغ (35) بيتاً

أهلالٌ لاحَ في أفقِ السماءِ      أمْ حسامٌ غالَ صرعى (كربلاءِ)

أهــــلالٌ جدَّدَ الذكرى لنا      ذكــــــــرَ مَن باتوا ثلاثاً بالعراءِ

كلما هـــــلَّ ورتْ نيرانُه      في قلــــــــــــوبٍ مفعماتٍ بدماءِ (1)

ومنها:

أو نــنسى وحبيبُ المصطفى      فوقَ عفرٍ عارياً في (كربلاءِ)

أو ننسى الصدرَ أو أضلاعَه     هـــــــشّمتها خيلُ أولادِ البغاءِ

أو ننـــــــــــساهُ لقىً في لجَّةٍ      بينَ أصـــحابٍ وأهلٍ في دماءِ

وقال من في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) من قصيدة تبلغ (41) بيتاً

فـجعتْ بسبطِ محمدٍ في (كربلا)      بمــــــحرمٍ وتجاوبتْ أصداؤها

يا يومَ عاشوراءِ فيكَ بنو الهدى      بسيوفِ حربٍ وزِّعتْ أشلاؤها

فيــــكَ الحسينُ وأهلُه وصحابةٌ      صِيدٌ تسيلُ على الرمالِ دماؤها (2)

وقال من في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) من قصيدة تبلغ (71) بيتاً

فــــأنـاخها سحراً بعرصةِ (كربلا)      وحططتُ رحلي في ذرى ربواتِها

وأجلـتُ طرفي في البطاحِ فلمْ أجدْ      إلا قبــــــورَ الصيدِ في عرصاتِها

تلكَ القبورُ حوتْ رجالاً أعرضوا      عن زهرةِ الـــــدنيا وعن شهواتِها (3)

ومنها

وقــــد ادلهمَّت (كربلا) في عِثيرٍ      رفعته خيلُ الكفرِ في عدواتِها

يطأ الجسومَ جسومَ حربٍ عدوها      وتروحُ عـــاديةً على هاماتِها

والأسْــــــــدُ تزأرُ والظلامُ مُخيِّمٌ      مِن دهشةٍ قد لازمتْ أجماتِها

ومنها:

عثــــرتْ أميةُ في زمانِ محمدٍ      وبـ(كربلا) زادت على عثراتِها

قــــتلتْ حسيناً بالطفوفِ وأهلَه      والصحبَ حتى أدركتْ غاياتِها

وأجالتِ الخيلَ العتاقَ عليه مِن      حنقٍ ترضُّ الصدرَ في حلباتِها

وقال من في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) من قصيدة تبلغ (33) بيتاً:

أودى بـــــــمهجتِه الظما وأميةٌ      قــــــد أنهلتْ مِن قلبِه أرماحَها

جرَّتْ عليهِ جــحافلاً سدّت بها      في (كربلاءَ) فجاجَها وبطاحَها

نبحتْ على ليثِ العرينِ تخيفه      حربٌ وحاشا أن يخافَ نباحَها (4)

وقال من في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) من قصيدة تبلغ (36) بيتاً:

وأهاجَ في غاباتِ عرصةِ (كربلا)      للحربِ أشــــبالاً له وأسودا

كـــــــــبني عليٍّ والزكيِّ المجتبى      وبنيــــــهِ كانوا والداً ووليدا

وبني عــــــــــقيلٍ والمُبجَّلِ جعفرٍ      وصحابةٍ صيدٍ تصيدُ الصيدا (5)

وقال من في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) من قصيدة تبلغ (30) بيتاً:

ألا لا تــــسَلْ واعقلْ قلوصَكَ إنّهم      جميعا غدوا طعمَ السيوفِ البواترِ

بغاشيةِ الـهيجاءِ في طفِّ (كربلا)      وقـــد نُبذتْ أجسادُهم في الهواجرِ

ثلاثاً على ظهرِ البسيطةِ قد خوتْ      جسومـــــهمُ لا في بطونِ المقابرِ (6)

وقال من قصيدة في مولد الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف) تبلغ (33) بيتاً

أننساهمُ لـــــــمّا أتوا يومَ (كربلا)      لحربِ بني المختارِ، قائدُها الكفرُ

أنـــــــــــنساهمُ لمَّا أبادوا رجالكمْ      على عــطشٍ ظلماً وحولهمُ النهرُ

أننسى بناتِ المصطفى فوقَ هُزَّلٍ      تُساقُ إلى الشاماتِ سائقُها زجرُ (7)

وقال من قصيدة في أهل البيت (عليهم السلام) تبلغ (101) بيت:

بعضٌ بكوفانٍ وطفِّ (كربلا)      ويثــــربٍ لها يؤمُّ الزائرُ

أئـــــــــــمةٌ تقدَّستْ أسماؤهمْ      ومـــــنهمُ قُدِّسَتِ السرائرُ

فآيةُ التطــــــهيرِ فيهمْ أنزلتْ      والكلُّ منهمْ طيِّبٌ وطاهرُ (8)

وقال من في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) من قصيدة تبلغ (37) بيتاً:

فـصبري قد أودى غداةَ لـ(كربلا)      وقد أرسلَ الطاغي إلى السبطِ عسكرا

لقد حــلَّ أرضَ الطفِّ سبطُ محمدٍ      ضـــحى وابنُ سعدٍ كان فيها معسكرا

وكان حسينٌ ثابتُ الجأشِ صابراً      على مــــــــــــــا يقاسي قط لن يتغيرا (9)

وقال من قصيدة في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) وتبلغ (39) بيتاً:

وقد ساقَ لابنِ المصطفى يومَ (كربلا)      كتائبَ تتلوها الكتائبُ نغله

يـــــــؤلّبُها الرجسُ الدعيُّ لحربِ مَن      يــــشرِّفها والعبشميينَ أمله

وجاءَ ابـــــنُ سعدٍ قائدُ الجيشِ قاطعاً      له رحِــماً مِن غيِّه عزَّ قبْله (10)

وقال من قصيدة في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) وتبلغ (35) بيتاً:

مِن بعدِ أن حلّوا بعرصةِ (كربلا)      وقضوا دفاعاً والضلالُ مهاجمُ

خـفّوا لداعي الحربِ مُعتقلي القنا      والنــــقعُ في الهيجاءِ أغبرَ قاتمُ

بيــضُ الظبا غنّتْ وأترعتِ الدما      كأسَ الـــطلا والسمهريُّ مُنادمُ (11)

وقال من قصيدة في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) وتبلغ (38) بيتاً:

يا ســــــــعدُ دعْ ذكراً لهنَّ فإنني      وأبيكَ مِن حدثٍ دهى مهمومُ

هوَ يومٌ حلَّ بـ(كربلا) ابنُ محمدٍ      يـــــومٌ بتـاريخِ الإباءِ عظيمُ

يومٌ بهِ اســـــودّ الفضا مِن عِثيرٍ     قد شـــــــنَّ فيهِ للعدوِّ هجومُ (12)

قال من قصيدة في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام):

بـكـــيـنـا لـمـا حـلَّ فـــي (كــربــلا)      ودمـعُ الـعـيـونِ دمـاءً جرى

وقــد كـسـفـتْ شـمـسُـنـا والـنـجــوم      تساقطنَ حزناً على ما جرى

على ما جرى في عراصِ الطفوف      بــعـتـرةِ أحـمـدَ خـيرِ الورى (13)

الشاعر

الشيخ كاظم بن سلمان بن داود بن سلمان بن نوح بن محمد من آل غريب الأهوازي الكعبي الحلي الكاظمي (14) شاعر وأديب وخطيب من أشهر خطباء العراق ولد في الكاظمية من أسرة أهوازية الأصل من آل كعب العشيرة العربية المعروفة (15) سكنت الحلة فهاجر والده من الحلة إلى الكاظمية وهو بعمر الخامسة عشر (16) وكان خطيباً وشاعراً فتزوج من العلوية بنت السيد علي بن عطيفة الحسني فولد له كاظم الذي ورث منه الشعر والخطابة. (17)

درس نوح عند الكتاتيب وتعلم القراءة والكتابة وهو في السادسة من عمره وختم القرآن الكريم، وكان يصحب أباه وهو صغير إلى مجالسه الحسينية وكان يكتب القطعة من المراثي ويردّدها حتى يحفظها ويقرأها على طريقة الخطباء.

اختطف الموت الأبَ ولا يزال نوح في السادسة من عمره لكنه أكمل مشواره العلمي، فدرس النحو والفقه عند السيد محمد بن محسن العاملي، والشيخ محمد رضا أسد الله، والسيد أحمد الكيشوان، ودرس كتاب تجريد الاعتقاد في علم الكلام على الشيخ مهدي المراياتي. (18)

ارتقى نوح المنبر وهو في العاشرة من عمره ولازمه لمدة (67) عاماً ولم يفارقه حتى وفاته فبرع في الخطابة واشتهر وأصبح لمنبره جمهوراً كبيراً يضمّ شرائح متنوِّعة من المجتمع، ولقِّبَ بـ‍ (خطيب الكاظمية)، و(عميد المنبر الحسيني)، و(خطيب الطائفة)، و(ملك المتكلمين)، و(شيخ المنابر الحسينية)، و(خطيب العراق الأول)، و(مفخرة العراق والخطباء)، و(شيخ الخطباء)، و(أستاذ الخطباء)، و(سيد الخطباء)، و(خطيب العلماء) و(علامة الخطباء)، و(قدوة الذاكرين) و(خيرة الواعظين)، و(المصلح الكبير)، و(أستاذ الفن الخطابي) ..... (19)

وبلغ من شهرته أن الوفد المصري الذي زار العراق برئاسة الكاتب أحمد أمين حضر مجلسه للاستماع إلى محاضرته في (حسينية الشيخ بشار) ببغداد فتعرض نوح إلى كتاب (فجر الإسلام) لأمين والذي افترى فيه على الشيعة وتهجّم عليهم وألصق فيهم مفتريات وأكاذيب لا صحة لها، ولما رأى نوح الوفد المصري وجدها فرصة لتفنيد هذه الأكاذيب على الملأ ففندها بعلمية وأوضح بطلانها بقوة استدلالاته وبيانه فأذعن أمين لها واعترف بخطئه ووعد بأن يعيد طبع الكتاب بعد أن يزيل منه هذه الأكاذيب. (20)

وقد ذكر السيد محسن الأمين هذه الحادثة وعقّب عليها بالقول: (ومن العجيب أن أحمد أمين زار العراق بعدما انتشر كتابه (فجر الإسلام) في زهاء ثلاثين رجلاً من المصريين وحضر في بغداد مجلس وعظ الشيخ كاظم الخطيب الشهير فتعرض لكلام أحمد أمين في كتابه وفنده بأقوى حجة وأوضح برهان ووفى المقام حقه وهم يسمعون فاعجبوا ببيانه واذعنوا لبرهانه). (21)

وكان نوح يرتقي المنبر في أماكن كثيرة في الكاظمية وبغداد، وكان يحضره جمهور غفير، وقد كتب الأديب اللبناني محمد علي الحوماني رسالة من الكاظمية إلى الشيخ عبد الله العلايلي يقول فيها:

(شهدت أيام المحرّم مجلساً يضم آلاف الناس عصر كل يوم تجاه الباب القبلي للجامع الأكبر الذي يضم رفاة السيد السند الإمام موسى بن جعفر، يخطب فيه الأديب الفاضل الشيخ كاظم نوح، وينقل المكبِّر الكهربائي صوته إلى الجماهير المحتشدة في الشارع الكبير وعلى شرفات الأنزال، وكثيراً ما يكون في المستمعين رجال أجانب تُترجم لهم مواضيع الذكرى). (22)

وكان نوح يتمتع بعلمية واسعة وقد تم اختياره ضمن الوفد العراقي للمشاركة في الاحتفال العالمي في باكستان عام (1376 هـ / 1957 م) بمناسبة مرور أربعة عشر قرناً على ميلاد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه ‌السلام، وكان الوفد يضم كبار أعلام العراق منهم: السيد علي نقي الحيدري، السيد حسن الحيدري، الشيخ محمد علي اليعقوبي، الشيخ كاظم نوح، الشيخ محمد رضا المظفر، السيد محمد تقي الحكيم، السيد عبد الوهاب الصافي، السيد إبراهيم الطباطبائي. (23)

أقوال الأعلام فيه

قال الشيخ عبد الحسين الأميني: (خطيب مفوّه، وناصح نابه، وواعظ مدره، ومتكلم قدير وبحاثة فذ، وشاعر مجيد). (24)

وقال السيد هبة الدين الحسيني الشهرستاني: (بحاثة ذائع الشهرة واسع الخبرة رفيع المقام في المجتمع العلمي والإصلاحي والأدبي ... خدم الأمة بعلمه وقلمه كاتباً وخطيباً ...) (25)

وقال الشيخ أغا بزرك الطهراني: (فاضل أديب خطيب كامل قارئ ماهر..... كان قارئاً فصيحاً مؤلفاً ناظماً ناثراً مليحاً برع وصار من الخطباء المبرّزين) (26)

وقال السيد داخل السيد حسن: (من مشاهير الخطباء الذي تحدثت عن خطابته الركبان واشـتهر ذكره فـي البلدان، ووصلت شهرته إلى القاصي والدان، تتدفق على لسانه الفصاحة والبيان، كأنما يخرج من فمه اللؤلؤ والمرجان، فبأي آلاء ربكما تكذبان. إذا ذكر أساطين المنبر الحسيني وأساتذة الفن الخطابي كان مـن بينهم خطيباً لوذعياً، وأديباً ألمعياً وقد شكلت شخصيته رقماً متميزاً في مؤسسة المنبر الحسيني، وله موقعه المتقدم ومكانه المتميز من عباقرة المنبر، ونوابغ الأدب والخطابة) (27)

وقال الخطيب السيد محمد حسن الكشميري: (ومن ألسنة الصادقين والذين أفنوا حياتهم في خط أهل البيت (عليهم السلام) ونشره والدفاع عنه المرحوم خطيب المنبر الحسيني والشاعر والعالم والمجاهد الشيخ كاظم آل نوح ..... اكتسب صفة عالمية إذ أصبح من خطباء العراق أو العالم العربي). (28)

وقال الشيخ راضي آل ياسين: (لخطاباته أثرها البليغ في نفوس المستمعين وهو ممن أبلى البلاء الحسن في الانتقال مـن الطريقـة القديمـة في تأبين الحسين (عليه السلام) ورثائه إلى الطريقة الحديثة الملائمة بأكثر نواحيها لذهنية العصر الحاضر. استقى أكثر معلوماته مـن مطارحة أهل الفضل والأدب فـي الكاظمية، ومن صبره الطويل على المطالعات الكثيرة في مكتبته العامرة، مع ما كان يساعده على النبوغ من فهم فطري وحافظة سريعة الإجابة جدير بأن يصبح من قادة رجال المنبر) (29)

وقال الأستاذ الدكتور محمد مفيد آل ياسين أستاذ التاريخ في الجامعة المستنصرية: (عُرف صاحب الذكرى واشتهر بلقب خطيب الكاظمية، فاختص به دون سواه وأصـبح مرادفاً لاسمه، ومع ما تحمله هذه الخصوصية من قيمة ومكانة مرموقة يعتز ويفخر بها بلديو الشيخ المرحوم، إلا انه - والحق يُقال - كان أخطب من سمعنا من خطباء المنبر الحسيني، فهو خطيب الكاظمية لكونه كاظمياً، ولكنه فـي الوقت نفسه هو خطيب بغـداد بل خطيب العراق في عصره لعدم وجود ند له يُضاهيه في براعته الخطابية وفي قدراته البيانية المؤثرة المتميزة) (30)

وقال الأستاذ جعفر الخليلي: (الشيخ كاظم نوح مـن كبار خطباء المنابر الحسينية فـي مدينة الكاظمية ..... ولم يكن له مناظر بين خطباء بغداد والكاظمية في زمانه). (31)

وقال الشيخ حيدر المرجاني: (أسـتاذنا الذي عرف كيف يخدم المنبر بعلمه الغزير واطلاعه الواسع ومساعيه المشكورة وخطابته المشهورة ... نبغ في الخطابة نبوغاً باهراً، وحلّق فيها حتى أصـبح خطيباً لامعاً، وقد امتاز عن أقرانه بأسلوبه الخاص، وتوفيقه بين القديم والحديث، فهو يعد خطيباً مجدِّداً. ولا تحسبنا مبالغين إذا قلنا أنه أول خطيب في عاصمة العراق اتخذ من المنبر أداة فعالة لتثقيف الشباب وتنوير عقول السواد من الناس بأسلوب إنشائي سهل الفهم متين التعبير) (32)

وقال السيد محسن الأمين: (ثقف نفسه على طريقة لداته من حضور مجالس العلماء، وتتبع الكتب وتدارسها حتى غدا خطيبا شهيرا تزدحم في أيام عاشوراء على منبره الجماهير....) (33)

وقال الخطيب السيد عبد الرسول الكفائي الموسوي: (كان شيخ الخطباء، علامة بارزة فـي تاريخ الكاظمية وبغداد، بل في تاريخ العـراق. إنه الرعيل الأول الذي نقل المنبر الحسيني من الكتاب المقروء إلى الخطابة الارتجالية، ومن سفسطة الكلام إلى الحقائق الناصعة والتاريخ المدروس، والكلمة الصادقة، والحوار النزيه ... كان لسان الولاء الناطق، والسيف المسلول على أعداء الولاية، والمتطاولين عليها وعلى شيعتها الأبرار) (34)

وقال الدكتور محمد سعيد الطريحي: (من شيوخ المنبر الحسيني وأسـاتذته الكبار ومن المؤرخين المحققين (35)

وقال الشيخ جعفر النقدي: (الفاضل الخطيب والكامل الأديب نادرة العصر ومفخرة ذوي الفخر عمدة الأدباء وخطيب العلماء وشيخ الشعراء تاج مفرق أهل الفصاحة والبيان الشيخ كاظم الشيخ سلمان). (36)

وذكر الأستاذ صادق جعفر الروازق: (أن السيد محمد باقر الصـدر قدس سره فـي طفولته منشدّاً الى منبر الشيخ كاظم آل نوح في الكاظمية لما عرف عنه من صوت جميل وحماسة مثيرة، ويعد من الخطباء الواعين في المنبر الحسيني) (37).

وقال السيد محمد علي الحلو: (كانت مهمة الشيخ كاظم آل نوح في الكاظمية سفارة علمية تبعثها الحوزة العلمية آنذاك، وكان الشاعر يمثّل عمق التوجهات الحوزوية في حاضرة أدبية تضم مدارس أدبية عدة كبغداد التي عُرفت بجامعتها الأدبية فضلا عن مدارسها العقائدية والفكرية والفلسفية، في خضم هذه النهضة برزت أطروحة الشيخ كاظم آل نوح الأدبية وهيّمنت رثائياته الفاطمية على الغرض الأدبي الذي كانت تطرحه المدارس الأدبية الأخرى، فقد كانت أغراضها فنية أكثر من كونها أغراضاً فكريةً مسؤولة، وكانت أدبيات المدرسة الشعرية الامامية تسجّل حضوراً عقائدياً فكرياً تطرح من خلاله واقعة السيدة الزهراء (عليه السلام) على أنه المنهج التحقيقي الذي يجب أن يسلكه الشاعر، وكانت تملي على المشاريع الثقافية المقترحة ضرورة التحقيق في الوقائع التاريخية وأن تبتعد عن القرارات المرتجلة بشأن القضية التاريخية، لذا فقد جاءت أدبيات المدرسة الشعرية الإمامية مواظبة على الفكرة والمضمون آخذةً بالاعتبار السياقات الفنية التي تتطلبها القصيدة طرحاً وجودةً، وعلى هذا فإن الشيخ كاظم آل نوح مثّل القصيدة البغدادية الملتزمة .... فضلا عن الأطروحة الأدبية الفنية المبتكرة التي يصبو اليها الشاعر وتتأملها طلائع الأمة). (38)

وقال إسماعيل الحاج عبد الرحيم الخفّاف: (أشتهر بقوة الحافظة وفصاحة اللسان ، ورقى المنابر الحسينية في الكاظمية وبغداد وخارجهما ونال مكانة مرموقة بين خطباء المنبر الحسيني) (39)

مؤلفاته

لم يقتصر عطاء نوح على المنبر بل كان مؤلفاً وأديباً كبيراً ترك رصيداً ضخماً من المؤلفات العلمية والأدبية منها:

1 ــ محمد والقرآن / تضمن شهادات شهادات قيمة لكبار فلاسفة الغرب وعلمائهم وكتابهم وأدبائهم وصحافييهم في القرآن الكريم والنبي العظيم (صلى الله عليه وآله) وقد تُرجم إلى الفارسية.

2 ــ الحضارة والعرب وما ذكره الأجانب في ذلك.

3 ــ المدنية والإسلام.

4 ــ ملاحظات على تاريخ الأمة العربية لدرويش المقدادي.

5 ــ الحسم لفصل ابن حزم.

6 ــ رد الشمس لعلي بن أبي طالب من طرق أهل السنة. 1374هـ / 1955م

7 ــ أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وفيه أربعة مسائل تتضمن حديث (الأئمة من قريش).

8 ــ المواعظ الدينية الصحية / نشرته مديرية الصحة العامة بغداد ١٩٣٦ م.

طرق الحديث (الأئمة من قريش) 1374هـ / 1955م

القصيدة العلوية ــ 1361 هـ / 1942 م

محمد والقرآن (تمت ترجمته إلى اللغة الفارسية) ــ 1355 هـ / 1936م

ملاحظات حول تاريخ الأمة العربية لدرويش المقدادي ــ 1351 هـ / 1933م

وله عدة كتب مخطوطة منها:

1 ــ ملاحظات على تاريخ العراق بين احتلالين لعباس العزاوي

2 ــ النصوص القرآنية والأحاديث النبوية على إمامة أمير المؤمنين (عليه السلام)

3 ــ إيمان أبي طالب

4 ــ أحوال الحسين (عليه السلام)

5 ــ عدة رسائل تتعلق بالمنبر

6 ــ عدة مجاميع من شعر القريض

7 ــ حياتي (40)

أما في مجال الشعر فقد ترك نوح ثروة شعرية كبيرة تمثلت في:

1 ــ ديوان بثلاثة أجزاء يحتوي على سبعة آلاف بيت (41)

2 ــ ديوان يختص بأهل البيت عليهم ‌السلام (42)

وإضافة إلى قيمة هذه الأشعار الفنية فلها قيمة تاريخية كبيرة حيث أرخ فيها نوح أكثر من خمسمائة حادثة تاريخية وأغراض أخر.

توفي نوح في الكاظمية ودفن في الصحن الكاظمي الشريف ورثاه كثير من الشعراء منهم الباحث الدكتور حسين علي محفوظ والشيخ علي البازي والشيخ حميد سعيد الجزائري ومحمد سعيد عبد الحسين الكاظمي والسيد علي جليل الوردي والسيد علي الحيدري والسيد مصطفى المدامغة والسيد جواد شبر الذي يقول في مرثيته:

حـيـاتُـكَ كـلّـهـا غـيــثٌ عـمـيـمُ      ولـفــظـكَ كـلّـه درٌّ نــظــيــــــمُ

ونـثـركَ يـمـلأ الأجــواءَ طـيـباً      كـأنَّ حـروفَـه عـطـرٌ شــمـيـــمُ

مربّي الـجيلَ أنتَ، وكانَ حـقـاً      رثاؤك أيُّـهـا الـرجـلُ الـعـظـيـمُ

تذيعُ على الـورى سـتـينَ عاماً      دروسـاً نــهـجُـهـا جـزلٌ قـويــمُ

وإنّكَ خـالـدُ الـذكـرى ويـبـقــى      حديثُكَ يـسـتـطـيـبُ بـه الـنـسيمُ

أبا الأعـوادِ والـحـكَـمِ الـلـواتي      تـمـثـلَ فيهما الأدبُ الـصـمــيـمُ

تـرفُّ عـلى روائـعِــهـا قـلوبٌ      لـرقّـتِـهـا، وتنـتـعشُ الـجـســومُ

رأيتُكَ تسحرُ الألـبـابَ وعـظـاً      فـكـانـتْ فـي يـديــكَ كما تـرومُ

وآلافُ الأنـامِ إلـيــكَ تـصـغـي      ووجـهُـكَ لاحَ مـطـلـعُه الـوسيمُ

ودوَّى صوتُكَ الـمرهوبُ فيها      كـأنّـكَ فـي الـلـقـا أسَـدٌ هـجــومُ

وقد ضاقَ الـمكانُ بهمْ فضلّتْ      عـلـى مـرآكَ أرواحٌ تــــحــــومُ

مـواقـفُ لـسـتُ أحصيها بـعـدٍّ      على الدنيا وهلْ تُحصى النجومُ

أبا الأعـوادِ مـنـبـرُكَ الـمرجَّى      لـنـفـعِ الـنـاسِ يـعـلوهُ الـوجـومُ

فـهـل أســـنــدتــه لـفـتـىً أبـيٍّ      وهـلْ أحــدٌ يــــقـــومُ بما تـقـومُ

فمَنْ لشبابِ هذا العصرِ يهدي      إذا عـصـفـتْ بـفـكــرتِه السمومُ

تـجـاذبُـه الـعواملُ ليسَ يدري      عـلـى أيِّ الـمـبـادئ يـسـتـديـــمُ (43)

شعره

قال عبد الكريم الدباغ: جمع الشيخ المترجم ما نظمه من شعر في حياته، وصدر ديوانه بثلاثة أجزاء طبعت سنة 1368 هـ ــ وهو ما نقلنا عنه ــ ثم صدر له الديوان في أهل البيت سنة 1375 هـ وهو شعره في أهل البيت عليهم السلام وقد جمع أيضاً ما نظمه من شعر بعد طبع الديوان ولكنه لم يطبع ..) وقد أورد له الدباغ الأشعار غير المنشورة (44)

قال الشيخ كاظم آل نوح من قصيدته في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) وقد قدمناها:

هــلالُ مــحـــرَّمٍ قــــد أوجـــــــــرا     فـؤادي بنارِ جوىً مُـــسـعِـرَا

هــلالٌ بــــه هــلَّ دمــعُ الــعــيــون     فــكـانَ لـطـرفـيَ قــد أسـهرا

بـكـيـنـا لــمـا حـلَّ فـــي (كــربــلا)     ودمعُ الـعـيـونِ دمــاءً جـرى

وقـد كـسـفـتْ شـمـسُـنـا والـنـجــوم     تساقطنَ حزناً على ما جـرى

على ما جرى في عراصِ الطفوف     بـعـتـرةِ أحـمـدَ خـيرِ الـورى

غـداةَ ابــنُ ســعـدٍ أتــى قـــائــــــداً     لـجـيـشٍ كـثـيـفٍ بها عسكـرا

يـنـاجـزُ سـبـطَ نـبــيِّ الــهــــــــدى     ويـطـمـعُ فـي الـري إذ أمِّـرا

ودارتْ رحـى الـحـربِ في موقفٍ     بـهِ قـابـلَ الأدهــمُ الأشـــقـرا

فـفـرَّت كــتــائــبُــهــا نُــكَّــصــــاً     وفـي وجـهِها الـسـبطُ قد غبَّرا

ومُـذ أثـخـنـوا جـسـمَـه بـالـجـراح     ثـوى يـا بـنـفـسـي لقىً بالعرا

وجـالـتْ عـلـى جـسـمِـه خـيـلُـهـم     ورضَّت له الصدرَ حتى القرا

وقال في مولد الإمام المهدي المنتظر (عجل الله تعالى فرجه الشريف) تبلغ (34) بيتاً:

حـــمــــىً بـفـنـاهُ حـجَّـةُ اللهِ فــوقُـــــه      سـرادقُ إجـلالٍ تجــــلّـي الــغياهبا

حمىً ما بدا من فـلـقـةِ الـبـدرِ سـاطـعاً     بجنحِ دجىً إلا انـثنى البدرُ غـاربا

بـمـولـدِه الأســـمــــى تـألّـقَ بــــــارقٌ     فـطـبَّـقَ لـيـلاً شــرقَــها والمـغاربا

به انهدَّ طـودُ الـكـفـرِ وانـثـلَّ عـرشُــه     وأقوتْ ربوعُ الشركِ واندكَّ جانبا

فيومُكَ يومُ الـمـصـطـفـى حـيثُ فيهما     رأيـنـا دلالاتٍ وشـــمـنـا عـجـائــباً

فـإيـوانُ كـسرى قــد هــوتْ شــرفـاتُه     فأصبحَ كـسرى فـارغَ القلبِ واجبا

واخـمـدتِ الـنـيـرانُ فـي فـارسٍ ومِـن     بـحـيـرةِ ساوى مـاؤها راحَ ناضبا

ويـومُــــكَ فــي آيـاتِـه الـغـــرِّ لاحـبـاً     غـدا ولأرواحِ الـنـــواصـبِ سـالـبا

فلله مـن يـــــومٍ غـــــــدا لـقـلـوبِــنـــا     سـروراً بـأشطانِ الــولايةِ جــاذبــا

شـربـنـا بـكـأسِ الـبِشرِ صرفَ مسرَّةٍ     لـيـومِـكَ إذ عـنّـا أزاحَ الــمـعـاطـبا

إمـامُ الـهـدى غُـيِّـبـتَ أفـديــكَ غـائـبا     وثوباً فدتك الـنـفــسُ بـوركتَ واثبا

ألا انهض بأجـنـادِ يغصُّ بها الـفـضـا     جـحـاجـحـةٍ غُلــبٍ تقودُ المصاعبا

تقودُ المذاكي الـشـهـبَ مـعـتـقلي القنا     ومن عزمِها الماضي تسلُّ قواضبا

تـقـلُّ لـيـومــي مـعــركٍ ورزانـــــــةٍ     خـيـولـهـمُ مـنـهـمْ أسـوداً أخــاشـبـا

لـيـومِ وغـىً أسْــداً ويــومِ رزانــــــةٍ     جـبـالاً خـيـاشـيباً وشُـمَّـاً أهـاضـبـا

إلـيـكَ حـجـجـنـا والـقـلـوبُ خـوافــقٌ     لفرطِ الجوى والـدمعُ يـنـهـلُّ ساكبا

أغـثْ شـيـعـةً تـاقـتْ إلـيـكَ نـفـوسُـها     وحـنًّـتْ حـنـيـنَ الـيـعـملاتِ نوادبا

ألا انـهـضْ لنصرِ الدينِ يا ابنَ محمدٍ     لتُرجِعَ من أضحى عن الـدينِ ناكبا

ألـمْ تـرَ أنَّ الــديـنَ أضـحـتْ حُـمـاتُـه     شـتـاتـاً وديـنُ الـكـفرِ قد عـزَّ جانبا

وهذي جيوشُ الكفرِ ضاقَ بها الفضا     يـؤلّـبُـهـا الـكـفـرُ الـقـديـمُ كــتـائــبـا

لـقـد مَـلـكـتْ أوطــانَــنـا ونـفـوسَــنـا     وذا جـيـشُـه أمـوالـنـا راحَ نـــاهـبـا

وكـمْ سَـفـكـتْ مِـنَّـا دمـاءً وكـمْ سَبَتْ     نـسـاءً وأطـفـالٌ تـقـاسي الـمـعاطـبا

وكـمْ أسـروا مـنَّـا رجـالاً وأزمــعـوا     بـهـمْ لـبـلادِ الـكـافــريــنِ مــواكـبــا

أتُـجـلـبُ لـلـبـلـدانِ خــاضـعــةً لـهــا     وترضى بأن يغدو لـها الكـفرُ جالبا

وكـمْ فـي ديـارِ الـمــسـلـمـينَ بفتكِهمْ     بـأجـنـادِنـا قـسـراً أقـامــوا نــوادبــا

أتـغـضـي وهـذا الــكـفرُ داسَ بلادَنا     يـسـوقُ عـلـيـنـا كـلَّ يــومٍ كــتـائـبـا

أتـغـضـي ولا مِــن طـالـبٍ بـتـراثِنا     وقـد جـاءنـا جـيـشُ الضـلالةِ طـالبا

ولـو شـامَ لـمـعاً من حسامِكَ ساطعاً     لـولّـى إلـى أقـصى البسيـطةِ هـاربا

عـلـيـكَ سـلامُ اللهِ مــا لاحَ كـوكــبٌ     ومـا طـلـعـتْ شمسٌ تجلـي الغـياهبا (45)

ومن شعره في الإمام الحسين (عليه السلام) قال من قصيدة تبلغ (52) بيتاً:

تـذكّـرتُ ركـبـاً يــؤمُّ الــعـــراقْ     يـحـفِّـزُه الــحـتفُ للمصرعِ

وفي عرصةِ الطفِّ حلّوا ضحىً     بقفرٍ وحــانتْ جيوشُ الدعي

وسـامَ ابـنُ سـعـدٍ حـسـيــنـاً بـما      تـعـذّرَ إن يــــكُ بــالـطـيِّـــعِ

أبى الضـيـمَ ذاكَ الأبـيُّ الـكـميُّ     وأرخـصَ نـفساً ولم يضرعِ (46)

وقال من قصيدة في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) وتبلغ (39) بيتاً وقد قدمناها:

لعمرُكَ ما كيدُ ابنِ هندٍ بضائرٍ      على الدينِ لولا السامريُّ وعجلُه

فثـقـلاً رسـولِ اللهِ ثـقـلٌ مُمزّقٌ      وقـتـلاً وسـمَّـاً راحَ يـتـلـوهُ ثـقـلُه

وبنتُ رسولِ اللهِ ماتتْ بغصَّةٍ      وراحَ لـهـا حـمـلٌ ومـا تـمَّ حـمـلُه

وقال من قصيدة في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) وتبلغ (43) بيتاً:

هذي بناتُكَ قد حُمِلنَ حواســراً     مــــــــثلَ الإما قد رُبِّقتْ بحبالِ

وإلى الشآمِ سرتْ بها أعداؤها     حسرى القناعِ على متونِ هزالِ

وترى رؤوسَ حماتِها محمولةً     بينَ المـحاملِ فوقَ سمرِ عَوالِ (47)

وقال من أخرى:

أبا الـزهـراءِ قد عـقـدتْ عـلـيـنـا      لإخراجِ الوصيِّ مــؤمـراتُ

وأخـرجَ مُـرغـمـاً لـعـمـيـدِ تـيــمٍ      أتـرضـى أهـلـه وهــمُ الأباةُ

فأينَ مضوا وقد أخذوا ابنَ عمي      أأيـقـاظٌ هُـمُ أمْ هُـــمْ سـبــاتُ

فـلـيــتَ أبــا عـمـارةَ كـانَ حـيَّـاً      وجعفرَ أينَ مـن قُتلوا وماتوا

خرجتُ وراءهـم ودمـوعُ عيني      تـهـلُّ كـمـا تــهـلُّ الـغاديـاتُ

وصحتُ بهم ألا خلّوا ابنَ عـمِّي      فهلْ لكمُ علـى زوجي تراتُ

فـخـلّـوا عـنه ثم قـصــدتُ داري      وولـدُك والـبـناتُ مُروِّعاتُ

وحينَ قـضـتْ وجـهَّـزَهـا عـليٌّ     وعـفّـى قـبــرَهـا وهُمُ سُباتُ

ولـمّـا أصـبحوا سمعوا بدفنِ الـ     ـبـتولِ وضـمَّ هيكلَها الرفاتُ

وما عرفوا مـكـانَ الـقـبـرِ حتى      لـهـذا الـيـومِ واختلفَ الرواةُ

فـهـلْ دُفـنـتْ بـحـجـرتِـهـا بـليلٍ      وهـلْ ضـمَّــتْ بجثتِها الفلاةُ

وهـلْ دُفـنـتْ بـقـربٍ مـن أبـيها      بـقـبـرٍ والــقـبـورُ مُـجـدداتُ

وهـلْ ضـمَّ الـبـقـيـعُ لـهـا وهذا      يـعـرِّفُـنـا بـمـا فـعـلَ الـجـفـاةُ

وهـذا يـلـفـتُ الأنـظـارَ فـيـمــا      أصابَ من ابنةِ الهادي الجناةُ (48)

وقال من قصيدة في أهل البيت (عليهم السلام) تبلغ (33) بيتاً:

بـمـفـرقـي الـشـيبُ بدا وقد مضى      شرخُ الشبابِ وانقضتْ أيامُه

لـفـادحٍ بـعـدَ الـنـبـيِّ قــد جــــرى      في القلبِ يُوري أبداً ضرامُه

قد رفـضـتْ شـرعـتَـه وغـيّـــرتْ     سـنَّـتَـه وبُـدِّلــتْ أحــكــامُـــه

إن تتلُ منها وأولو الأرحامِ في الـ     ـذكرِ يرى قد قُطّعتْ أرحامُه

أبـرمَ عـقـداً لا يـحـلُّ فـاغــتــــدى      مـنـتـقـضـاً مـن بـعدِه إبرامُه

عـدوا عـلـى دارِ الـبـتـولِ بــعــده      قـسـراً ولـم يُـرعَ بـهـا ذمامُه

ومُـذ قـضـتْ ألـحـدَهـا حـيــــدرةٌ      والـلـيـلُ كـان غـامـراً ظلامُه

في روضـةِ الـنـبـيِّ أو حـجـرتِـها      أو في البقيعِ ضـمَّـها رغامُه

وظـلَّ حـيـدرٌ جـلـيـسَ بــيــتِـــــه      يـبـكـي وتبكي حوله أيـتـامُـه

ولـم يـزلْ بـعـدَ الـنـبـيِّ صـابــراً     مُضـطـهـداً حتى دهى حمامُه (49)

وقال من قصيدة في رثاء الزهراء الإمام الحسين (عليهما السلام) تبلغ (35) بيتاً:

يـقـلُّ لـعـيـنـيَ تــذري الــدمــوعا      لفاجعةٍ وهـيَ تـحـنـي الضلــوعا

لـفـاجـعـةٍ وقـعـتْ فــي الـطـفوف      وعـمَّـتْ بـحزنٍ علـينا جـمـيـــعـا

وأذرتْ دمـوعَ الـهـدى صـيِّـــبــاً      وأجـرتْ لـطـهَ الـنــبـيَّ الدمـوعـا

وعـمـرو وهـاشـمُـهـا قــد غـــدوا     بذا الخطبِ والناسُ كلٌّ جـزوعـا

فـحـادثُ يـومِ الـطـفـوفِ اغـتـدى      لـقـتـلِ الـصــناديدِ خطباً مروعــا

قـضـوا عـطـشـاً بـالـعـرا كـلـهــمْ     وحـقّـهـمُ كــان قـسـراً أضِـيــعــا

ومـا ضـاعَ حـــقٌّ لآلِ الــرســول     لأمـرٍ دهـاهــمُ فــأضـــيــعـــــــا

بـيـومٍ بـه مـاتَ طــــهَ الـــنـــبــيّ      وانـقـلـبـوا بـعــدَ طـه ســريـــعـا

وفـاطـمـةٌ وهــــيَ مــحـــزونــــةٌ      تـعـادوا على الدارِ عدواً مُريــعا

وجـاؤوا بـحـزمـتِــهــم عـوســجاً      عـلـى بـابِـهـا كـانَ أمـراً فـظــيعا

وصاحَ اضرموا النارَ أو يخرجنْ      عـلـيٌّ وإلا أبــيــدوا جـــمـــيــعـا

فــقــالــوا لـــه: إنَّــمــا فـــاطـــــمٌ      بذي الدارِ للحزنِ تـذري دمـوعا

فـقـال: وإنْ أحـــرقُ الـــــــدارَ إذ      عـلـيٌّ بـذي الدارِ يُـخفي جمـوعا

وصــاحَ ألا أخــــرجْ إلـى بـيـعـةٍ      قـد بـايـعَ الـنـاسُ كــلٌّ مـطـيــعـا

أبـى حـيـدرٌ أن يــلـــبِّـــي الـنـداء      فـأخْـرِجَ قـهـراً خــروجـاً شـنيعاً

وأدخـلَ والـنـاسُ فـي مـسـجـدِ الـ     ـنـبـيِّ وكـلٌّ يـعــانـي الـهـلـــوعا

ولـم يـرضَ حـيـدرُ فـــي بــيـعـةٍ      ولم يخضعنْ أو يكونَ الضروعا

لـقـد غـصـبـوا حــيـــدراً حـــقَّــه      وحـقـي الـصـريحُ جهاراً أضيعا

أيـا أبـتِ انــقـلـبـوا بــعــــــــدَ أن      أرادوا إلـى ديـنِ نـسـرٍ رجــوعا

ولـكـنّـهـم نــافــقــوا فــاغــتـــدوا      بـأيـديـهـمُ الـحـكـمُ حـكمـاً فـظيعا

وقـد غـصـبـوا فـدكـاً عـــنــــــوةً      وجـاءَ وكـيـلٌ إلـــيــنا ضــروعا

فـرحـتُ أطــالــبُ فــي نـحـلـتـي      فـلـمْ أجــدنّ لـيَ مــنـهمْ ســمـيـعا

وطـالـبَ مـنِّـــيَ فـــي أن أقــيــم      شـهـادةَ حـــقٍّ تــردُّ الــمـنــــوعا

فـقـلـتُ عـلـيٌّ وســبــطــا الـنـبي      شهودٌ على الحقِّ ردُّوا جـــمـيـعا

فأدلـتْ لـه حـجـجـاً واضــحــات      فأعرضً عنها وعـادتْ سـريـعـا

إلـى بـيـتِـهـا وهـيَ مـهـضـومــةٌ      لغصبٍ لـها وهيَ تُذري الدموعا

وكـانَ انـتـظـارُ عــلــيٍّ لـــــهــا      عـلـى قـلـقٍ منه يطوي الضلوعا

وقـد دخـلـتْ وهــيَ فـي ثــوبِـها      تـعـثّـرُ والـدمـعُ يـجـري هـموعا

فـقـالَ لـهـا صـنـوُ طـهَ اصـبري      فـحـقِّـي وحـقِّـكِ قـسـراً أضـيـعـا

لـقـد صـبـرتْ وبـكـتْ حـــسـرةً      وراحـتْ إلـى اللهِ تـشكو الصنيعا

صـنـيـعَ الـذيـنَ عـلـى غـصـبِها      قـد اتـفـقـوا غـصـبَ حـقّي جميعا

ومـاتـتْ وإنَّ عــــلـــــيـــاً رأى      بـجـنبٍ لها قد كسرنَ الضـلـوعـا

وانـزلها قـبـرَهـا فـي الـظـــلام      وعـادَ إلـى الـبـيتِ يذري الدموعا

لـكَ اللهُ حـيـدرَ إمّــا صـبـــرتْ      ولـم تـكُ مـن أيِّ خـطـبٍ جـزوعا (50)

وقال من قصيدة:

يـومٌ بـه بُـعـثَ الـنـبــيُّ مـــحــمــدُ      يـومٌ يـؤرِّخُــه الـزمــانُ الأبعدُ

يـومٌ بـه أزدهـرَ الـزمـــانُ بـبـعـثةٍ      لـمـحـمـدٍ أفـراحُـهـا تــتـجـــدَّدُ

أمـحـمـدٌ ولأنــتَ رحـمـةُ ربِّـــنــا     وعلى عـبـادِه أنـتَ أنــتَ السيِّدُ

أحـيـيـتَ شـعـبـاً مـيِّــتـاً وحـفظتهُ      ذمماً بـسـيفِ الحقِّ وهـوَ مُجرَّدُ

وبـسـيـفِ عزمٍ كان حيدرُ قاصماً      ظـهـرَ الـضلالِ وسيفُـه لا يُغمدُ

خـلّـفـتَ حـيـدرَ وهـوَ يـعـبـدُ ربَّـه      في الليلِ يحيا سـاهـراً لا يـرقدُ

مـتـهـجِّـداً مـتـوسِّـــــلاً فـي ربِّـــهِ      من خـشـيـةٍ يـبـكي يقومُ ويقعدُ

يشكو له من بـعـدِ أحـمـدَ ما جرى      من ظـلـمِهم لعليِّ وهـوَ مُـنـكَّـدُ

يـشـكـو هـجـومَهمُ على الدارِ التي      هـيَ لـلـنـبـيِّ ولـلملائكِ مَقصدُ

يـشـكـو لـه إذ أخـرجـوهُ مـرغَّــماً      من دارِهِ وهوَ المصابُ المجهدُ

يـشـكـو لـه إذ قـد فُـزِّعِـنَّ عـيـالُـه      من ضربِ سوطٍ للمتونِ تسوِّدُ

يشكو لكسرِ الضلعِ من ريحانةِ الـ     ـهادي ويشكو نارَ حـرٍّ تـوقـــدُ

يـشـكـو إلـيـهِ غـاصـبـاً حـقــاً لــه      وأغـارَ من حقدٍ عـلـيـه الحُــسَّد

يـشـكـو له مَـن قـد دعـوهُ لــبـيـعةٍ      وتـهـدَّدُوه إن أبــى وتــوعَّـدوا

ودعـتـهـمُ خـلّـوا ابـنَ عــمـي إنّـه      أولاكـمُ بـمـكـانِ أحـمـدَ يــقــعدُ

قد قـالَ بـعـضـهـمُ دعـوهُ فـــإنّـهـا      لمْ ترجعنَّ عنه وبعضُ تردَّدوا

حـتـى يـبـايـعَ أو تُـحـزَّ غــلاصـمٌ      مـنـه وانَّ حـسـامَـنـا لا يُــغـمدُ

صـاحَ ابـنُ أمِّ ألـمْ تـشـاهـدْ إنّــهـمْ      يـبـغـون قـتـلي والحسامُ مُجرَّدُ

وأبـيـكَ لـوْ لـمْ تـأتِ فـاطـمـةٌ لـما      كفّوا عن الـكـرَّارِ وهـوَ مــؤكّدُ

يـا لـيـتَ أحـمـدَ قـد رآهــمْ بـعـده      فـي ذلّـةٍ والـعـيـشُ عـيـشٌ أنكدُ

تـركـوهـمُ حـلـسَ الـبـيـوتِ بـقوةٍ      قـد سـاءَ عـيـشهمُ وساءَ الموردُ

والـبـضـعـةُ الـزهراءِ ماتتْ بعدَه      ولها بجنحِ الـلـيـلِ سـرَّاً ألحدوا

وبـكـى عـلـيٌّ بـعدها والحزنُ قد      أوهاهُ طولَ الـليلِ وهـوَ مـسـهَّدُ

فـعـلـيـكَ يـا خـدنَ الـنـبـيِّ تـحـيةً      منّي ونارُ حـشـايَ دومـاً تـوقـدُ (51)

.....................................................

1 ــ ديوان الشيخ كاظم آل نوح، خطيب الكاظمية ــ مطبعة المعارف ــ بغداد 1368 هـ / 1949 م ج 1 ص 18 ــ 19

2 ــ نفس المصدر ج 1 ص 24 ــ 25

3 ــ نفس المصدر ج 1 ص 116 ــ 119

4 ــ نفس المصدر ج 1 ص 151 ــ 152

5 ــ نفس المصدر ج 1 ص 174 ــ 176

6 ــ نفس المصدر ج 2 ص 284 ــ 285

7 ــ نفس المصدر ج 2 ص 286 ــ 287

8 ــ نفس المصدر ج 2 ص 335 ــ 340

9 ــ نفس المصدر ج 2 ص 343 ــ 344

10 ــ نفس المصدر ج 2 ص 539 ــ 541

11 ــ نفس المصدر ج 2 ص 620 ــ 621

12 ــ نفس المصدر ج 2 ص 681 ــ 682

13 ــ ذكر منها (11) بيتاً في أدب الطف ج 10 ص 140

14 ــ أدب الطف ج 10 ص 140 / موسوعة الشعراء الكاظميين ج 5 ص 274

15 ــ أعيان الشيعة ج ٩ ص ١٠

16 ــ أدب الطف ج 10 ص 140

17 ــ تاريخ الكاظمية ج 2 ص 592 / مقدمة الديوان ج 1 بقلم الشاعر ص 1

18 ــ أدب الطف ج 10 ص 142 / موسوعة الشعراء الكاظميين ج 5 ص 274

19 ــ موسوعة الشعراء الكاظميين ج 5 ص 377

20 ــ أدب الطف ج 10 ص 142

21 ــ أعيان الشيعة ج ١ ص ١٣٥

22 ــ تاريخ الرسالة (٢٣ /١٢ /١٩٤٥) وهي منشورة ضـمن كتاب الحوماني: (بين النهرين دجلة والفرات ص 306) ط بيروت ١٩٤٦

23 ــ أدب الطف ج 10 ص 142

24 ــ تقريض ديوان نوح في أهل البيت (عليهم السلام) ج 3 ــ و ــ

25 ــ تقريض كتاب كاظم نوح (محمد والقرآن)

26 ــ طبقات أعلام الشيعة ج 5 ص 71

27 ــ موسوعة معجم الخطباء ج ٦ ص ٨١

28 ــ مع الصادقين ص ٢٩٥

29 ــ تاريخ الكاظمية ج 2 ص 293

30 ــ من كلمة ألقاها في الذكرى السنوية الأربعين لوفاة الشيخ كاظم آل نوح

31 ــ موسوعة العتبات المقدسة (قسم الكاظمين/ بيوتات الكاظمية) هامش ص / ١١٦ – ١١٧

32 ــ خطباء المنبر الحسيني / ج ١ ص ١٠٦

33 ــ أعيان الشيعة ج ٩ ص ١٠

34 ــ دراسة بعنوان خطيب في ذاكرة التاريخ / مجلة المنبر الحسيني ص ١٥٩ - ١٦٢ / سوريا العدد ٥ لسنة ٢٠٠١

35 ــ مجلة الموسم العدد 104 ص 338 – العدد الخاص الذي حمل عنوان: مواسم الحسين عليه السلام

36 ــ تقريض ديوان الشيخ نوح في أهل البيت (عليهم السلام)

37 ــ أمير المنابر الدكتور الشيخ أحمد الوائلي ص ٢٨٢

38 ــ أدب المحنة ص 365

39 ــ الامام الكاظم وذراريه ص 443

40 ــ موسوعة الشعراء الكاظميين ج 5 ص 260 / خطيب الكاظمية.. الشيخ كاظم آل نوح مجلة ينابيع بقلم د. جمال الدباغ بتاريخ 7 / 11 / 2018

41 ــ السيد محسن الأمين - ج ٩ - الصفحة ١٠ / تاريخ الكاظمية ج 2 ص 595

42 ــ موسوعة الشعراء الكاظميين ج 5 ص 378

43 ــ أدب الطف ج 10 ص 142 ــ 143

44 ــ موسوعة ج 5 ص 378 ــ 402

45 ــ ديوانه ج 1 ص 48 ــ 50

46 ــ نفس المصدر ج 2 ص 417 ــ 419

47 ــ نفس المصدر ج 2 ص 541 ــ 543

48 ــ أدب المحنة ص 366 ــ 367

49 ــ ديوانه ج 2 ص 595 ــ 596

50 ــ أدب المحنة ص 368 ــ 370

51 ــ أدب المحنة ص 370 ــ 372

كما ترجم له وكتب عنه:

خير الدين الزركلي / الأعلام ج 5 ص 215

الشيخ أغا بزرك الطهراني / الذريعة إلى تصانيف الشيعة ج 20 ص 156

كوركيس عواد / معجم المؤلفين العراقيين ج 3 ص 26 ــ 27

حميد المطبعي / موسوعة أعلام العراق في القرن العشرين ج ٢ ص ١٨٨

إبراهيم الحيدري / تراجيديا كربلاء ــ سوسيولوجيا الخطاب الشيعي ص ٧٤ ــ ١٠٢

محسن حسن عباس / دراسة فنية لشعر الشيخ كاظم آل نوح ــ دراسة فنية / كلية العلوم الاسلامية بجامعة بغداد / قسم اللغة العربية 2018

عبد الكريم الدباغ ــ أعلام الحلة في الشعر الكاظمي : شعر الشيخ كاظم آل نوح أنموذجا ــ مجلة المحقق المجلد 4، العدد 7 بتاريخ 30 / 4 / 2019) ص 45 ــ 98

المرفقات

كاتب : محمد طاهر الصفار