249 ــ عباس آل سليمان (1299 ــ ١٣٦٣ هـ / 1881 ــ 1943 م)

عباس آل سليمان (1299 ــ ١٣٦٣ هـ / 1881 ــ 1944 م)

قال من قصيدة في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) تبلغ (23) بيتا:

وفي (كربلا) أضحتْ تكـابدُ فـادحاً     على الرغمِ منها فيه يُطـوى كتابُها

تـجـاذبُ أيـديـهـا إلـى صـفـقـةٍ بـها     يعزُّ على الهادي الرسولِ انجـذابُها

فقلْ للعدا أمناً قضى الضيغمُ الـذي     يردُّ الـكـمـاةَ الـغـلـبَ تُـدمى رقابُها (1)

ومنها:

أصـبـراً وأمـنُ الـخائفين بـ (كربلا)     يـروّعُ حـتـى فـيـه ضـاقـتْ رحـابُها

إمامُ الـهـدى نـهـضـا فـإن دمـاءكـمْ     على الأرضِ هدراً يُستباحُ انصبابُها

أصبراً وفي الطفِّ الحسينُ تناهبتْ     قــواضــبُــهــا أشــلاءه وحــرابُــهـا

ومنها:

يعزّ على الهادي النساء بـ (كربلا)      يـزلـزلُ ثـهـلان الـبـطـاحِ انـتـحابُها

فـمـن مـبـلـغ الـمـخـتارَ عني ألوكة      على نشرِ رزءِ الطفِّ يُطوى كتابُها

شـفـتْ حـقـدَ بـدرٍ فـي بـنـيكَ بوقعةٍ      أصـابَ جـمـيـعَ الـمسلمينَ مصابُها

وقال من قصيدة أخرى في رثائه (عليه السلام) أيضاً:

وبها اغتدى الـتـوحـيـدُ يشكو لوعةً     طـول الـلـيالي لا يَرى إبراءَها

سـامـتـه إمَّــا أن يُــســالــمَ فــي يـدٍ     مـا سـالـمـتْ فـي ذلّـةٍ أعـداءَها

أو أن يموتَ على ظماً في (كربلا)     تروي الظبا من نحرِه إظماءَها (2)

وقال من حسينية أخرى تبلغ (16) بيتا:

قضته قناةُ الرجسِ ظامٍ بـ (كربلا)      ومـن نـحـرِهِ أمـسـتْ تروَّى لهاذمُه

ونسوتُه في الـسـبي صارت بحالةٍ      لها الدمـعُ بـالدم استفاضتْ سواجمُه

لـهـا الله لا حـامٍ يـصـونُ خـبـاءَها      بيومٍ به في الموتُ غصَّتْ غلاصمُه (3)

وقال من حسينية أخرى تبلغ (15) بيتاً:

خاضها في (كربلا) مدّرعاً      باصـــطبارٍ فيه قد حازَ عُلاها

فقـضى عزّاً بها في صرعةٍ      ألـــبسَ العليا شجىً لا يتناهى

وعـــلى الغبراءِ دامٍ وزَّعتْ      جسمَه بيضُ المواضي وقناها (4)

الشاعر

السيد عباس بن حسين ابن الشاعر الكبير السيد حيدر الحلي من أسرة (آل سليمان) التي تعد مفخرة الأسر العلمية والأدبية في الحلة وترجع في نسبها إلى الإمام الحسين (عليه السلام). 

ولد السيد عباس في الحلة وورث الشعر عن آبائه وأجداده الذين تدرجوا في مدارج الأدب، فتح عينيه على دنيا الشعر وبيد جده صولجانه، وعندما بلغ الخامسة من عمره توفي جده السيد حيدر الحلي، وقبل أن يبلغ العشرين من عمره أرسله أبوه إلى النجف الأشرف للدراسة فبقي فيها أربع سنوات نهل خلالها من حلقات العلم والأدب، ثم عاد إلى الحلة وفي الأربعين من عمره توفي والده السيد حسين فتولى مهام أبيه في الزراعة وشؤون الأرض لكن انشغاله في الأرض والزراعة لم يمنعه من مزاولة الشعر والأدب فترك ديوانا أغلبه في مدح ورثاء أهل البيت (عليهم السلام) وكانت وفاته بالحلة ونقل جثمانه إلى النجف فدفن بها. (5)

يقول عنه الشيخ محمد علي اليعقوبي: (وكانت ترى آثار النجابة على أسارير وجهه مزيجة بالأريحية والنبل وكرم الطباع وخفة الروح، وله شغف شديد وولع عظيم بمطالعة الكتب الأدبية ودواوين الشعراء، ولقد ساهم في نشر (العقد المفصل) أحد آثار جده السيد حيدر حين طبع ببغداد سنة ١٣٣١ هـ)‍. (6)

وقال الخاقاني: (كان لبقاً أديباً خفيف الروح طيب الحديث لطيف العشرة يمتزج بالصديق بأقرب زمن) (7)

شعره

قال اليعقوبي: (وكان مقلا من النظم مقتصرا فيه على رثاء آل الرسول ومدح والده الحسين ولم يطرق غير ذلك من أبواب القريض إلا مات ندر..) (8)

قال من قصيدة في الفخر ومدح أمير المؤمنين (عليه السلام):

ولي عزماتٌ يحجــــمُ الليثُ دونَها     تورّثتها عـن حيدرِ الأسد الوردي

فتىً يـقـطـرُ الموتَ الزؤامَ حسامُه     إذا اســتلّه يـومَ الـكـفـاحِ من الغمدِ

هوَ الـبـطـلُ الـفـتّـاكُ عـزمـةُ بأسِهِ     تفلُّ بيـومِ الحربِ حدَّ ظـبا الهندي

حمى حوزةَ الإسلامِ خائضَ دونِها     كـفـاحـــاً بـنارِ الحربِ تلفحُ بالوقدِ (9)

وقال من قصيدته البائية في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) والتي قدمناها:

بـوادرُ دمـعٍ لا يــجـفُّ انــســكـــابُـهـا     ونيرانُ حزنٍ ليسَ يُطفى التـهابُها

خليليَّ ما هاجـتْ على الشوقِ لوعـتي     ولا أسـهـرتْ منّي العيونَ كعابُـها

ولكن عـرتني من جوى الطفِّ لوعـةٌ     يـشـبُّ بـأحـنـاءِ الضـلوعِ الـتهابُها

غداةَ انـتـضـتْ أبـناءُ حربٍ مـواضـياً     أراقَ دمَ الإسـلامِ هـدراً ضـرابُـها

وقد أودعتْ في مهـجـةِ الـديـنِ حرقةً     فـلـم يـلـتـئمْ طولَ الزمانِ انشعابُها

لـقـد غـصـبـتْ آلَ الـرســالـةِ حـقَّـهـا     بكفٍّ مدى الدهرِ استمرَّ اغتصابُها

تـجـاذبُ أيـديـهـا إلـى صــفــقـةٍ بـهـا     يعزّ على الهادي الرسولِ انجذابُها

فقـلْ للـعِدى أمناً قضى الضيغمُ الذي     يـردُّ الـكـمـاةَ الـغـلبَ تُدمى رقابُها

وأصـبـحَ ذاكَ الــلــيـثُ بـيـنَ أمــيــةٍ     تــنـاهـشـه ذؤبــانُــهـا وكـلابُــهــا

أصبراً وآل اللهِ تُـمـسى عـلـى الظـما     ذعافُ المنايا في الطفوفِ شرابُها

وقال من حسينيته الميمية التي قدمناها:

غداةَ استهاجَ الرجسُ جيشَ ضلالةٍ     على ابنِ هُداها بالطفوفِ تهاجمُه

أراعَ قـلـوبَ الـمـسـلـمـيـنَ بمدهشٍ     تـجـدِّدَ حــزنـاً كــلُّ آنٍ مــآثــمُــه

أصـبـراً وقـد آلــتْ أمـيـةُ لا تـرى     لآلِ الـهـدى عـزاً تُــشـادُ دعـائـمُه

فـيـا مـقـلـةَ الإسـلامِ دونـكِ والـبكا     بدمعٍ مـن الأحـشـاءِ يــنهلُّ ساجمُه

فـإنَّ ابـنَ بـنـتِ الـوحـي بـين أميةٍ     بـحـدِّ الـمـواضي تُستحـلُّ محارمُه

لـه الله دامٍ بـالـطــفـوفِ مُــجــرَّداً     كـسـتـه بـأبـرادِ الــثـنـاءِ مـكـارمُـه

وقال من همزيته التي قدمناها في رثاء الحسين (عليه السلام):

طرقتْ تُزلزلُ أرضَها وسماءها     نـكـبـاءُ تـقـدحُ بـالـحـشا إيراءها

الله أكـبـرُ يــا لــهــا مــن نـكـبـةٍ     أسدتْ على أفقِ الهُدى ظلماءها

عـمّـت جـمـيعَ المسـلمينَ بقرحةٍ     لـلـحـشـرِ لا زالتْ تـعالجُ داءها

وقال من (هائيته) التي قدمناها:

ما لفهرٍ هجرتْ ماضي ظباها      فلتصـــلْ بالموتِ أرواحَ عِـداها

أتــــــناستْ فعلَ حربٍ أمْ على      حـــــسكِ الضيمِ أقرَّت مُقلـتاها

بل دهـــاها حادثُ الطفِّ الذي      طبَّقَ الأرضَ صراخاً وسـماها

دهشةً أذهــــــــــلها في رعشةٍ      ألقتِ الأســــلحَ لا عـجزاً يـداها

فلتقُمْ ناهضةً في عـــــــــــزمةٍ      توقدُ الهيجــــاءَ في لــفحِ لظاها

ولتكنْ طـــــــــالبةً في نهضِها      دمَ حرٍّ شادَ بالــــــــسيفِ عُلاها

فقضى عزَّاً بــــــها في عزمهِ      لا يرى مِن ناصرٍ يُوري لظاها

أرجعتْ صولته الـــــهيجا إلى      حيث طارتْ خيفةً منه حشــاها

فتلقّى الحربَ في مــــــــعركةٍ      بـــــالرَّدى تطفحُ أمواجُ وغاها

خاضها في (كربلا) مـــدّرعاً     باصـــــطبارٍ فيه قد حازَ عُلاها

فقـضى عزّاً بها في صـــرعةٍ     ألـــــبسَ العليا شجىً لا يتناهى

وعـــلى الغبراءِ دامٍ وزَّعــــتْ     جـسمَه بيضُ المواضي وقناها

............................................................

1 ــ شعراء الحلة ج 3 ص 263 ــ 264 / الحسين في الشعر الحلي ج 1 ص 359 ــ 360 / ذكر منها (17) بيتاً في أدب الطف ج 7 ص 297 ــ 298 / وذكر منها (18) بيتا في البابليات ج 4 ص 147 ــ 148

2 ــ ذكر منها (6) أبيات في شعراء الحلة ج 3 ص 263 / أدب الطف ج 9 ص 300

3 ــ الحسين في الشعر الحلي ج 1 ص 360 / شعراء الحلة ج 3 ص 267 ــ 268

4 ــ شعراء الحلة ج 3 ص 268

5 ــ أدب الطف ج 9 ص 298 ــ 300

6 ــ البابليات ج 4 ص 144

7 ــ شعراء الحلة ج 3 ص 262

8 ــ البابليات ج 4 ص 144

9 ــ شعراء الغري ج 3 ص 265 / أدب الطف ج 9 ص 300

المرفقات

كاتب : محمد طاهر الصفار