248 ــ عباس أبو الطوس (1350 ــ 1377 هـ / 1932 ــ 1958 م)

عباس أبو الطوس (1350 ــ 1377 هـ / 1932 ــ 1958 م)

قال من قصيدة (الحسين الخالد) وتبلغ (80) بيتاً:

وبأنَّ تقطعكَ السيوفُ بـ (كربلا)     وحماكَ ينهـبُـه الـعدوُّ الموغرُ

مولايَ يا وهجَ الـحـيــاةِ تــحـيـةً     منّي تطوفُ على دماكَ وتنشرُ

مـاذا أقـولُ فـكـلُّ قــافــيـةٍ غـدتْ     لهباً تسـيـلُ وجـذوةً تــتـسـعَّـرُ (1)

الشاعر

عباس بن مهدي بن حمادي بن حسين، ولد في كربلاء من عائلة فقيرة عرفت بآل أبي الطوس نسبة إلى والده الذي كان يصنع الأواني التي يُشرب بها الماء وتسمى بالعامية (طاسة) وجمعها (طوس). وكان والده ماهراً في نقش هذه الأواني ــ الطوس ــ فعرف بهذا اللقب، وقد نزحت هذه الأسرة إلى كربلاء عام (1220 هـ / 1805 م) (2)

تعلم عباس أبو الطوس القراءة والكتابة وهو في سن السادسة من عمره على يد الكتّاب ــ وهو معلم الصبيان ــ الشاعر الشيخ عبد الكريم الكربلائي ــ أبو محفوظ ــ فشغف منذ طفولته بالأدب والنحو فكان قارئاً نهماً اكتسب من القراءة ثقافة واسعة وكبيرة ويستشفُّ ذلك من شعره، فلا يحسب لمن يقرأ قصائده أن شاعرها لم يكمل العقد الثالث من عمره إذ احتوى شعره على خصائص ومميزات وصور مبتكرة وأسلوب رصين وقوة في التعبير تجعله في مصاف كبار الشعراء.

قال عنه السيد جواد شبر: (ولع بالأدب منذ الطفولة وتدرَّج وهو يقرأ النحو كالقطر لابن هشام، والألفية لابن مالك، ويطالع البيان والتبيين للجاحظ، وجواهر البلاغة، وتاريخ الإسلام ويقضي شطراً من وقته بقراءة دواوين الشعر كما حفظ خمسين خطبة من نهج البلاغة لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌ السلام، وحفظ ما يقارب عشرة آلاف بيت من الشعر ومنها المعلقات). (3)

وقال عنه السيد سلمان هادي آل طعمة: (ولع بالشعر منذ نعومة أظفاره فأقبل على المطالعات الأدبية بشغف شديد فقرأ الإجرومية، ثم شرح القطر، ومغني اللبيب، وألفية ابن مالك، والبيان والتبيين للجاحظ، وجواهر البلاغة، وقرأ تاريخ الإسلام كله، ودواوين الشعراء كلها، وحفظ خمسين خطبة من نهج البلاغة، وحفظ ما يقارب عشرة آلاف بيت من الشعر العربي كما حفظ المعلقات) (4)

وقال عنه الشيخ موسى أبراهيم الكرباسي: (وقد كان لشغفه الكبير في المطالعة ولولعه الخاص في الإقبال على استلهام ما يقع عليه بصره من كتب ومجلات وصحف أثره البالغ في إعداده إعداداً موفقاً مكنه من أن يكون شاعراً مبدعاً له مكان مرموق في الوجود الأدبي وإن توجيهه دفعه إلى أن يحظى برصيد كبير من الثقافة العامة أولاً وإلى أن يكون علماً من أعلام الأدب البارزين الذين خطوا بنتاجاتهم القيمة أروع صفحات من المجد ثانيا ...) (5)

وقال عنه الأديب والناقد عبد الرزاق عبد الكريم: (يحتل الشاعر الكربلائي عباس أبو الطوس مكاناً مرموقاً في سفر الوجود الأدبي لما له من رصيد أدبي مكنّه من بلوغه تلك المكانة، وقد احتضنت الدراسات الأدبية صفحات منه أماطت اللثام عن أسلوبه الشعري وطريقته الفنية وقد حدا بالدارسين إلى الاهتمام به لما لأسلوبه من واقعية في التصوير وحداثة في البناء.... ) ثم يقول عنه: (عاش فقيراً فحمل ألم الكادحين ومات منسياً فكان جندياً مجهولاً). (6)

وللقارئ أن يستشف ولعه بالقراءة وحبه للثقافة والعلم من خلال هذه المصادر المهمة التي قرأها وحفظها شاب لم يتجاوز عمره الخامسة والعشرين، غير أن أبا الطوس لم يكتف بهذه القراءات بل هاجر إلى النجف لمواصلة تعليمه رغم ظروفه المادية الصعبة وبقي في النجف مواظباً على حضور حلقات العلم والأدب لمدة سنة ونصف ثم عاد إلى كربلاء فأصيب بمرض روماتيزم القلب ومات في المستشفى الحسيني ودفن في كربلاء.

عاش أبو الطوس حياة العوز وشظف العيش فعمل عند أحد القصابين للحصول على لقمة العيش ثم تركها ليعمل في مكتبة العروبة التي أشترك في فتحها كل من الأديبين الحاج جاسم الكلكاوي وحسن عبد الأمير المهدي.

عرف الشاعر إضافة إلى مدائحه ومراثيه لأهل البيت (عليهم السلام) بشعره ونشاطه السياسي وقد تعرض للإعتقال أكثر من مرة فقبع في سجون الكوت وبغداد وبعقوبة لفترات، وكان مشاركاً نشطاً في المحافل والمهرجانات الدينية والوطنية التي كانت تقام في كربلاء، وكان ينشر قصائده في الصحف والمجلات المحلية والعربية منها: مجلة رسالة الشرق الكربلائية، وجريدة شعلة الأهالي، ومجلة العرفان اللبنانية.

وعن خصائص أدبه قال عنه الأستاذ توفيق حسن العطار: (احتلت النزعة الوطنية مكاناً رحباً في نفسية عباس أبو الطوس، وقد نظم جزءاً من شعره في السجون، وكان ثورياً نابعاً من أحاسيسه الثورية). (7)

وقال عنه الأديب حسن عبد الأمير: (ابتعد أدبه عن المديح المذلِّ لأعناق الرجال، وانتهج أدب الثورة الذي نحتاجه في محنتنا الخانقة، التي نحن فيها الآن ...) (8)

وقال عنه الأستاذ جاسم الكلكاوي: (شاعر لم يجارِ الشعراء من اتباع المادة والمصالح الخاصة وإنما يذهب بالمعنى الشعري الأصيل الذي تمليه عليه مشاعر صادقة ووطنية طافحة بالإيمان وإحساسات نبيلة) .(9)

وقال عنه عبد العزيز البابطين: (شاعر متدفق، فياض العاطفة، قادر على الإطالة وتنوع الموضوعات، في زمنه القصير قال في السياسة، وفي المجتمع، وفي الطبيعة، كما عبر عن عالمه الداخلي ...) (10)

وقال عنه موسى إبراهيم الكرباسي: (ومن يتصفح ما تركه الأديب أبو الطوس من نتاج يلمس رصانة تعبيره وحدة ثورته وقوة شاعريته وبديع معانيه وحرقة ألمه ولظى مشاعره ففي طيات شعره وصف رائع وأسلوب يحفل بجمال التنسيق ولطافة التركيب ...) (11)

وقال عنه الأستاذ غالب الناهي: (وجدت شعراً ممتازاً في وقت ضاعت فيه المقاييس واستحوذت صفة الشعر المائع على أغلب الشعراء الذين تركوا المعاني والكلمات المعبرة عن مداليلها والأفكار إلى حشود من الرطانة والمعميات بدعوى الرمزية، ولقد فعل الزمن بعباس، حاربه بشتى أنواع السلاح، وضن عليه باللقمة التي يموت آلاف الناس من تخمتها، فالعائلة التي نشأ بينها إن لم تكن معدمة فما عندها لا يكفي لأن بفضل منه ما يقوم أود أبنائها ثقافة، لذا فعباس الشاعر الذي ولد عام 1930 في كربلاء كان مرآة تنعكس عليها آلام أهله ومتاعب والده البسيط، لقد تيقظت فيه الاحساسات واختلجت في نفسه الآهات حسرة ولوعة فجاء شعره طافحاً بألفاظه المشبوبة ومفعماً بالحرقة، حرقة الحرمان لا سيما وهو أديب مرهف الشعور يرى من هو أقل منه كفاءة رافلا ببطر النعمة فشعره أبداً يمثل حياته ومراحل آلامه وبؤسه) (12)

وقال عنه الأستاذ خضر عباس الصالحي: (واشتغل بقالاً في حانوت صغير متداع كائن في سوق الحسين، وقبل وفاته بسبعة أشهر التحق كعامل في مكتبة الزهراء ومطبعة أهل البيت للأخ جاسم الكلكاوي وهو ذواقة للشعر، فعطف على الشاعر عباس أبي الطوس كثيراً وأسبغ عليه آفاق الرعاية.

إن الشاعر عباس أبا الطوس سطع في آفاق الشعر العراقي المعاصر كالنجم، ولكنه لم يلبث أن احترق وهوى كالشهاب وهو في ذروة الشباب واكتمال النشاط...) (13)

وقال عنه السيد صادق آل طعمة: (كان علماً من أعلام الأدب البارزين الذين خطوا بنتاجاتهم القيمة أروع صفحات المجد والسؤدد...) (14)

كان أبو الطوس شاعراً مكثراً مجيداً فرغم عمره القصير إلا أنه ترك عدة مجموعات شعرية هي: 

هدير الشلال / ضمّت شعره السياسي

من أغاني الشباب

النشيد الظافر / في أهل البيت (عليهم السلام)

في محراب باخوس / ملحمة شعرية

زئير العاصفة.

يوم الحسين الخالد.

رباعيات

صوت العقيدة / ويضم الشعر الخاص بأهل البيت (عليه السلام)

سوانح عابرة / وهو عبارة عن مجموعة مقالات في الأدب وغيره كان الشاعر قد نشرها في صحف ومجلات عدة.

وقد جمع ديوان أبي الطوس الدكتور عبود جودي الحلي ويقع الديوان في 376 صفحة (15)

شعره

ذكر السيد سلمان هادي آل طعمة كثيراً من شعره في أغراض شتى وقد نقلنا منه هنا فيما يخص أهل البيت (16)

قال في مولد الرسول الأعظم محمد (صلى الله عليه وآله)

تهفو الـقـلـوبُ لـيـومِـكَ الـوضَّـاءِ     فـرحـاً لأنّـكَ سـيـدُ العـظماءِ

وتـهـبُّ أفــراحُ الـهـناءِ ويـزدهي       وجـهُ الحـيـاةِ لـبسمةِ العلياءِ

فـالـصـبـحُ مُـبـتـلُّ الـخطى متألّقٌ     والأفـقُ في زهوٍ وفي خُيَلاءِ

يـومٌ أطـلَّ عـلـى الـمـلا فـتـلـفّتتْ     أكمُ الــحـيـاةِ لـه بـلا اسـتثناءِ

يـومٌ أطـلَّ عـلـى الـعـوالـمِ فـجرُه     حـلـوُ الـسـناءِ يفوحُ بالأشذاءِ

فمشى السرورُ يجرُّ خلفّ طيوفِهِ     زهـوَ الـربـيـعِ وبسمةَ الأنداءِ

والـشـوقُ يـقـطـرُ سلسبيلاً والهنا     طلقُ الملامحِ مُشرقُ السيماءِ

يـومٌ تـنـوَّرَ بـالـحـسـيـنِ فكيف لا     يـزدانُ بالأنـوارِ كـلُّ فـضـاءِ

زخـرتْ بمولِدِكَ العواطفُ نشوةً     وتـفـجَّرتْ بـروائـعِ الإيــحـاءِ

ردَّدتُ ذكـرَكَ بـالـقـصـيـدِ مـودّةً     والشعـرُ فـيـضُ مـودَّةٍ وولاءِ

ومنها:

ورفـعـتَ نـفـسـاً لا تـقـرُّ سياسةً     جُبلتْ علـى التـضليلِ والإغراءِ

وأبـيـتَ إلا أن تـعـيـشَ مـجاهداً     حـرَّ الـعـــقــيـــدةِ ثـابـتَ الآراءِ

ووقـفـتَ مـن دعوى أميةَ موقفاً     مـتـشـرِّبــاً بـالــهـمَّـةِ الـقـعـسـاءِ

ونفضتَ كفَّكَ عن ترابٍ فرضُه     يخزي الرجالَ وشيمةَ الصُّلحاءِ

تـأبـى الـشـريـعةُ أن تبايعَ فاسقاً     قد عـاشَ بـيـن الـغيدِ والصهباءِ

ما بـيـعـةُ الأشـرارِ إلّا وصـمـةً     للعارِ ما ضمَّتْ سوى الـفـحشاءِ

وقال من قصيدة في الإمام الحسين (عليه السلام)

لـكَ فـي صـراعِ الـبـغـيِّ يــومٌ أكــبـرُ     لا زالَ يــرويـهِ الـنـجـيعُ الأحـمرُ

يـزهـو عـلـى هـامِ الـزمـانِ فـتـنـجـلي     مـن نـورِهِ ظـلـمُ الـحـيـاةِ وتُـدحرُ

وتـــعــيــدُه الأيــامُ لـحــــنــــاً ثــائـراً     يـنـسـابُ في سـمعِ الزمانِ ويهـدرُ

فـتـشـعُّ فـي سِـفـــرِ الـكـرامـةِ أسـطـرٌ     مـنـه وتـسـتوحي الـكرامةَ أسطرُ

لـكَ مـثـلُ مــا لأبــيـكَ ذكــــرٌ خـــالـدٌ     بـاقٍ بــقــاءَ الــدهـــرِ لا يـتـغـيَّـرُ

وفـضـائـلٌ يـقفُ الأعـاظـمُ خُــشّـــعـاً     لجـلالِـهــا ويـقــرُّهـا الـمُــتـنـكّـــرُ

تزكو بـطـابـعِـهـا السـلـيـمِ فـتــزدهـي     بـشـعـاعِـها طـرقُ الـرشادِ وتزهرُ

لـكَ مـثـل مـا لــمـحـمـدٍ بــجـــهــــادِه     عــزمٌ واقــــدامٌ وخــلــقٌ نــــيِّـــرُ

أحـسـيـنُ يـا طـهــرُ الإبــاءِ وعــالـماً     بـالــنـورِ والـوحي المقدَّسِ يزخـرُ

ومـنـاعـةُ الإســلامِ حـــيــنَ يــمــسُّـه     عِوَجٌ مـن الخطبِ البغيضِ ومُنكَرُ

وطـلاقـةُ الـديــنِ الأغــرِّ وحــصــنِـهِ     وصـلابــةُ الـمـوتِ الـذي لا يُـقهرُ

يـا قـدوةَ الـمـتـســابـــقــيـــنَ إذا دنـــا     يـومُ الـقـتــالِ وجـمـرُه الـمُـتـسـعِّرُ

ومُـقـارعُ الـطاغـينَ حـيث تـجـمَّـعـوا     لـبـلـوغِ مـأربِهمْ وحيث تجمْـهروا

يـا قــائــدَ الأنــصــــارِ لا يــنــتــابُــه     جـزعٌ ولا صـمـصـامُـه يـتـكـسَّـرُ

يا دوحـةً نــبــتــتْ بــروضـةِ هـاشـمٍ     هــديـاً فـحـيَّـاهـا الـنـبـيُّ وحــيــدرُ

ومضتْ لها الـدنـيا تــصـفِّـقُ بـهـجـةً     وتـجــرُّ أذيـالَ الـهـنـاءِ وتــفــخــرُ

لا زالَ يـومُـكَ وهــو يــومُ شــهــادةٍ     يـجـلو الـظـلامَ عن العيونِ ويحسرُ

ويـزيـلُ أهـوالَ الــنـفـوسِ وذعـرَهـا     لـتـهـبَّ تـرعـدُ كـالأســودِ وتــزأرُ

ويـرفُّ فـي وجـهِ الـحـيـاةِ فـتـنـثـنـي     عـنهـا الـمفـاسـدُ والـمكارمُ تـظـهرُ

وينيرُ دربَ الــتـضحـيـاتِ بـمـشـعـلٍ     لـلـفكـرِ يـعـصـفُ بـالأذى ويُـدمِّـرُ

وبـمـبـدأٍ كـالـــنـارِ يـخـتـرقُ الـدجـى     رغـمَ الـسـلاحِ ومـن بـه يــتـجـبَّـرُ

وعـقـيـدةٍ قــعـــســاءَ ليـسَ يــهــزُّهـا     طـاغٍ عـلـى رممِ الضحايا يـخطـرُ

وبــســاعــدٍ لا لــن يـهـابَ مُــكـابـراً     أشـراً بـأسـواقِ الـخـنـا يـتــبـخـتـرُ

وصـلابـة تـطـأ الـــردى وشــواظَــه     حـنـقـاً إذا بـدتِ الـجـمـوعُ تزمـجرُ

وإذا انـتـهـى أن لا طـــريــقَ لـعـابـرٍ     إلا الـخــنــوعُ أو الـمـنـيَّـةُ معــبـرُ

وانــصــاعَ يــؤذنُ بــالـصـلاةِ مكـبِّـرٌ     فـي حيـنِ آخـرُ بـالـمـدامـةِ يَـسكـرُ

يا ابـن الـذيـن إذا الخطوبُ تماسكـتْ     هـزُّأوا بـهـا وبـمـا تـسـيـلُ وتُـمطرُ

يا ابـنَ الـهـواشـمَ والأبـاطـحَ والألــى     بـفـعـالِـهـمْ راحت تـدوِّي الأعصرُ

وابـنَ الأكـارمَ لا يـــمــسُّ رداءهــــمْ     وَضَـرٌ مـن الـمـسـتقـبـحـاتِ مُـدمِّرُ

والـذائـديـنَ عـن الـحـمـى بـنـفـوسِـهم     والـصـابــريـنَ إذا أستـحـرَّ مُـقــدَّرُ

والـبـاسـمـيـنَ إذا الـسـيـوفُ تــلألأتْ     مـن نــجــدةٍ وغـدتْ دماءً تُـمـطــرُ

والـبـاسـطـيـنَ أكــفَّــهــم ولـــنـعـمِ ما     تـهـمـي بـه شــيــمُ الأبـاةِ وتـزخــرُ

والـخـالـعـيـنَ على الـحـيـاةِ مـفـاخـراً     خــلّاقــة ومـــحــاســنـاً لا تــدثـــرُ

يـا مـلـهـمَ الـشـعـراءِ ألـهـمـنـي النهى     فـالـعـقـلُ مـن دنـيـا عُلاكَ مُحـيَّــرُ

ذكـراكَ مـا بـرِحـتْ تــرفُّ كـــأنَّــهـا     أرجٌ يـفـوحُ بـه الـربـيـعُ الـمُــزهـرُ

تـلوي القرونَ عـلـى الـقـرونِ وإنَّـهـا     بـالـعـزِّ والــمـجــدِ الـمؤثّـلِ تـــذكرُ

تـجلـو الـظــلامَ بــــنـــورِهــا وتـردُّه     وكـأنّـه وضـحُ الـصـباحِ الـمُــسـفـرُ

وتـضـيءُ نـهـجَ الصادقينَ وتـزدري     عَـنَـتَ الـخـطوبِ وبـالشـدائدِ تسخرُ

وتــفـلُّ جــمـعَ الــغــاصــبــيـنَ وإنّـه     بـالــظـلـمِ والـذلِّ الـــمــؤبَّـدِ يـنـــذرُ

يا ســبــطَ أحـمـدَ والـبـطـولـةُ عــالـمٌ     بـالـتـضـحـيـاتِ الـزاكـياتِ مُـنـــوَّرُ

وطـريـقُـه دامـي الجـوانـبِ مــفــزعٌ     لا ســامــرٌ يـلــهـو ولـيـلٌ مُــقــمــرُ

زحـمـتـكَ جامحةُ الأذى فـسـحـقـتـها     بـعـقــيــدةٍ شـــمَّـــاءَ لا تـتــقــهــقــرُ

ومـضـتْ تـهـاجـمُـكَ الـطغاةُ بكلِّ ما     تـحـوي مـن الـصورِ الـقباحِ وتذخرُ

فـثـبـتَّ كـالـجـبـلِ الأشـمِّ أمــامَــهــم     مُـتـــقــلـداً بــشــجـاعــةٍ لا تُــقــهــرُ

وصرختَ في وجهِ المُضلّلِ صرخةً     كـادتْ لـهـا حـتـى الـسـمــا تـتـغـيَّـرُ

وأبــيــتَ إقـــراراً لـبـيـعـةِ ظـــالـــمٍ     يـصـحـو بـأحـضـانِ الفجورِ ويسكرُ

ويُـقـيـمُ حـيـثُ الـمُـخـزيــاتُ تـزيـدُه     قُـبـحـاً وفــي إجـرامِــهِ يـــتـــعـــثّـرُ

وقـد ارتـضـيـتَ لـكَ الـمـنـيَّةَ مورداً     عـذباً ولا عـيـشـاً يُــهـانُ ويــنـــكـرُ

وبـأنَّ تـقـطـعـكَ السيوفُ بـ (كربلا)     وحـمـاكَ يـنـهـبُـه الـعدوُّ الـمــوغــرُ

مـولايَ يـا وهـجَ الــحــيــاةِ تــحـيـةً     مـنّـي تـطــوفُ عـلى دماكَ وتـنــشرُ

مـاذا أقـولُ فـكـلُّ قــافــيـــةٍ غـــدتْ     لـهـبـاً تــســـيـلُ وجـذوةً تــتــســـعَّـرُ

قِـطَـعٌ مـن الـقـلـبِ الـجـريحِ نثرتَها     شِـعـراً يـفـيضُ أسـىً عـليـكَ ويـزخرُ

وخـفـضـتُ لـلـذكـرى يـراعي هيبةً     ولـــمـــا أشــدتَ مِــن الإبــا وتـحـدّرُ

مـلأ الـعـروقَ عـلـى مصابِكَ لاهبٌ     يـتـمـزَّقُ الـسلـوانُ فــيــه ويُـــنـشــرُ

كـمْ مـهـجـةٍ تُـلـوى لـرُزئِـكَ لـوعـةً     ولـحـزنِ يــومِـكَ آهــــةٌ تــتــفـــجَّــرُ

فـي كـلِّ قـلـبٍ حـرقـةٌ لا تـنــطـفـي     وبـكـلِّ عــيـنٍ دمــــعـــةٌ تــتــحــيَّــرُ

أوَ مـثـلَ شـخـصِـكَ يستبدُّ به الأذى     وبـهِ يـجوزُ مـن الــعـذابِ الأعــســرُ

أوَ مـثـل وجـهِـكَ وهـو نـورُ هدايةٍ     يـوحـي الـكـرامـةَ فـي الـثـرى يـتـعفَّرُ

وبـنـاتُـكَ الـمـتـحـجِّـبـاتُ يــنــالـهـا     جـورُ الـعـداةِ وبــالــســيــاطِ تُــســيَّـرُ

أو مـثـل صـدرِكَ وهوَ منبعُ حكمةٍ     ودرايــةٍ تــحــتَ الـــخــيــولِ يُـكـسَّـرُ

سـحـقـاً لـقـومٍ شـايـعوكَ فأضمروا     لـكَ مـا يـشـيـنُ ولـلـصـوابِ تـنـكّـروا

وتـكـالـبـوا فـرقـاً عـلـيـكَ وزمَّروا     بـاسـمِ الـعـتـاةِ الــفــاجـريـنَ وكـبَّـروا

مـا كـان أقـبـحـهـا يـدٌ قـد مـزَّقــتْ     مـنـكَ الـفـؤادَ عـلـى الـظمى يـا قسورُ 

وأذلَّ نـفـسٍ خـاصـمـتـكَ بـمـوقفٍ     حـتـى الـجــمـادُ أسـىً له يــتـــفــطّــرُ

يـا سـيـدَ الـشـهـداءِ حسبُكَ صفحةً     لـلــمــجــدِ لا تُــبــلى ولا تــتـــســتَّــرُ

ومكانةٌ تهـفو الـقـلـوبُ خـواشـعـاً     لــجــلالِــهــا وبـــنـــورِهـــا تـــتــنـوَّرُ

أنتَ الهدى للـمـسـلمينَ إذا اعتلتْ     سـحـبُ الـخــطـوبِ عـلـيـهـمُ تـتـمطّـرُ

وإذا أغـارَ عـلـى حِماهمْ غاصبٌ     وسـطـا عـلـى أوطــانِـــهـــمْ مُـتـجـبِّــرُ

وانـصـاعَ يـلـعـبُ بـالديانةِ لاعبٌ     بــاغٍ وراحَ بـطــهــــرِهــا يــسـتـهــتـرُ

وتـجـمَّـعـتْ شـرُّ الـذئـابِ لحربِنا     عـبـرَ الـحـيـاةِ وخـاصـمـتـنـا الأنـــمــرُ

بـكَ يـا شـهـيـد سـنـبـتـنـيـهـا أمـةً     عـربـيـة تــثــنــي الـــعــدوَّ وتــقـــهــرُ

وبنورِ مجدِكَ سوفَ نرفعُ مجـدَنا     ألــقــاً تــتــيــهُ بــه الأبــاةُ وتــفــــخــرُ

ونـشـقُّ ديـجـورَ الـحـيـاةِ طلائعاً     لـيـسـتْ تـهـابُ الـمـعـتـديــنَ وتــحــذرُ

وبـذكـرِكَ الـسـامـي الـمطلِّ كأنَّه     شـمـسٌ تـلـوحُ عـلـى الـزمـانِ وتـزهـرُ

وبيومِكَ الداجي الرهيبِ تقطّعتْ     فــيــه نــفــوسٌ لا تــخــونُ وتــغـــــدرُ

وبـتـضـحـيـاتِـكَ نـسـتـزيدُ بسالةً     نـحـيـا بـهـا رغـمَ الـجـروحِ ونُــنــصـر

وعـلى طريقِكَ نستحثّ جموعَنا     مـهـمـا يـطـولُ بـنـا المـسـيـرُ ويـقـصـرُ

ونـسـيـرُ لا الـبلوى تردُّ صفوفَنا     فـرقـاً ولا لــيــلُ الــعــذابِ الــمــنــكـرُ

وكان الشاعر نشطاً في مشاركاته الأدبية في المناسبات الدينية ومنها المهرجانات والمحافل التي كانت تقام في كربلاء بمناسبة مواليد ووفيات الأئمة الأطهار (عليهم السلام) وقد جمعت قصائده الخاصة بهم (عليهم السلام) في ديوان يقول من قصيدة بمناسبة ولادة الإمام علي (عليه ‌السلام) وقد ألقاها في الروضة الحسينية المطهرة:

ولدَ الـوصـيُّ فـيـا خواطرُ ردِّدي     نـغـمَ الـهـنـا فـي مهرجانِ المولدِ

واستلهمي الذكرى قـوافيَ ترتمي     بـأرقِّ مـن رَوحِ الـرَّبـيـع وأبـردِ

ثمَّ اسكُبي الشعرَ الـجـميلَ بشائراً     غُرَّاً تـفـيـضُ بِصَبوتـي وتـودّدي

شعراً كما انتفضَ الأريجُ مُرفرفاً     فـوق الـجـداولِ والـغـصونِ الميَّدِ

كـأسُ الـهـوى بـيديَّ فاضتْ رِقَّةً     وعـلـى فـمـي نغمُ المُحبِّ المُنشدِ

وصبا فؤادي للـوصـيِّ وكيف لا     يصبو المَشوقُ الى الحبيبِ الأبعدِ

وقال من إحدى حسينياته:

كيفَ يرضى الحسينُ بيعةَ رجسٍ     آثـمٍ قـد نـمــا بـشـرِّ الــمـهـودِ

وحـيـاةُ الـعـظـيـمِ يـا قومُ تأبى الـ     ـعيشَ في الذلِّ والهوانِ المديدِ

دأبُـه أن يـــعـــيـــشَ حــــرَّاً وإلّا     (بين طعنِ القنا وخفقِ البنودِ)

ووثـوبُ الـحـسـيـنِ وثــبــةَ حــقٍّ     ورشـادٍ عـلـى ضـلالِ الـعـبيدِ

تـركَ الـعـيـشَ والـحـيـاةَ جـمـيعاً     وتـمـشّى عـلـى طريقِ الجدودِ

زلـزلَ الـطـفَّ والـجـيـوشَ بعزمٍ     وقـتـالٍ يُـشـيـبُ رأسَ الـولـيـدِ

وإذا بـالـقـضـاءِ يـسـطـو عـلـيــهِ     فـيـخـرُّ الـهُـمـامُ فـوقَ الصعيدِ

وغـدا مـأكـلَ الـــصــوارمِ طــرَّاً     مُـذ أحـاطـتْ بـه طـغـاةُ يـزيدِ

وبـنـاتُ الـرسـولِ راحـت سـبايا     والـعـلـيـلُ الحزينُ رهنُ القيودِ

وقال في الإمام الحسين أيضاً:

عركتَ الخطبَ لـمْ تـخشَ الـقـــراعـا     ولـم تـهبِ المنـيَّـةَ والصراعا

ولـم تـردِ الـهــنـــاءَ عـلـى خــــنــوعٍ     ولـمْ تـنـطـقْ بســادرةٍ خداعـا

ولـم تـتـــطــلـبِ الأهـواءَ تـــــرخــي     أعـنّـتـهـا انقــيـاداً وانـصياعا

ولـم تــثــــقـــلـكَ عــاديـــةُ الــلـيـالـي     إذا أحـتـمَّتْ ولمْ تثبِ افتزاعا

ولا الـبــلــواتُ زاحــفـــةً حـــشـــوداً     ولا الـكـرباتُ تنتظمُ اجتماعا

ولا الأهــــــوالُ دائــــــرةً رمـــــاهـا     عـلـيـكَ تـزيـدُ جانـبَكَ التياعا

وتـطـلـبُ مـنــكَ أن تـجـري طــواعاً     لـزعـنـفـةٍ وتـلـتـزمُ الــقِـنـاعا

وأيَّ يـــــدٍ مــكــرَّمـــةٍ تــــجـــــاري     يـداً مَـلأتْ جـرائـمُها الـبقاعا

ونــفـسٌ تـستــقــرُّ عـــلــى هـــــوانٍ     يـدبِّـرُه لـها الـجـانـي ابــتداعا

لــتورِدُها الــمــهـالـكَ والــخــطــايـا     وتشبعها انـتـكـاسـاً وارتـجاعا

وتــــتــــركُـــهـا ولا كــرمٍ ومــجـــدٍ     يـتـيـهُ بـهـا افـتخاراً وارتفاعا

لـقـد جُـبـتَ الـحــيــاةَ فــكـنـتَ نـوراً     يـرفُّ بـهـا ازدهـاراً والتماعا

وعــزمــاً صــامـــداً لا تــعــتـريـــهِ     رجـافـةُ خـائرٍ كـبـرَ الـدفـاعـا

وفـكـراً يـســتــمــدُّ مـن الــمـــعـالـي     صلابـتَـه فـلا يُـثـنى انصداعا

ويـقـتـحـمُ الــشــــرورَ فـلا يــبــقِّــي     لهـا فـي ساحةِ الغمـراتِ باعا

وعــاصــفـة إذا عــصـفـتْ أطـارتْ     دعاوي الشرِّ والظـلـمِ ارتياعا

وكـنـتَ الـنـارَ وحـيـن يـشـبُّ جـمرٌ     مِـن الـطغـيـانِ تلتـهـبُ اندلاعا

فـتــجــمـعُ حـول هـالـتِـهـا الـمـنـايـا     لـتـقـحـمهـا المـفـاوز والـتلاعا

وطـوداً حـيـن تـشـتــجــرُ الـعـوالـي     فـتـرتـدُّ الوجـوهُ لـها امـتـقـاعا

فـكـيـفَ عن الـطـغـاةِ تـغـضُّ طرفـاً     وتـقنـعُ أن تـمـدَّ لـها الـذراعـا

وكـيـفَ تــقـرُّ شـرعـتَها رضــوخــاً     وكيفَ تُسايرُ البغيَ اصطناعا

وتـهــمـلُ جـــورَ سـفَّــاح تـــمــادى     وسامَ الحقِّ خسـفاً ما استطاعا

وتــاهَ بـغـمــرةِ الــلـــذاتِ كــــبـــراً     وفي الشهواتِ ما شاءَ انتجاعا

فــضــاقَ الـمـسـلـمــونَ بــه فـعــالاً     وأوشكَ ديـنُ جدِّكَ أن يُـضاعا

وكـيـفَ تــلازمُ الـصـمـتُ اقـتـعـاداً     وجـيشُ الزورِ مزدحـمٌ جماعا

وأنـتَ الـلـيـثُ فــي الـبـلوى ثـبـاتـاً     وأنـتَ الـعزمُ لم يهنِ اختضاعا

وأنـتَ الـبــحــرُ يـجــرفُ كـلَّ ســدٍّ     وأنتَ الموتُ لـم يخشَ النِّزاعا

وأنـتَ الـطـيـبُ يــعــبــقُ بانـتـشـارٍ     فـيذكي العـزمَ والهممَ الوِسَاعا

ويـسـتـوحـي الـمكـارمَ والـسـجـايـا     ويـوسـعُ أفـقَـها الرحبَ أتساعا

وإشـعـاعُ الــهــدايــــةِ لا يــــبـــقّـي     إذا مــا لاحَ سـجـفـاً أو قــناعا

وعـنـوانُ الـشجـاعةِ حـيـن تـــذكــو     مـروِّعـةٌ وتـفـتـقــدُ الـشجاعـا

وأنـت ابـنُ الـفـضائلَ حـيـث تـسمو     فـتـجـتـاحُ الــرذائلَ والطـماعا

وتـطـلـعٌ مـن مـحـاسـنِـهـا عـجــابـاً     وتـنـشـرُ ظـلها قــاعـاً فـقـاعـا

فـيـضـطربُ الـدعـيُّ بـها نـكـوصاً     ويـرتـعـشُ الخؤونُ بها التذاعا

وأنـتَ ابـنُ الـذيـنَ جرَوا صــفـوفـاً     على لهبِ الوغى ومشوا تباعاً

وإن دوّى مــن الأحـــقــادِ صــوتٌ     أطـاروا قـلبَ بـاعــثِـهِ شـعاعا

وإن أمـسـتْ ذئــابُ الــشـرِّ تـعـوي     مـمـاكـرةً أذلـوها اصطــراعـا

وقـد بـزغـوا عـلـى الدنـيا نـجـومـاً     وخـاضـوا كلَّ مُعـتَـرَكٍ سباعا

وكـان الـــجـــودُ دأبــهــمُ وكـانــوا     لـكـلِّ كـرامةٍ بحراً مُــشـــاعــا

ونـشـرُ الـحـقِّ عـــنـــدهــمُ شـعاراً     يـرفُّ فيملأ الـظـلــمَ ارتــيـاعا

ويـعـصـفُ بالـجناةِ إذا اسـتـهـانـوا     بـنورِ الحقِّ واحتكموا اخـتداعا

وإن بـــاتَ الأبـــيُّ بـلا نـــصــيـرٍ     وظـلَّ إباءه يـشكو الــضيـاعــا

وأنـتَ ابـنُ الـذي اخـتـبـرَ الدواهي     وقــارعَــها فــأتــعـبَهـا قِـراعـا

وثـارَ بـكـلِّ (مـعـمـعـةٍ) فــألــــوى     جـيـوشَ الشركِ زاحـفةً تِـبـاعا

فـلـمْ يـتـركْ إلـى عـمــرو مــجــالاً     ولـم يتركْ لـمـرحـبِــهـا قـلاعـا

وقـد وافـى (مـحـمـدَ) وهـوَ طـفــلٌ     صغـيرُ السنِّ لم يُكمـلْ رِضاعا

وآزرَه فــــكــــــانَ لـديــهِ ســيــفــاً     وكانَ بكلِّ مــعــركــــةٍ ذِراعـا

وقـد فـاقَ الـورى بـغـــديـــــرِ خـمٍّ     عُـلوَّا فـي الـخلافـةِ وارتــفاعـا

وطـلّـــقـــهـــا ثــلاثـاً وهـيَ دنــيــا     يــسـوءِ فعالها ساعـاً فـسـاعــا

وجـابَـه كـلَّ مــسـعـرةٍ فـــأدمـــــى     أنوفَ المارقيـنَ بـهــا ارتجاعا

وألـهـمَـكَ الـبــطــولــةَ عــن ســدادٍ     فـلم تـخـطئ لها هــديـاً مـنـاعا

وغـذّاكَ الـصـمـودَ فـلـم تــواكــــبْ     يداً تجني ولا صــرحـاً تـداعى

أبا الـشـهـداءِ حـسبُ الأرضِ فخراً     نزلتَ بها وحاربـتَ الـضـبـاعا

وطاعـنـت الطـغـاةَ بـدتْ جـمـوعـاً     جـحـافُـلها وقد خــسـئتْ طِباعا

وجــرّدتَ الـحـــسـامَ بـهـا لـتُــردي     دعاةَ البغي حـيـث أتتْ سِراعا

فـسـحـقـاً لـلـذيـنَ رمـــوكَ حـــقــداً     وجـاروا أمـرةَ الـبـاغي طواعا

وخـانـوكَ الـعـهـودَ وأيِّ عــــهـــــدٍ     لدى الطاغينَ يُحفظ أو يُراعى

فـمـا أعـدى ضـمـائــرهــم عــــداءً     ومـا أخـزى نـفـوسِـهـمُ صناعا

ومـا أقــســى قـلــوبــهــمُ تــشــرَّتْ     من الأهـواءِ وامتـلأتْ طـماعا

طغوا في الأرضِ فاقتحموا وعاثوا     بـهـا فـسـقـاً وحـرقـاً واقتطـاعا

وداسُــوا حـــرمـةَ الإســلامِ فــيـهـا     بـقـتلكَ حينما أتّـحدوا جــمـاعـا

نـزلـتَ الـطـفَّ فـانـتـشـروا جـراداً     تـخـاطـبـهـم فـلا تلقى اسـتماعا

وتـسـألـهـمْ فـلا تـلـقـى مــجــيــبــاً     وتدعــوهـمْ فـلم تجدِ انصـيـاعـا

وحـيـنَ رأيـتَ وردَ الـمـوتِ أحلى     من الذلِّ الذي يُـخـزي الشـجاعا

جذبتَ السيفَ لا تـخـشــى الـمـنايا     ولا الجيشَ الذي مـلأ الـبِــقـاعـا

ونـكّـسـتَ الـوجـوهَ تـفـيـضُ عـاراً     وأرؤسُها التي احترقتْ صـداعا

وألـويـتَ الـجـمـوعَ عـلـى قِــفـاهـا     مطـوَّحـةً وقـد يـئِـست صِـراعا

وعـلّـمـتَ الـرجـولـةَ كـيـفَ تـذكـو     وتـأبى العيش بالصمتِ اقتـباعا

أبـا الـشـهـداءِ مـلءُ حــشـايَ نــارٌ     عـلـيـكَ تـوجُّــعاً تـثـبُ اتّـسـاعا

وتـوشـكُ أن تــذيــبَ أسـىً فـؤادي     وتحرُقني اهـتـضـاماً وافتجاعا

ذكـرتُـكَ والـسـيوفُ عـلـيكَ تسـطو     وخـيـلُ الظلم راكــضة سراعا

كـأنَّــكَ لـسـتَ لــلإســـلامِ تُــنــمـى     ولم تَكُ ذلكَ الأســدَ الـمُـطـاعا

تُـدافـعُ عـن حِــمـاكَ وقـد تــهــاوتْ     صحابُكَ دون عــزَّتِها اندفاعا

وتـقـتــرعَ الـوحـوش أتـتـكَ تـتـرى     مـسـلـطـة نواجــذهـا الشـناعا

لـتـشـعـلـهـا عـلـيـكَ أخـسَّ حـــربٍ     وأجرمَها اقتـبـاحـاً وافـتضاعا

وتـسـلـبُ مـن بـنـاتِـكَ كـلَّ ســتـــرٍ     وتوجِعُها اضطـهاداً وافـتزاعا

ولا تــبــقــي بــغــربـتِـهـا خـيـامــاً     ولا حامٍ لــهـنَّ ولا ضِــيــاعـا

وتـسـتـاقُ الـعـلــيــلَ لــشــرِّ وغــدٍ     رهينِ الغــلِّ لا يـقـوى دفـاعـا

وتـجـري الـخـيـلُ فـوقَكَ طاحـناتٍ     لـتوسـعَ مــن جرائمِها أتّـساعا

وتــكـثـرُ مـن صـحـائـفِـهـا سـواداً     ومن أركانِ دولـتـهـا انـخـلاعا

ذكرتُكَ فـي الـطفوفِ بـلا نـصـيـرٍ     تـنـاجـي الأهلَ والدنـيـا وداعا

وبــالإسـلامِ تــتَّـــشـــحُ اتِّـشــاحــاً     وبـــالإيـــمـانِ تـدَّرعُ ادِّراعــا

وتـتـلـو ألــفَ تــبـــرئـــةٍ لــقـــومٍ     عـلـيـكَ الغدرَ سـنُّوهُ اشـتـراعا

فـوافـاكَ الـقـضاءُ الـحـتـمُ طـوعـاً     فـلـم تقفِ انـخـذالاً وامـتـنـاعـا

فطحتَ على الثرى قطعاً وراحتْ     بـكَ الأشرارُ تفـتخرُ اصطناعا

أبـا الـشـهـداءِ والـذكـرى لــهــيـبٌ     تـشـبُّ فـتغمرُ القلبَ انصداعا

ومـا شـعـري سـوى آهـاتِ نـفسي     أفـجِّـرهـا وأرسلــهــا تـبـاعــا

ومـا أنـا غـيـر شـاعـرِكـمْ أغــنـي     بـكـمْ فـيـزيدني المدحُ ارتفاعا

ويـلـهـــمُــنــي الـروائـعَ خـالـداتٍ     لـهـا الأيـامُ تـبـتـشـرُ استمـاعا

عـلـقـتْ بـحـبِّـكـمْ فـكـسـبـتُ مجداً     وعـزاً كـان لـولاكــمْ مُـضاعا

فـلا أهـديـهِ مـغــروراً لــجــهـــلٍ     ولـم أبـدلـه بـالـمـالِ ابـتــيـاعـا

فـأنـتـمْ صـارمــي فـي كلِّ خطبٍ     وإشـعـاعـي إذا رمـتُ الشعاعا

وفي الأخرى شفيعي حين أشـكـو     مـخـاوفَـهـا فـأطّـلـبُ الـشفـاعـا

سـأبـقـى أمـلأ الــدنــيــا نــشــيـداً     بـمـدحـكـمُ ابـتـكـاراً وابـتـداعـا

وأصـلـي الـمـارقـيـنَ بـمـحرقاتٍ     مـن الـتـبـيـانِ تـلـتـهـبُ اندلاعا

وألـوي الــتــائــهــيــنَ بـكـلِّ وادٍ     من الجهلِ الذي يخزي الطباعا

ودجـالـيـنَ لـلـتـضـلـيـلِ طــافــوا     طوافَ السحبِ تأبى الإنقـشاعا

وغـراريـنَ قـد حـشـدوا الـبـلايـا     على الـوطنِ افتراءً واختـراعـا

رمـونـي بـالـتـذبـذبِ وهـو قـولٌ     يـردِّدُه الـلـئـيـمُ لــكــي يُــذاعــا

وكـرُّوا بـالـعـواءِ عـلـيَّ حــتــى     كـأنـهـمُ قـد اخـتـلـفـوا ضِـبـاعـا

يـرونَ نــفــوسـهـمْ صـيـداً أبــاةً     وهـم أدنـى مـن الـقـردِ اتّضاعا

أمـا واللهِ لـو شــمَّــرتُ بــاعــي     لـصـفـعِـهـمُ وأطـلـقـتُ الـيـراعا

إذاً لـغـمـزتـهـمْ قـبـحـاً وخــزيـاً     يـلازمـهـمْ قـيـامـاً واضـطـجاعا

وعـفـتُ نـفـوسـهمْ هملاً حيارى     ووحـدتــهـمْ مـوزِّعــة ربـــاعــا

أبـا الـشـهـداءِ حسبي منكَ علماً     وفـخـراً يـقـتـلُ الـهـمجُ الرُّعـاعا

وحسبكَ من حياتي ذوبَ وحي     هـوىً لـجـلالِ حـبِّـكَ وانـخـشاعا

وقال من قصيدة في مولد الإمام الحسين (عليه السلام) وقد ألقاها في الصحن الحسيني الشريف:

نـاجـاكَ قـلـبٌ بـالـــصـــبـــابـــةِ مُــفــعـمُ     وفـمٌ بـغـيـرِ ولاكَ لا يــتــرنَّــمُ

وهـفـا لــمــولــدِكَ الـــمُـــخــلّـدِ شــاعــرٌ     مـن فـيـضِ حـبِّكَ يستمدُّ وينظمُ

يُـزجـي الـقـصـيـدَ إلــيــكَ حــبَّـاً مـثـلـمـا     يُزجي الحنينَ إلى الأحبَّةِ مُغرمُ

هـيـمـانَ والـمــيــلادُ يَــلــهــبُ لــحــنَــه     والـذكـريـاتُ مُــرفـرفـاتٌ حُـوَّمُ

هــيــمــانَ والأشــواقُ تـــمـــلأ قـــلـــبَـه     لم لا وحـبُّـكَ فـي القلوبِ مُجسَّمُ

قـدَّسـتُ حـبَّـكَ يـا حــســيــنُ بـخـاطـري     والحبُّ عزٌّ فـي هـواكَ ومَـغـنـمُ

فـإذا ذكـرتـكَ فـالـعـواصــفُ تــلــتــظـي     وأكادُ مـن فـرطِ الهوى أتـضرَّمُ

أفــديــتَ لــلإسـلامِ روحَـــكَ وهــيَ فـي     عُـرفُ العـقـيـدةِ آيـةٌ بـلْ أعـظـمُ

أفـديـتـهـا لـلــمــســلــمــيـنَ فــكــيــفَ لا     يـجـزيكَ بالحبِّ المشرِّفُ مـسـلمُ

فـي يـومِ عـيـدِكَ تـسـتـفـيـضُ خـواطري     شـعـراً كأحـلامِ الـصِّـبـا يـتـبـسَّمُ

شـعـراً سـكـبـتُ بـه الـفـؤادَ ولــيــسَ لـي     غـيـر الـقصيـدِ وسـيـلـةٌ أتـقـــدَّمُ

قـد جـئـتَ لـلـدنـيـا صــبــاحــاً مُــشـرقـاً     يـطـوي الظلامَ بـهـاؤه المـتـوسِّمُ

قـد جـئـتَ لـلـدنـيـا حـسـامـــاً مـــرعــبـاً     يـلـوي رقـابَ الظلـمِ منه وتقصمُ

قـد جـئـتَ لـلـديـنِ الــحــنــيـفِ مــنـاعـة     لا تـنـــثـنـي مــن غـارةٍ لا تهـدمُ

ومــجــاهــدٌ لــم تــســتــمـلــكَ حــــلاوةٌ     أبداً وفـي بـعـضِ الحـلاوةِ علـقـمُ

مـولايَ زِدنــي مـــن بــيــانِــكَ إنــنــــي     بـكَ أسـتعـيــنُ وأنـتَ أنتَ المُلهمُ

جــئــتَ الــحــيــاةَ فــكــلُّ بــاغٍ راجــفٍ     وبـكـلِّ بـيــــتٍ لـلــضـلالةِ مـأتـمُ

مــن دوحـــةٍ عـــلـــويَّــــةٍ قــــدســـــيــةٍ     بـيـديـهِ أنبـتــها الـرسولُ الأعظمُ

طـفـحَ الــهــدى لـمّـا ولــدتَ بــســاحـــةٍ     نوراً له أضطربَ الدعيُّ المُجرمُ

فـالـيـومَ تـنـخــفـضُ الـرؤوسُ مــهــابــةً     ويـلـفُّ دنـيـا الـبغـي هَـمٌّ مُـظـلـمُ

ويـجـفُّ نـبـعُ الــمــارقـيـنَ وتــلـــتـــوي     مُـهـجُ الـطـغـاةِ مـن الشقاءِ فتُعدمُ

وتــشــعُّ (يـثـربُ) بــالـولـيـدِ طـــلاقــــةً     نـعـمَ الوليدِ بها (الحسينُ الأكرمُ)

يـا ابـنَ الأبـاطـح يـا ربـيـعـاً مـمــرِعـــاً     بـالـمـجـدِ يـعـبقُ والـفضائلُ ينسمُ

يــا فـخـرَ هـاشـمَ والــبـــطــولـةُ عــالــمٌ     بالـتـضـحـيـاتِ الـغـالـيـاتِ مُـقوَّمُ

إنّـي حــيــيــتــكَ صـــرخـــةً جـــبـــارةً     دوَّى الـحـجازُ بها وضجَّ المحرمُ

إنِّـي حـيـيـتـكَ لـلـرعـيـةِ مُــصــلـــحــــاً     إنّـي حـيـيـتـكَ صـابـراً لا تــسـأمُ

تـتـرى الـجـيـوشُ الصـاخباتُ وأنتَ في     أوســـاطِــهـا مـتـوغِّـلٌ مُــتــقـــدِّمُ

لـولاكَ (ديــنُ مـحـمـدٍ) لــم يــســتــقــمْ     بـلْ لـم يـكـن شـرعٌ هـنـاكَ مُـنـظّمُ

ولـعـادَ حـــكــمُ الـــجــاهــلــيـــةِ مـــرَّةً     أخـرى ولــفَّ الصـبـحَ لـيـلٌ مُظلمُ

أتـغـضُّ طـرفَـكَ والــمــآتــمُ جــــمَّــــةٌ     والـجـورُ يــعـصفُ بـالأنـامِ ويُعدمُ

والـمـسـلـمـونَ مُـشـرَّدونَ يــمــيــدُهــم     ظـلـمُ الـطـغــاةِ فـكـيـفَ لا تــتـألّــمُ

ما الخوفُ ما معنى المخاطرِ ما الردى     الـذلُّ أقــــتــــــلُ لـــلأبــاةِ وأشــأمُ

عـبـثـتْ أمـيـةُ فـي الـحـيـاةِ كما ارتأتْ     وكـمـا يـشـاءُ فــسادُهـا الـمُـتـهـجِّـمُ

مـروانُ يـعــــبـثُ بـالـديـانـةِ ســاخــراً     ويـزيـدُ فـي دنـيـا الــفــسـادِ مُـنـعَّـمُ

سـاسـوا الـرعـيـةَ بـالـســياطِ وحاربوا     ديـنَ الـهـدى بـسـيـوفِـهـم وتـحكّموا

رفـعـوا الـعـروشَ إلـى الـسماءِ فردَّها     لـلأرضِ هـذا الـثـائــرُ الــمُـتـقـحِّــمُ

يـا روعـةَ الإلـهـامِ بــل يــا مُـدرِكَ الـ     إسـلامِ يـا فـجـرَ الـهُـدى يـا مــخـذمُ

طـلـبـتْ أمـيـةُ مـنـكَ بـيـعـةَ رجـسِـها     هـيـهـاتَ خـابَ مـرادُهـا الــمــتـأثّـمُ

لـمْ تـعـطِ إعـطـاءَ الـذلـيـلِ يـداً لــهــا      وتـقـرُّ إقــرارَ الــعــبــيــدِ فــتــنــدمُ

لا لـمْ تـــمــدَّ يـــداً لــنــذلِ أمـــــيٍّـــةٍ     حـتـى ولـو مـثـلَ الـسـيـولِ جرى دمُ

لا لـم تـبـايـعْ ظـالـمـاً حــتـــى ولـــو     هـوتِ الـسمـاءُ وفــارقـتـهـا الأنــجـمُ

يـا مـعـهـدَ الأحـرارِ حـسـبُـكَ رفـعـةً     عـلـيـاءَ لا تَـــخــفــى ولا تــتــكــلــمُ

سـيـظـلُّ مـجـدُكَ خـالـداً مـتــعــالــيـاً     تـتـحـطـمُ الــدنــيــا ولا يــتــحــطّــمُ

وقال في مولد الإمام الحسن المجتبى (صلوات الله عليه):

فـي ذكـرِ مـولـدِكَ الأغـرِّ الـسَّـامـي     أشدو القريضَ بصبوةٍ وغرامِ

يـا سـيِّـدَ الــعـظـمـاءِ حـسـبـيَ عـزةً     مـن يـومِـكَ الـمـتـنـوِّرِ البسَّامِ

هـزَّتـنـيَ الـبُـشـرى فـقـمـتُ مُـردِّداً     أنـشـودةً تـبـقـى مـدى الأعوامِ

أنـشـودةً هـيَ مِـن مـصبِّ عواطفي     وعـصـارةَ الأفـكـارِ والإلـهـامِ

أشـدو بــهـا مـثـلَ الـهـزارِ إذا شـدا     وأهـزُّ هـذا الـحـفـلَ في أنغامي

يا ضـيـغـمـاً خـضعَ الزمـانُ لـبأسِه     حُييتَ في الإسلامِ من ضرغامِ

قد جـئـتَ لـلدنيا لـتُـصـلـحَ وضـعَها     وتـعـمُّـهـا بـالـخـيـرِ والأنــعـامِ

وتُـنـيـرَ داجـيـةَ الـجـهـالـةِ بـالـنُّـهى     بـالـعـلـمِ بـالأخـلاقِ بـالإكــرامِ

يـا شـعـلـةَ الـديـنِ الـتـي بـبـريـقِـهـا     شـقّـتْ ظـلامَ الـجهلِ والأوهامِ

وتـنـوَّرتْ طـرقُ الـرشـادِ بـنـورِها     وتـشـقّ لــلإشــراقِ كـلَّ ظـلامِ

يــا قـــائـــدَ الإســـلامِ فـــي آرائــهِ     بـعـدَ الـرسـولِ وحـيـدرَ المِقدامِ

زهـرتْ بـمـولِـدِكَ الـحـيـاةُ وعـمَّها     نــورٌ مـن الإجـلالِ والإعـظـامِ

قـد جـئـتَ لـلـدنيـا هُـمـامـاً أروعـاً     ومــتـوَّجـاً بـالـنـصـرِ والإقـــدامِ

كمُلَ الهدى بكَ مُذ وِلدتَ وقد زها     وجهُ الزمـانِ بـنـورِكَ المترامـي

أنـجِـبـتَ مـن قـومٍ تـخـرُّ لـبـأسِهمْ     هِـمـمُ الــرجــالِ وســادةُ الأقـوامِ

قـومٌ لـهـمْ عــزٌّ ومــجــدٌ شــامــخٌ     ومـكـانـةٌ تـزهـو عـلـى الأجـرامِ

ونـشـأتَ فـي بـيـتٍ تٌـطأطئ دونَه     شـهـبُ الـسـمـاءِ، مـلائـكُ العلّامِ

سُـمِّـيـتَ بـالـحـسـنِ الـحـلـيمِ لأنَّما     بـكَ نـوِّرَ الإيـمـانُ فـي الإســلامِ

وقال في الإمام المهدي (عليه السلام):

مهما احتجـبتَ فأنتَ مِـلءُ كـــيـانـي     نورٌ يضيءُ بصيرتي وجناني

بـلْ أنـتَ إلهامي ووحـيُ مــشاعري     ومثارُ عاطفتي وفيضُ بـيـاني

هـذي العـقـيـدةُ والـعـقــيــدةُ فــكـرةٌ     عصماءَ لا تُمـحى من الأذهانِ

يـتـأرَّجُ الــتـاريــخُ مـن نــفـحـاتِـهـا     هـديـاً فـيــمـلأ عـالـمَ الإنـسـانِ

تـتـصرَّمُ الحــقـبُ الـطــوالُ وإنّـهـا     غرَّاءُ شـامـخـةٌ عـلـى الأزمانِ

يا أيُّـهـا الـمـــهــديُّ ذكـــرُكَ خـالـدٌ     فـي الـدهرِ رغمَ عمايةِ البهتانِ

فـاضـتْ بـمـولِـدِكَ الــحـياةُ نـوافحاً     وبــشـائـراً قـــدســـيّـةَ الألـوانِ

وهـفـا لـمقدمِـكَ الـوجـودُ وكيـف لا     يـهفو ؟ وإنّكَ مـشـرقُ الايـمانِ

جـئـتَ الحـياةَ هدىً ونــوراً شـاملاً     يـجـتـاحُ لـيـلَ الإثمِ والطـغـيـانِ

مـن دوحـةٍ رفّـتْ عــلى عـذبـاتِـهـا     روحُ الـهـدى بـوداعـةٍ وحـنـانِ

وقد ارتوى الإسلامُ مـن رشـفـاتِـها     وسـمـا بـوافـرِ ظـلّـهـا الـفـيـنانِ

يـومٌ تـطـلـعـتِ الـعـصـورُ لوجـهِه     عـجـبـاً تـطـلّــعَ واجـمٍ حــيـرانِ

فـعـلـى النجومِ الـخـافـقاتِ بشاشـةً     وعلـى شفاهِ الدهرِ رجعُ أغـانـي

ولـدَ الإمـامُ بـهِ فـــكــلُّ مُــخـاتــلٍ     واهـي الثباتِ مزعـزعُ الأركـانِ

يـا ابـنَ الأبـاطحَ من قريشٍ نسـبةً     وابـنَ الـرفـادةِ في ذُرى عـدنـانِ

الـهـاشـمـيـيـنَ الألـى بـبـيـوتِــهــم     هبـطَ الأمـيـنُ بــإمــرةِ الـرحـمنِ

لـهـمُ الجـفانُ الغرُّ تلمعُ في الدّجى     والـبـيـضُ تـقطرُ مـن نـجيعٍ قانِ

قـومٌ إذا أزِفـتْ وثـارَ عــجـاجُـهـا     بـرزوا إلـى الـهـيـجـاءِ بـالأكـفانِ

فمِنَ البطاحِ إلى السلاحِ إلى الكفا     حِ إلـى الـرواحِ إلى نجاحٍ هـانـي

ومِنَ اللواءِ إلى السماءِ إلى العلا     ءِ إلـى الـسـنـاء إلـى أعـزِّ مــكـانِ

يا ابـنَ الـنـبـيِّ وللقريضِ رسـالةٌ     تـأبـى الـخـضـوعَ لـمنطقِ البهتانِ

حسبُ القوافي فـي رثـائِــكَ أنَّـها     شـربـتْ هـوايَ وفـجَّـرتْ ألـحاني

ولقد محـضـتكمُ الـولاءَ وحـبُّـكـمْ     لـلــمــرءِ دنـــيــا فـرحــةٍ وأمــانِ

وقسمتُ قلبي فـي الـحياةِ فشطرُه     لـكـمُ ولـلأوطـانِ شــطـــــرٌ ثــانِ

ماذا يقولُ الشاعـرونَ بـمـدحِـكـمْ     مـن قـبـلِ دهـرٍ جـاءَ فـي الـقـرآنِ

أنـتـمْ صـراط الـحـقِّ لا بـلْ أنـتمُ     سـرٌّ يـقـصِّـرُ عـن مـداهُ لـــســاني

فـعـلـى جـلالِـكـمُ الـعـظـيـمِ تحيةٌ     رفّـتْ رفـيـفَ الـنـورِ وسـطَ جنانِ

.........................................................

1 ــ شعراء كربلاء ج 2 ص 213 ــ 218 / مجلة شعلة الأهالي العدد 14 السنة الأولى تموز 1960 / أدب الطف ج 10 ص 134 ، 14 بيتا منها / البيوتات الأدبية في كربلاء ص 52 ــ 35 ، 21 بيتاً / الحركة الأدبية المعاصرة في كربلاء ج 2 ص 205 ــ 206 ، 8 أبيات

2 ــ البيوتات الأدبية في كربلاء ص 49 الهامش

3 ــ أدب الطف ج 10 ص 134

4 ــ شعراء كربلاء ج 2 ص 203

5 ــ البيوتات الأدبية في كربلاء ص 49 ــ 50

6 ــ مقال تحت عنوان عباس أبو الطوس ــ بمناسبة مرور ستين عاماً على وفاته.

7 ـ الوطنية في شعر كربلاء ص 16 ــ 17

8 ــ مقدمة مجموعة أبي الطوس يوم الحسين الخالد ص 106

9 ــ نفس المصدر ص 108

10 ــ معجم البابطين

11 ــ البيوتات الأدبية في كربلاء ص 50

12 ــ دراسات أدبية ج 2 ص 84 ــ 85

13 ــ مجلة العرفان اللبنانية الجزء 10 المجلد 47 لسنة 1960 ص 971

14 ــ الحركة الأدبية المعاصرة في كربلاء ج 2 ص 200

15 ــ علي كاظم المصلاوي، وعبد الحسين عباس الحلي، ورغد عبود جودي الحلي ــ الطفِّيَّات الرثائية والمولوديَّة في شعر عباس (أبو الطوس) دراسة في الموضوع الشعري / مجلة أهل البيت عليهم السلام العدد 10 ص 290 ــ 313

16 ــ شعراء كربلاء ج 2 ص 204 ــ 218

كما ترجم له وكتب عنه:

عبد الله الخاقاني / موسوعة النجف الأشرف، شعراء النجف في القرن الرابع عشر المجلد التاسع عشر ص 284

الدكتورة سها صاحب القريشي ــ الاتجاه الديني في شعر عباس أبو الطوس / مجلة السبط العدد السابع

المرفقات

كاتب : محمد طاهر الصفار