السلام عليكم ورحمة الله وبركاته : أبني عمره سنتين يلجأ إلى ظاهرة العض بصورة دائمة وهذا سّبب لي الإحراج وجعلني في حيرة من أمري، لدرجة أني ابتعدت عن الحضور في المناسبات الاجتماعية وزيارة الأقارب لأني عجزت عن السيطرة عليه ومنعه من عض الأطفال في عمره والأكبر منه ؛ أرشدوني ماذا أفعل وجزاكم الله ألف خير  .

 

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته : أختي العزيزة ...

العض ظاهرة شائعة جداً بين الأطفال في عمر العام والنصف إلى ثلاثة أعوام ، ويعكس أغلب هذا العض مشاعر الطفل الصغير، نتيجة قصور قدراته اللغوية عن التعبير، حيث يستطيع الطفل في عمر الخمس سنوات أن يعبر عن حاجاته ورغباته، ولكن الطفل الأصغر عمراً قد يستخدم أسنانه كوسيلة للتعبير. وتعد ظاهرة العض لدى الأطفال موضوعاً بالغ الحساسية بالنسبة للوالدين، فهو يبدو سلوكاً همجياً وغير مهذب، ويعتقد العديد من الآباء أنه ينم عن اضطراب في شخصية الطفل. فلا شيء يجعل الطفل مرفوضاً من دار الحضانة ومنبوذاً من قائمة المدعوين للحفلات والمناسبات السعيدة أسرع من أن يُعرف بأنه (عضّاض ) ويمكن اختصار أهم أسباب العض عند الطفل في أربعة فئات

1- العض الاستكشافي:  أي أن الطفل يستخدم العض كوسيلة من وسائل استكشاف ما حوله وكل ما قد يصل فمه، وهذا يلاحظ عند الأطفال في بدء المشي، فيميل لعض كل ما يصل إلى يديه .. فالطفل في هذه الفترة لا يزال في المرحلة الفمية (مرحلة التحسس عبر الفم)  . ففي فم الطفل أعصاب أكثر من أي مكان آخر في جسمه، لهذا يضع دائما كل ما يلتقطه في فمه، وحيث يسمح له الفم بتحقيق رغباته، خصوصاً تلك التي تتعلق بسد جوعه والإحساس بالراحة والطمأنينة التي تؤمنها له الرضاعة، من هناك كان طبيعياً أن تكون ردة فعله الأولى اكتشاف كل ما يحيط به بواسطة هذا الجزء من جسمه وهو ( الفم ).

2- العض الإنفعالي: فالطفل قد يلجأ للعض أو الضرب لمن حوله عندما يجد نفسه في ورطة، وغير قادر على حل المشكلة التي هو فيها ! وتكون هذه الظاهرة عندما يتعلم الطفل كيف يلعب مع الآخرين ممن حوله، ويمكن التخفيف من ظاهرة العض الإنفعالي كما يلي : أجعلي وقت اللعب لطفلك قصيراً، وضمن مجموعات قليلة العدد، وراقب الطفل عن قرب عندما يلعب، وعندما يقوم الطفل بالعض خلال اللعب، قولي له: (لا تعض، فالعض يؤلم)، وقم بسحب الطفل من الحالة والوضع الذي هو فيه، وابق معه حتى يهدأ، واشرحي له كيفية حل الورطة التي كان فيها بطرق هادئة وسلمية .

3- العض بسبب حاجة الطفل للشعور بالقوة:  وهذا يحدث في الحالات التي يجد فيها الطفل نفسه بحاجة للشعور بأنه قوي، وهذه الظاهرة تشاهد عند الأطفال الأصغر سناً من بين الأخوة. ويمكن التخفيف من هذا النوع من العض بتعزيز شعور الطفل بأنه محمي وليس في خطر، وأنه لا يمكن لأحد أن يأخذه بعيداً أو يعتدي عليه، وأشرح سبب العض لمن هو أكبر من الطفل وكيف يلعب بهدوء مع الصغير، وعند تكرر الحالة أخبر الطفل بأن لا يعض، وأبعده عن الموقف الحاصل، وأبق معه حتى يهدأ، واشرح له أن هناك طرق أخرى لحل هذه المواقف غير العض .

4- عض الطفل بسبب التوتر والشعور بالألم:  يعد التسنين أحد أسباب العض عند الأطفال فيلجأون إلى ذلك بهدف التخفيف من ألم تورم اللثة ، وهنا يفضل وجود لعبة نظيفة مخصصة للعض ليعضها. أو عندما يكون الطفل تحت ضغوط عاطفية كثيرة، كالفرح الزائد أو الإنفعال الزائد أو الغضب أو بسبب شعوره بالألم خصوصاً، كان هناك مولود جديد، وهنا لابد من معرفة السبب ومراقبة الحالات التي يعض فيها، وما هي محرضات العض عنده لتجنبها مستقبلاً. وهناك عدة وسائل يؤدي اتباعها من قبل الوالدين، في مساعدة الطفل في التخلص من هذه العادة السيئة وهي  :

 

1- على الوالدين تشجيع طفلهما الذي يعض على النطق، واستخدام الكلمات للتعبير عن مشاعره .

2- لا تنتظر ولو لبضعة دقائق بعد أن يعض طفلك أي طفل أو كبير آخر، فينبغي أن تبادر بالتكلم معه، فقدرة الصغار على التركيز ضعيفة، ولذا يحتاجون إلى رد فعل واضح وفوري وزاجر .

3- أن يكون الوالدين هادئين وحازمين في تعاملهما مع الطفل، أجلس بجانبه كي تصبح بمستواه حال كلامك معه، وتستحوذ على انتباهه، ثم تكلم إليه ببطء وبطريقة جازمة وأعلمه أنك غير موافق على تصرفه هذا، وبأن العض يؤذي الآخرين، وأظهر له الآثار التي خلفتها أسنانه الصغيرة على بشرة غيره .

4- تجنب الوالدين للعبارات المبهمة مثل: (الآن يجب أن تكون لطيفاً مع أخيك)، وذلك لأن الطفل الصغير لا يرى الصلة بين ذلك والعض، جرب أن تقول: يمكننا أن نعض التفاح، لكننا أبداً لا نعضّ الناس .

5- لكي يقتنع بوجه نظرك قدم له تصرفا بديلاً يمكنه اللجوء إليه عوضاً عن العض، فإن شعر بالغضب مثلاً لأن صديقه أخذ منهُ لعبته، فبإمكانه أن يأتي ويخبرك بغضبه، ويطلب منك المساعدة في استعادة أغراضه بدلاً من أن يعض من حوله، وأنت بدورك حقق له طلبه مادام مُحقاً .

6- احاطة الطفل بالحب والحنان فامنحي طفلك جزءاً من اهتمامك طوال النهار حتى لا يلجأ إلى سلوك العض لجذب الاهتمام إليه، وخصوصاً في حال كان من النوع الذي يشعر بالغيرة في وجود الأطفال الآخرين .

7- إشباع رغباته ضمن حدود معينة ومعقولة .

8- رواية قصة قصيرة عن الأولاد المتسامحين اللطفاء .

9- تزويده بلعب تساعده في التعبير عما يعاني منه .

10- تزويده بمواد الرسم، فهي ستساعده في التعبير عن نفسه، حتى لو كان صغيراً، فما نطلق عليه (الشخبطة) يعني له الكثير .

11- عدم السماح له بمشاهدة الأفلام التي تتضمن مشاهد العنف .

وآخر دعوانا إن الحمد لله رب العالمين .

 

الاستشارية زينب الوزني / مركز الإرشاد الأسري