إن في قلبها انقباضاً يكاد يرديه، فهي لا تستسيغ طعاماً ولا شراباً، فتشارف أبواب اليقين جازمة ان أحداً ممن تحبهم في ضائقةٍ ما، واحياناً تعجز عن القيام بأعمالها اليومية المعتادة، لكأن يديها ضعفتا فلا تكادان تقويان على حمل فنجان قهوتها الصباحية .. فما خطبها يا ترى ؟!

تمر ساعات بعد استيقاظها صباحاً فتراها تتعوذ بالله مما هو قادمٌ لا محالة أو ما تشعر أنه سيحصل حتماً والغريب أن ما تخشاه يتحقق، كأن الغيب أرسل لها إشارة ما لتتهيأ لمستقبل قريب كان أم بعيد، فالإشارات عادة غير محددة بزمان كما إنها تحمل أنباء الغيب بالفرح تارة وبالحزن تارة أخرى وغالباً ما تتحدث عن أخبار أناس يخصونها، كصحيفة يومية بطبعة اولى مستعجلة ، بيد أن كل تلك الإشارات تجعل من الأنثى ضليعة في فهم من حولها لدرجة تستطيع معها استشفاف الكذب إذا ما اختلط بنبرة اصواتهم، فيتراءى لها أنهم أضحوا بالنسبة لها شبابيك زجاجية شفت عما تخفيه خلفها .

ومن تكرار الحالة وبرهان التجربة فإن (المرأة) تبدأ بجدولة أعمالها على ذلك الأساس فعلى سبيل المثال أنها قد تلغي مشروعاً أو سفرة عائلية أو مشواراً مهماً إذا ما تلقت مسبقاً اشارة تنبؤها بسوء ما قد يحدث، حيث أن التجارب علمتها أن تصدق عواطفها مهما كانت مشحونة بالغرابة لتجعل منها بوصلة تستدل بها على الاتجاه الصحيح .

لن نهمل أيضاً شعورها بالارتياح من عدمه تجاه اشخاص لا تربطها بهم سابق معرفة ودون أدنى سبب يذكر سوى أنها (امرأة) كما خلقها الله سبحانه على الفطرة.

إن العلم لم يبقينا في غفلة طويلة فقد أزال جزءاً من الستار المنسدل على سرها التكويني، حينما سلط العلماء جل اهتمامهم ليفسروا بأبحاثهم ودراساتهم عواطفها وما تمر به من مشاعر غريبة، وهو ما أسموه لا حقاً بالحاسة السادسة ( الحدس ) أو الذكاء العاطفي كما يسميه علم التنمية الحديث .

تلك الحاسة لا تعدو مشاعر وهواجس تنبئ بحدوث شيء ما قبل وقوعه، تأتي كنداء قلبي بلا مقدمات، فلا يعني ذلك وجود حاسة سادسة ادراكية فاعلة تضاف الى الحواس الخمس المعروفة وإنما هي تعبير مجازي عما يسمى الحدس الذي يتكون من اللاوعي حيث العقل الباطن .

والحدس بطبيعة التكوين البيولوجي لا يقتصر على النساء دون الرجال، ولكن أغلب الدراسات والإحصائيات أثبتت أن النساء تميزن به بصورة واضحة، فقد تجلى عندهن بنسبة أكبر بسبب عاطفتهن وحساسيتهن المفرطة .

وبطبيعة الحال فإن الأبحاث قدمت لنا شروحات مختلفة، فبعض العلماء أرجع قوة حدس النساء الى محض الصدفة ليس إلا، وعزا ما تكتشفه الأنثى من نوايا الآخرين الى معرفتها بهم بحكم العشرة أو القرابة والروابط العاطفية التي تأسر مشاعرها تجاههم خاصة (الزوج) فالمرأة غالباً ما تعرف نواياه التي يبيتها بعيداً عنها .

ووجد علماء جامعة غرناطة الإسبانية أن الحدس عند النساء مفهوم بيولوجي حيث تم تجربة تحديد العلاقة بين اصبعي الخنصر والإبهام التي ساعدت في تحديد مستوى هرمون (التستوستيرون) الموجود أصلاً في تكوينها البيولوجي منذ ولادتها.

الحدس موجود لدى الذكور أيضاً، حيث ذهب العلم إلى أن كل شخص في هذه الحياة يولد وهو يملك الحاسة السادسة إلا أن هناك من ينميها لديه وهناك من يضمرها، أما الراي الآخر ذهب إلى أن الحاسة السادسة الموجودة لدى النساء مفهوم بيولوجي يتكون في رحم الأم بسبب كمية قليلة من هرمون (التستوستيرون) كما ان هذه الحاسة مبنية على العاطفة والخيال، حيث لم يجدوا اسساً علمية اخرى ليفسروا الحدس المصاحب لعموم البشر سوى أنه يتطور عند المرأة بشكل اكبر لأنها ذات طبيعة حساسة وتتأثر بما يحدث لمن حولها عاطفياً أكثر من الرجل اضافة الى تعلقها بمحيطها وخوفها عليه خصوصاً خلال فترة الحمل التي تجعلها تطور قدرتها على الشعور بالمجهول الذي تحمله في بطنها وماذا يحتاج وما الذي يحدث له .

 

نغم المسلماني