وقعت ـــ للأسف ـــ الكثيرات من المسلمات ؛ ضحية أكذوبة بعض المدارس الفكرية الساذجة ، سيما تلك التي وراؤها أجندات معينة ؛ فتوهمن أن أجسامهن ملك مستقل لهنّ ، وبالتالي فمن حقّهن أن يعملن به بما توحي إليهنّ أنفسهنّ .

وهذه الفكرة في واقع أمرها وهمٌ ساذج ، جاءت عن طريق تفكير وتحليل سطحي للأمور له كواليس هدامة .

وإذا ما تتبعنا طريقة تفكير العقل البشري بخصوص مسألة الملكية ، سنجد أنه ينقسم فيها الى قسمين اثنين ، أولهما ملكية حقيقية، ، تنشأ وتُبنى على مبدأ " الخِلْقة والإيجاد " ، وهذا ما يتهاوى عند أولى بوادر التحليل في إثبات ملكية المرأة لجسمها ، حيث أنها ليست خالقته ولا الموجدة له ولا حتى المسؤولة على بقاء وجوده .

في حين أن القسم الثاني من التملك هو التملك الاعتباري ، وينشئ ويبنى على مبدأ " التسلط على الشيء " ، بمعنى أن المرأة عندما لم تكن لا خالقةً ولا موجدةً لجسمها ، فتكون ملكيتها له من باب السلطة المحدودة التي يمنحها لها مالكه الحقيقي جل وعلا وبالتالي فحيازتها له وسلطتها عليه نسبية واعتبارية .

والفرق الأساس بين القسمين لدى منطق العقل، هو أنّ المالك الحقيقي له الحق بفعل أي شيء يريده بما يملكه ، أما المالك الاعتباري فلا يحق له فعل أي شيء بما يقع تحت سلطته ، بل عليه مراجعة مالكه الحقيقي لمعرفة حدود التصرف بما هو في حوزته .

وانطلاقًا من هذا التقسيم ، فالعقل السليم يحكم بكل بساطة على أنّ ملك المرأة لجسمها ، هو من القسم الثاني ، أي تملك اعتباري ؛ لأنّها لم تخلقه ولم توجده ، بل وإنّها عاجزة حتى على دفع هلاكه إذا ما حان ، عندما يصل لمرحلة مفارقة الروح عنه وتصييره جسدا .

ومن هنا ، نقول لكل مسلمة ومؤمنة ، بل وكل امرأة ، أنّ جسمك ليس ملك مستقل لكِ ، حتى تفعلي وتتصرّفي به كما تريدين أو كما يحلو لكي ، بل لا بّد لك من ان تراجعي صاحب الملك الحقيقي فيه ، وهو المولى تعالى، لتعرفي حدود تصرفك فيه كونك مؤتمنة ليس إلا ، وهو أمانة أمّنك عليها من خَلَقها وأوجدها ، وإلا فأنك ستحاسبين على خلاف ذلك .

 

أم جواد زينب صوفان