نعيش في مجتمع كان كل شي فيه مدعاة فخر ؛ تضحيات الأجداد وبطولاتهم , حشمة النساء وصبرهن , شجاعة الأبناء رغم كل تلك السنين العجاف , تكاتف الأخوة والأصدقاء , حماية الدخيل ورد الظالم وأخذ الحق للمظلوم .. من حياة بسيطة يرتشف فيه المرء الحلال شهدا والعزيمة قوتا والشجاعة كالماء الذي ينساب من شاهق يغذي كل فرع صغير ؛ فصار التوارث شجاعة وغيرة وحمية تفرح الصديق الودود وتغيض العدو اللدود كل شي في مجتمعنا أصيل الفرد منا رجلا كان أو امرأة .

أبي مقدام يرحم الصغير ويوقر الشيخ الكبير يكرم الضيف ويحب الخير لغيره مثلما يحبه لنفسه كنا سابقا نجتمع على الألفة والمودة . والترابط الأسري قائم في كل تفاصيل حياتنا إن اجتمعنا في فرح كنا كجسد واحد وإن ألمت بنا مصيبة كنا كالطود نساند بعضنا البعض .. حياتنا بسيطة لدرجة أننا نجوب البراري من غير تعب ولا ملل وجميلة إلى الحد الذي يجعلنا نعمل من الفجر حتى المساء بغير كلل ننام بهناء كالأطفال .. وكأننا لم نحرم من شي أبدا مجتمع فيه الأناقة متمثلة بالكلمات العفوية والعبارات الدارجة لم نكن نتأنق تبعا لموضة ما ولا نقلد أحدا مهما عظم اسمه كنا أحرارا من كل شي إلا من عبودية خالصة لله تعالى كنا ننظر إلى كل شي على أساس واحد وهو رضا الله عز وجل والآن !

مجتمعنا .. وأفراد المجتمع متناحرين حد سفك الدماء فلا حرمة لكبير ولا حق لضعيف نجتمع والقلوب مختلفة والوجوه باسمة ولو فتح لك الغطاء لرأيت وجوه باهتة الملامح ترتسم على الوجوه من شدة الحقد . حياتنا معقدة نجوب الدنيا ونحن في مكاننا من دون أن نحرك ساكنا ومع هذا يملأ الكسل كل تفاصيل حياتنا ننام الليل بطوله ولا نشعر براحة إلا ما ندر قلوبنا شتى وأجسادنا مجتمعة تغير كل شي ما خلا أسماء القبائل وأسماء الأفراد نتبع كل نهج وكل موضة ولا نولي أهمية لمعتقد ولا لدين أو شريعة .. الشباب منشغلون بما يفعله شباب الغرب إلا في حالة واحدة فأولئك يتطورون وشبابنا للأسف إلى الأسوأ .. وهذا ليس حال المجتمع بصورة عامة لكن العادات السيئة تنتشر كما النار في الهشيم لا تبقي باقية .. والكل يجب أن يشعر بالمسؤولية تجاه هذا المجتمع الذي تكالبت عليه المحن من كل صوب وصار بعض أفراده لعبة بيد العادات الدخيلة والأفكار المريضة . التطور يجب أن ينتقل بحياة الإنسان نحو الأفضل أن يكون فيه المرء متحررا لا أن يكون مقيدا تسيره الموضة والأفكار الباطلة وما نراه اليوم من الانحلال في صفوف بعض الشباب من الرجال والنساء لا يبشر بخير أبدا فمن انشغال الآباء تحت أي ظرف إلى جهل الأمهات بأصول التربية الإسلامية والتربية بصورة عامة ومابين الإهمال والتضييع صار الشاب فريسة سهلة بيد الغرب الذي يسعى دائما إلى بث روح الانحلال في المجتمع المسلم وخلق فجوة بين المرء وبين التربية السليمة التي من شأنها أن تخلق إنسانا سويا مؤمنا .

أيها الآباء والأمهات كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته فانتبهوا جزاكم الله خيرا فأنتم محاسبون إن أسرفتم في الإهمال .. وتماديتم في التضييع .

 

رشا عبد الجبار ناصر