لا يقتصر دور المرأة في البيت على منح العاطفة والاهتمام لأفراد أسرتها بداعي إنها مهيأة للعطاء فدورها يجب أن يأخذ بعد يفوق أهمية إغداق العطف على الأبناء ؛ لأن في أغلب الحالات تكون هذه العاطفة المبالغ بها ربما أداة سلبية تعكس مردود عكسي وتنتج حالات تمرد وعناد وفي بعض الأحيان انحراف سببه غياب الدور الحقيقي للأم .

لابد على كل أم أن تعتمد أدوات معينة تتعامل وفقها بشروط توازن فيها العاطفة مع التربية ؛ وهذا الجانب يحتاج إلى ثقافة نوعية ووعي ؛ ولا نعني هنا أن تكون الأم حاصلة على شهادة معينة لإدارة حياة أبنائها فالثقافة العامة التي تُكتسب من التجربة ومن متابعة تجارب الآخرين وإبعادها وتأثيراتها السلبية والايجابية وقراءة الكتب العامة أو المتخصصة إلى حدا ما بطرح علاقة علم النفس بالتربية وربط ذلك فعليا وتطبيقيا على الأبناء ؛ يمنحها القدرة على التفاعل مع التطور السريع لإيقاع الحياة ومتغيرات الظروف التي انعكست على جيل الشباب وبدأت بخلق فجوة تتسع بأتساع تمسك جيل الآباء بطريقة التربية  التي نشئوا عليها متناسين أن لكل وقت متغيراته وظروفه التي تحكم نمط تعامل معين .

هنا نحن نتحدث عن دور الأم بشكل أكثر تخصيصا مع أن الأب له دور مباشر ورئيسي  مع الأم في تشكيل شخصية الأبناء لكن للأم دور تفاعلي أكبر بهذا الجانب ؛ فبما أنها تمثل مصدر عاطفة وغير قابلة للقسوة إلى حدا ما فهي تعتبر محرك رئيسي لعجلة التفاعل مع الأبناء وإذا كانت على قدر كاف من الثقافة والحكمة فهي حتما ستنتج جيل رائع ؛ جيل يعتمد على الحوار والنقاش المنطقي واحترام الرأي .

الأم هي محور الأسرة وثقافتها تعني ثقافة الأسرة بكامل أفرادها . فكل تصرف وكل طريقة تعامل يعد مؤشرا يعتمده الجميع لا إراديا . والأم يمكنها التوجيه والتصويب دون أن تعتمد المباشرة في الحديث لأن ما يسجل على هذا الجيل الذي اعتمد الحياة الافتراضية وعالم شبكات التواصل الاجتماعي أنه جيل ملول لا يتقبل النصح ويظن أن بإمكانه معرفة كل ما يستعصى عليه من خلال اللجوء للنت وسؤاله سرا دون أن يستلم المعلومة من الأهل

ولذلك نحن نبين ونؤكد على صعوبة السيطرة على الأبناء في ظل هذه الموجة الجارفة التي ربما أفقدت غالبية الأسر الكثير من خصوصيتها وأجواءها الطبيعية وشكلت عوالم خاصة لكل فرد بمعزل عن عالم العائلة الدافئ وأن التصدي لهذه الموجة يجب أن يكون بحذر ووعي وإصرار على موازنة كفة التربية مع العاطفة .  

 

إيمان كاظم الحجيمي