لاشك أن مرحلة الطفولة هي فترة تكوين شخصية الفرد , ولها أهمية بالغة , بل ان أسس الحياة اللاحقة للانسان ذات علاقة بهذه الفترة .

والطفولة في بداية الحياة كفسيل ، يجب ان تنمو في ظل همة الوالدين والمربين ، فتزهر وتنضج وتثمر ويتفرع منها فسائل مثلها ، وأفضل منها أحياناً ، وبها ترتبط كيفية نمو الطفل ونضجه وسيره في الطريق المستقيم أو المنحرف .

ومن اللازم التفكير بالطفل والتخطيط لتربيته ورقابة نموه ووضع منهج لإرشاده وتهيئة المجالات لتعليمه من كل النواحي ، ويمكن أن نقول ، إن افضل دقائق العمر موضوعة تحت تصرف المربي ، وللطفل رغبة قوية جداً في تعلم طريقة الحياة والتقليد والميل الى الاقتباس .

 
تعليم الفتاة في رأي الإسلام ...
من الحقوق والواجبات التي يسأل عنها الآباء تعليم أبناءهم وبناتهم القراءة والكتابة ( التعليم بصورة عامة ) ، وقد قال الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم (( حق الولد على والده أن يعلمه القراءة والكتابة والرماية وأن لا يرزقه الا طيباً )) ، وإذ اقصر الآباء والمهمات في تعليم أبنائهم في المراحل الثلاثة سألوا عن ذلك يوم القيامة ، وهو ما تضمنته الروايات الواردة عن أهل البيت بخصوص تأثيم الآباء والأمهات الذين يتخلفون عن تعليم أبنائهم ، وظاهرة التعليم هذه يمتاز بها الإسلام عن بقية الأديان ، لأنه أوجب على المسلمين وجوباً كفائياً تحصيل العلوم التي تنتظم بها حياتهم كما يجب عليهم وجوباً عينياً التفقه في شؤون دينهم .

وعلى رب الأسرة أن يسعى الى تشجيع أسرته على تعلم المسائل التي تهمهم ليخرجوا من الفقر العلمي الذي هم فيه والواجب على الرجل والمرأة تعلم الأخلاق الإسلامية الفاضلة وتعليمها أبنائهم بأسلوب واضح ومحبوب وجذاب ، فالبنت عندما تبلغ التاسعة من عمرها على الأبوين أن يقوموا بتعليمها أصول الدين وفروعه ، فالتعليم والتعلم يحظيان بأهمية بالغة في الإسلام .

ولو نظرنا الى ترغيب الإسلام في التعليم والتعلم لرأينا اهتمامه بثلاث أمور :

 
اولا :   التعليم
وينصبّ في ست جوانب أساسية :

1. تعليم الجوانب الأساسية في الحياة مثل القراءة والكتاب والحساب .

2. تعليم المسائل الدينية كتعليم القرآن في المجتمعات  الإسلامية .

3. تعليم مهارات والفنون اللازمة كمسألة ركوب الخيل والرماية والسباحة .

4. تقديم معلومات عن القضايا الموجودة في المجتمعات المختلفة .

5. تقديم معلومات في مجال معرفة العلم وما فيه من ضوابط .

6. تعليم نوع المواقف المتخذة إزاء الأمور والظواهر والحوادث .

 
ثانياً :   التربية
ويشتمل أساس التربية على ستة أبعاد في الإنسان على الأقل هي: البدن، والعقل، والذهن والقلب ، والنفس ، والعاطفة .

 
أثر العقيدة الإسلامية في تربية الفتيات :
من مسؤليات التي تقع على عاتق الوالدين تنمية روح العقيدة وترسيخها في نفوس الفتيات منذ السنوات السبع الاولى  ومن أهم معالم العقيدة وابرز اصولها زرع بذور التوحيد في نفوس الأبناء وتعريفهم بالتوحيد واصول الدين وتبسيط
الأدلة على معرفة الله وعظمته وجلالته وكذلك الحديث عن علاقة الله بالانسان من جهة وعلاقة الانسان بالله تعالى من جهة اخرى .

ففي الجانب الأول ينصب الحديث على خلق الوجود وتسيير نظام هذا الكون وما فيه من الظواهر اضافة إلى رازقية الله وحاكميته في عين علمه وقدرته وارادته .

وأما الجانب الثاني ، فيتناول الحديث الخشوع والخضوع لله والاستعانة به والتضرع إليه ومعرفة الواجب في سبيله وتنظيم برامج الحياة وفقاً لأوامراه واحكامه ، وأن لا يكون هناك أي حب او عداء إلا على اساس إرادته وتعاليمه ، ويمكن تلقين العقيدة بإسلوب استدلالي إلى حد ما لمن تجاوز الثامنة أو التاسعة من عمره ، ويعتبر تعليم الأصول الاعتقادية من أنواع التعليم الأساسي وله دور مصيري في حياة الأشخاص . 

 
أثر الاخلاق الاسلامية في تريبية الفتيات :
للأخلاق دور اساس في الحياة الإجتماعية للأنسان ، لإنها معيار تحديد سلام الحياة البشرية حتى قيل :

ليست القوانين هي التى تحكم العالم  ، بل العالم منقاد لاصول والقواعد الاخلاقية  ، ولا شك أن المسألة أكثر صدقاً ووضوحاً في الحياة العائلية .

ومن الضروري الاعتناء بالتربية الاخلاقية الحميدة لإنها تحول دون سقوط  الانسان في المهالك العويصة , وهي طاقة كبرى تهيمن على الإنسان وتمنعه من الوقوع في المفاسد والانحرافات ، فالفقر الأخلاقي اسوأ ألوان الفقر ، وفقدها ألم مرير وقاتل , فقد اهتم الدين الإسلامي كثيراً بتهذيب أخلاق الناس واعتبر نبي الإسلام مبعوثاً من أجل إتمام مكارم الأخلاق ، ولذا كانت بعثة الأنبياء ولا سيما رسول الله صلى الله عليه واله وسلم من أجل تربية الإنسان وتعليمه للوصول به إلى الأهداف العالية وتطهير فكره من الدنس والأرجاس .

وأكبر رصيد للفضائل الأخلاقية ورأس كل المبادئ هو الإيمان الديني الحقيقي الذي يوفر للإنسان القدرة والمناعة في مقاومة الغرائز والأحاسيس ، ومن أهم العوامل التي تكمن وراء صلاح المجتمعات البشرية وانتصاراتها وانتكاساتها العوامل الأخلاقية , بل لها من الآثار الحاسمة والواضحة والظاهرة في نظام حياة الأمم .

ومسألة التحكم بالأحاسيس والعواطف والحيلولة دون أن تُفرط أو تفرط ، من أهم الأمور الأساسية في حياة الإنسان بنظر التربويين المختصين .

 
ثالثا : حق الأبوان ...
قال الإمام زين العابدين عليه السلام في رسالة الحقوق (( وأما حق أمك أن تعلم أنها حملتك حيث لا يحتمل أحد أحداً، وأعطتك من ثمرة قبلها مما لم يعط أحد أحداً، ووفتك بجميع جوارحها، ولم تبالي أن تجوع وتطعمك، وتعطش وتسقيك، وتعرى وتكسوك، وتضحى وتظل ، وتهجر النوم لأجلك ، ووقتك الحر والبرد ، وأنك لا تطيق شكرها إلاّ بعون الله وتوفيقه ، وأما حق أبيك فأن تعلم أنه أصلك ، فإن لولاه لم تكن فهما رأيت من نفسك ما يعجبك فأعلم أن أباك أصل النعمة عليك ، فاحمد الله وأشكره على قدر ذلك ، ولا قوة إلا بالله .

  
حاكمية الضمير عند الفتيات في رأي الإسلام ...
الضمير هو صوت الفطرة النابع من أعماق الإنسان ، ولا شكّ أن الله تعالى قد فطر الإنسان على الخير والصلاح ، وهو عامل لمعرفة المسائل والجواب المتعلقة بحياة الإنسان ، وبناءً على هذا المفهوم ، فإن الضمير هو نوع من الإدراك الباطني ، الذي يعرف من غير علة ، إن لهذا العالم مدبر ، ويدرك أن مسيرة الحياة تتطلب الإخلاص والأمانة وأن الكذب والخداع قبيح .

ومن الواضح أن المرء يدرك ذاتياً وبوساطة ضميره ، أن الكذب قبيح ، وحتى في مطلع حياته لا يقدر على اختلاق الأكاذيب .

فالضمير يُبدي له حقيقة الكذب القبيحة ، ولكن الطفل ينجرف فيما بعد في تيار يجعله قادراً على الكذب بسبب سوء التربية وعدم سيطرة المربي والتعليم الخاطئ .

د . مواهب الخطيب