يحلم الآباء في ان يكون لأبنائهم حصة من المثالية والتميز عن الآخرين ، وهو ما يدفعهم لتعديل وتصويب سلوكهم على سبيل الدوام والاستمرار ، وغالبا ما يكون ذلك محفوفا بقلق من الآباء وربما عناد من الأبناء خصوصا في ما لا يفهمه الأبناء من مصلحة .

  وغالبا ما ينتهي الاختلاف بين ما يريده الآباء وما يريده الأبناء الى التدخل العقابي من قبل الأب على بنيه وبشكل فوري .

وقد ينجح العقاب في ردع الطفل عن سلوك شائن ، ولكنه نجاح مؤقت ولمدى قصير ، وربما له تأثير سلبي على مستقبل شخصية الطفل .

لذا ، فأن التعامل مع الطفل وفقا لمفاهيم التنمية البشرية وأدواتها وأساليبها قد يصوب ويعدل من سلوك الطفل ، خصوصا اذا ما كانت ـــ التنمية البشرية ـــ مستندة لشارطة البيت النبوي وما يريد الشارع المقدس من تعامل سوي .

وقد تختلف أساليب تعامل الآباء مع أبناءهم باختلاف المواقف التي تدعو للتدخل ، وربما يحتاج البعض منها وقت طويل كي تؤتي ثمارها ، وهو ما يحتم على الآباء صبرا وهدوءا أكثر ، لأن التعامل مع الطفل شائك وربما يشعر الأبوين في لحظة ما بنوع من الإحباط ، الا أن التوكل والمداومة على هذه الخطوات ستمنح الأبوين نتيجة طيبة وفي وقت قصير .

ـــ   التعامل مع الطفل على أن لديه وعي ـــ وأن كان قاصرا ـــ ويكون ذلك من خلال وضع النقاط على الحروف في معالجة المشاكل وليكن مثلا عند توبيخ الطفل على موقف ما دون جره للنهاية الطبيعية ومنها الاعتذار او التعهد بعدم تكرار ذلك ، وإلا فأنه سيبقى في دوامة الشعور بالذنب وعدم معرفة الحلول او ما يريده أبويه منه ، وليختم ذلك بمشهد تكريمية من قبلهما وليكن مثلا احتضانه وإشعاره بالحب والحنان من قبلهما .

ـــ   يمكن للأم ـــ وربما الأب أيضا ـــ ان ينمي القدرات الذهنية لطفله من خلال انتقاء إحدى الروايات او القصص التي تحاكي مستواهم الفكري ، خصوصا تلك التي تنمذج السلوك لديه ، لأن ذلك سيشكل متانة قوية للطفل مستقبلا وهي أكثر جدوى من أساليب النصح المباشرة ، خصوصا وأنه سيبدأ تقليدها في قادم أيامه .

ـــ   لابد من التفريق بين السلوك والشخص ، لأن تبيان رفض السلوك لدى الطفل قد يدفعه لتغيير سلوكه ، لكن تبيان رفض الطفل نفسه قد يدفعه للتمرد ، ومن هذا يمكن للأب او الأم ان تقول لطفلها : " أنا ارفض فكرة المزاح الكثير من قبلك " بدلا من ان تقول له : " أنا أرفضك لأنك تمزح كثيرا " ، على ان يكون كل ذلك بشكل واعي ومتحضر ودبلوماسي مع الابتعاد عن اللجوء إلى الألقاب السلبية والتوصيفات المحبطة ، وفيما اذا مال الطفل للجدال والنقاش العقيم ، يفضل خصم الموضوع وإنهاءه بطريقة ما على ان لا يكون من خلال الصراخ او الضرب او التوبيخ وغير ذلك من الأساليب العنيفة .

ـــ   يفضل اعتماد مبدأ التوجيه بالنسبة للطفل من خلال أبويه ، على ان يكون ذلك بشكل غير مباشر من خلال شده لسلوكهما واستنفار محاكاته لهما وتوظيف هذه الميزة ـــ ميزة محاكاة الطفل لوالديه ـــ في تغير سلوكياته السلبية الى ايجابية . 

ـــ   منح الطفل اهتمام كاف وان يعار الانتباه الكافي ـــ مع الحذر من الإفراط او التفريط بذلك ـــ فضلا عن منحه الاحترام اللازم وبما يسهم في تعزيز ثقته بنفسه ، مع الأخذ بلحاظ الاعتبار أن أي نقص في الاحترام او الاهتمام سيدفع الطفل للبحث عن ذلك وتعويضه من خلال الآخرين . 

ـــ   استثمار حالة التجاهل بشكل نسبي مع الطفل ، لأن الاهتمام في موارد معينة قد يدفعه لاستغلال هذه الميزة بما لا يسع الأبوين قبولها ، كما أن التجاهل يساعد على إخماد بعض الرغبات لديه ، مع الأخذ بنظر الاعتبار أن الطفل قد يلجأ الى رفع وتيرة رفضه للتجاهل في المرات الإول ، ولكنه في النهاية سيعي أن ذلك سلوك مشين من قبله وقد يخسر تعاطف أبويه ، وهذا بحد ذاته سيدفعه في نهاية المطاف لإيقاف ذلك .

ـــ   اعتماد الحوار كلغة كسب لود الطفل ، أمر منتج ومؤثر ، خصوصا في تغيير قناعاته بسلوكه المشين ، كما أن الاستماع له هو الأخر سيعزز لديه القدرة على إبداء وجهة نظره حيال القضايا المختلف فيها مع أبويه ، مع العلم أن للطفل قراءات وتحليلات قد تكون مذهلة أحيانا وربما حتى انضج من والديه باعتبار أنه ينظر للأشياء من زويا قد يغفلها الأبوين بداعي فارق العمر او تشظي الاهتمامات .

ـــ   اعتماد الأساليب التربوية العصرية ومنها قائمة التنقيط او النجوم ، والتي يبدأ الطفل من خلالها ـــ وبجو تفاعلي مع والديه ـــ بجمع نقاط او نجوم على أي موقف ايجابي منه من خلال تحفيزه لذلك بإثارة رغبته بسفرة ما او هدية ما او أي مكافأة يجدها الأبوين مؤثرة على طفلهما .

ـــ   خلق الأجواء المناسبة ، وإيجاد البديلة في حالة تعذر شيء من ذلك ، وسد الذرائع اما السلوكيات السلبية من الطفل ، من خلال إبعاده عن مثيرات سلوكه السلبي ، وليكن مثلا ان لعب الطفل مع اطفال الجيران قد يسبب احتكاك ما ومن ثمة مشكلة بينهما ، فمن الأفضل منعه من اللعب معهم من خلال عدم توفير فرصة لذلك .

منى كريم