للتو ... قد طرقت عامها السابع عشر ، وربما ما زالت تتصارع مع السادس عشر منه ، حين زّوجت على حين غرة ، بما لا تتمناه ، عندما كان لزوجة ابيها ـــ ممن لا تحمل من اسمها الا النقيض ـــ أمرٌ لا يرد .

هكذا قررت " جميلة " ، أن تزوج الصغيرة " ظافرة " التي لم تعي بعد أكثر من أنها " فتاة صغيرة " ، في وقت كان للأب فيها نزوة يقضيها مرة في هذا البلد وأخرى في ذاك ، وام آثرت ان تبقى " سليمة " حتى لو كان ذلك على أنقاض أبناؤها الثلاث .

نعم ، كان شريكها فضا أجلفا كما هم أسياده ، في حين أنها تحمل رقة من زينب الحوراء ، وكبرياء من فاطمة الزهراء ، فكان لها والوجع موعد ولقاء طويل .

كانت ولما تزل تحلم بـدميتها مرة ، وفستانها الجديد مرة اخرى ، وبحجر " التوكي " مرة ثالثة ، حينما صارت " زوجة " لسفياني سكير وهي الفاطمية ، وانتقلت معه الى تلك البقعة المكانية السوداء ، حيث ليس لعبير من تحبهم من آل البيت محل ، غير " عمة وخال " ، وقلب لأم شريكها الذي استعاضت به لفترة ما عن قلب أمها وزوجة ابيها ، على الرغم من ان الفاصلة عن فرقدي بغداد جسر وعدة خطوات .

فكانت هذه ميتتها الأولى ...

سنون طويلة ، ليس بأطول من هذا الوجع ...

وهي تصارع الزمن لتجمع ما يقتات عليه أطفالها الأربع بعد أن أسقطت خامسهم ، ربما من ظلم " الشريك العدو " ، او لأن الله لم يشأ له ان يعايش أمه وإخوته ؛ أنين الحياة .

وما انت تسللت لعامها الثالث والأربعين ، حيث بدأت ثمارها نضجا ، فكان أكبرها " علي " ، حيث الحضن الدافئ لها ، فبه لأبوتها شيء ولأخوتها أشياء وأشياء .

أما " محمد " فكان هو الأخر الصديق المشاغب ، وربما الثائر غيرة وحبا .

ولأنهما سميا من تسميا عليهما ، اختطفتهم الأيادي القذرة ليدفنوا على جرف دجلة الحمراء ، دون ان تتحصل حتى على قبر لهما يزار  .

فكانت هذه ميتتها الثانية .

" أنا بقايا زينب ، ولي مع علي وعود ، ومع محمد عهود "

هكذا كانت تسلي " ظافرة " نفسها وتتجاوز سنوات محنتها في وطن تُقتل فيه النساء كل يوم الف مرة .

ايمان عبد الواحد خلف