الفيتها تكلم الجدران، تسألها عن ولدها، مذهولة عن الخلق, ثم تعود لتسأله عبر الاثير "ها يمة ما تجي ما تدخل غرفتك، ما تصعد الدراج، ما اشوف طولك"، ... وتلك الأخيرة جملة تسربت لها من شاعرة العزاء التي ما رحمت لوعة ام ثكلى فكانت تزيد في جزعها بدل سقيها بصبر التأسي.. بمصائب آل محمد بولدهم الحسين.

بين الفينة والأخرى كانت تصرخ اتصلوا بأخوته اين أخوهم الآن؟ وهي تقصد اين وصل الجثمان هل شيعوه هل زوروه هل صلوا عليه هل دفنوه؟!!

 كانوا يجيبون باقتضاب واستعجال بسبب انشغالهم في المراسيم وكانت تصرخ بألم أجيبوني أين أنتم وماذا فعلتم...!

من يمكنه مواساة هذا الفقد بل من يحظى بانتباهها ليواسيها وهي تدور من غرفة لأخرى تعلل ذلك (يمة الولد يوجع) ألم كبير تتعداه الكلمات ولن تعود الى رشدها بالهين.

وعاد المشيعون ودخل ولدها الأكبر بالبشرى "يمة ابنج بالمستشفى يبتسم وهو يحتضر يبتسم بالمغتسل يبتسم"!

- "ليش يمة" ؟

- "ما ادري اسألي الحسين" !! 

هنا هدأت لأول مرة ثم صاحت "ها يا ابا عبد الله ردت وليدي؟ فدوة الك فدوة الك فدوة الك" ثم خفت صوتها على أمل الحسين.

لبنى مجيد حسين