حل ظلام دامس بعد انقطاع التيار الكهربائي عن المنزل, قالت الام لطفلها: (لا تخف يا بني سأضيء المصباح الآن).

موقف قد يبدو مألوفاً وطبيعياً، ولكن عزيزتي هل تعلمين بأنك ارتكبت خطأً تربوياً مع طفلك, فقد استخدمت أسلوباً غير مباشراً في زرع الخوف وربطه في عقل الطفل من الظلام، وكأنك تقولين لطفلك بأن الظلام مخيف ويجب عليك الخوف منه.

إن تخويف الطفل يؤثر على مهاراته الفكرية وقدرته على الإبداع, كما إنك تستخدمين  الاسلوب نفسه في كثر من الامور الحياتية, التي تجهلين عواقبها, اسلوبك الظاهر وقاية لطفلك, وفي الواقع  أنك زرعت الخوف لديه، هذا الموقف وغيره من الطرق  تستخدم مع الطفل دون ان تدرك الام الضرر الذي سيؤثر عليه سلباً في المستقبل.

 

الأثار النفسية لتخويف الاطفال

تخويف الطفل وسيلة فاشلة, فقد أكد علماء النفس عادة تخويف الأطفال تساهم بصورة كبيرة في تشويه سلوكياتهم الطبيعية، وتعيق تقدمهم الفكري.

فالخوف في البداية قد يكون من أشياء معينة وغالبا من نسج الخيال، ولكن مع مرور الوقت يتحول الخوف لعادة تتوحش تدريجيا لتسيطر على دائرة حياة الطفل بالكامل، فيخشى من التحدث إلى الغرباء، ويخشى من التعبير عن رغباته وإرادته، ويخشى من مواجهة المجتمع، ويتحول الخوف من وسيلة إلى صفه تفرض نفسها وتسيطر على شخصيته طوال العمر.

ومما لاشك فيه أن الترهيب من أسهل وسائل التربية التي يلجأ إليها الوالدان، وينتج عنها العديد من الآثار السلبية التي تتحول لعادة في سلوك الطفل وتلازمه في مختلف مراحله العمرية ومن أهم تلك الآثار هي:

 

1- يفقد الطفل، نتيجة لشعوره بالخوف، القدرة على اتخاذ القرار السليم، أو أبداء رد فعل متزن لكل ما يواجهه من مواقف، كما تميل شخصيته للتذبذب والتردد دائما.

2- الخوف يعرض الطفل للفشل في التحصيل الدراسي، نتيجة خوفه من السؤال عما يشغله أو ما لا يستوعبه من المعلمين، خشية التعرض للنقد.

3- الخوف يمنع الأهل من اكتشاف مواهب ومهارات الطفل، نتيجة عدم قدرته على التعبير عن أفكاره بصورة تلقائية.

4- في حالة تعرض الطفل للإصابة بأي مشكلة من المشكلات النفسية، في مراحل حياته المختلفة، فإن صفة الخوف تضاعف من أعراض تلك المشاكل النفسية بصورة كبيرة.

وهنا نقول على الأم التي تريد أن تربي رجلًا, والرجولة هنا صفة أخلاقية تعني القوة, والشهامة, والمروءة, وتصنعين من طفلك أو طفلتك صاحب شخصية قوية, يجب أن تمسحي من أجندتك التربوية كلمتيّ التخويف والقهر تمامًا وللأبد.

كُلنا نخطأ

يتوجب مراعاة التوازن خلال تربية الاطفال, بين الترغيب, والترهيب, وأن يكون الترهيب دون قهر أو تخويف شديدين, وإنما مجرد تهديد بغضب أو بحرمان من شيء يحبه, واعتمدي على الحوار الهادئ والمناقشة منذ سنوات الطفل الأولى، ومنح الأبناء بعض الحرية المناسبة لعمر الطفل لاختيار ما يحب, ويريد, ويكره, وحاولي أن تعلّميه تحمُّل مسؤولية أخطائه، كوني له كما يحب, ليكن لك كما تحبي.

كلنا نخطئ, والخطأ هو في الأصل سبيل التعلم, لذلك لو عاملت طفلك بما يمنعه من مجرد الوقوع في الخطأ, فتأكدي أنك تحرميه من التعلم ومن الشجاعة على المواجهة, وتزرعين في قلبه الخوف من كل شيء.

أختصاصية علم النفس رولا الصيداوي