بالمفهوم العام وما هو مشاع إن الذي يحصد أو يقطف من ارض أو بستان دون علم صاحبه يعد سلوكا خاطئا غير اخلاقي ومحرم في جميع الاديان السماوية، ولكن لم يشاع ما هو عقاب الذي يزرع او يغرس في ارضٍ ليست له؛ لأنه شيءٌ نادر الوجود والطبيعة البشرية تحب الأخذ أكثر من العطاء.

 ولو اردنا النظر إلى قلب الإنسان كأنه ارضٌ غنّاء محاطة بالزهور والاشجار الكثيفة فيها التسامح شتلاتٌ زاهية, والعطفُ زهورا ملونة, والحب شجرةٌ مثمرة وغيرها.. فكم حصد وقطف احدا من الآخر بقصد او من دونه؟.

جواب هذا السؤال هي السلوكيات والطبائع وردود افعال الاخرين التي نكتشفها حين نخوض التجارب والمواقف معهم  فتجعلنا محتارين أو مصدومين,  نتفرس في ملامح أحدهم ونقول له ماذا فعلت الحياة بك ومن الذي قلع من قلبك هذه  الصفة الانسانية التي وضعها الله بالفطرة في قلوب الجميع؟! فجعلتك تتصرف بهذه القسوة أو الأنانية الكبيرة أو الكره غير المبرر أو عدم الثقة بكل من حولكم وووو الخ.

من يدمر الانسان ويميت الحب بداخله او الصدق او التسامح ويجعله كالأرض الجرداء هي الأفعال الضارة من اخيه الانسان, او بالعكس فحين  تجتمع حولنا ثلة من الاخيار الواعين اصبحنا في بيئة منتجة معمرة.  

وما يقطف منا يصعب زراعته مرة ثانية او يأخذ وقتا طويلا  لتنبت لنا صفاتنا الجميلة التي كنا نتمتع بها، فاذا وثقنا بشخصٍ وأصدقناه  القول ونفذنا كل وصاياه وتوجيهاته دون أن نشك بنواياه وأصابنا ضررٌ  بالغٌ لاستغلال  هذه الثقة لصالحه من الصعب جدا ان نعود لنثق به او بشخصٍ آخر مهما كان قريبا علينا حينها  تهتز ثقتنا بالجميع وتتساقط أوراقها الغضة.

وكذلك الحب الذي هو ثمرة نخبة من المشاعر والأحاسيس اذا تم قطفه من القلب بسبب الخيانة والغدر او عدم الايفاء بالوعود، غلف نفس صاحبه بالحذر والشك بعدم وجود شيء اسمه حب حتى ان بعضهم  يتساءل  كم احتاج من الوقت كي الملم جراحي ويزهر قلبي من جديد؟.

والظلم حكايته حكاية معنا تُسلب حقوقنا وتهمش حرياتنا دون رحمة فتنبت لنا اشواك من جور الظالمين  ونقف عاجزين لا نعرف للعدالةِ طريقٌ واضح، وكم تجربة أليمة أماتت عند البعض صفات رائعة  فاختل توازن خصالهم الحميدة وشخصيتهم الواثقة وسلكوا دروبا خاطئة.

 فما أحوجنا اليوم لتطبيق مقولة (ازرع ولا تقطع) وأن قيلت على نبات الارض لبقيت خضراء عامرة  لكنها تأخذ مفهوما أوسع وهو ان نزرع ما يطيل ديمومة صفاتنا الإنسانية.

اخلاص داود