مرت سنواتها قروناً طويلة وهي تحاول انتشال نفسها من ذلك التيه...

أرهقها صراعها الأهوج مع دبيب الزمن بلا نهاية, ويبس عودها من طول الانتظار, وذبلت عيناها الجميلتان لكثرة التطلع من فوق الشرفات إلى  السحاب الذي يلون احلامها ويرسلها مع ضوء القمر، بعد أن ينأى الأخير بعيداً عن نجومه ليلامس خدها كل ليلة.

كلما مدت يدها نحو احلامها الملونة والتي بدا تحققها قاب قوسين أو أدنى، تسللت إليها الظنون بأنها وصلت واكتشفت عالمها السري؛ بيد أنها في الحقيقة لم تكتشف سوى زيف قدميها اللتين كانتا تدوران في محلهما، وبأن أصابع يديها الناعمتين إنما غارت في الوهم فحسب! ... وفي كثيرا من الأحيان كانت تُذهَلُ أنها هيَ من خان الجميع حتى حواسها...

أوشكت أن تدرك أنها خاوية الا من عرش جمالها، بعد أن كانت ترجح أن في جعبتها الكثير من البطاقات الرابحة لتستخدمها حيث شاءت ... بحسب.. وعلى حسب...

وبرغم كل شيء، كاد يقينها يطبع ختمه الاخير، تملكها خوف شديد، مع بقايا إصرارها على جهاد نفسها بإبعاد الجزع خارج حدود أمنها.. وراحت تفتش مسرعة عن الأمل في الورقة التي خبأتها سراً منذ سنين في درج افتراضي ضم كل احلامها وامانيها السرية .

وأخيراً ... وحين وجدت تلك الورقة وفتحت طياتها بلهفة، قرأت كلمتين في منتصفها، تبدد الخوف منصرفا وترك لها قرار عقد مع نفسها صفقات جديدة وأن تملأ صفحات أخرى مشفوعة بالكثير من البنود والمهام.

فاطمأنت وسرت جرعة كبيرة من الأمل في خلايا روحها المتعبة، وأخذت نفسا عميقا بعد احتضانها لورقتها السحرية تلك ثم نهضت من جديد واستأنفت الصراع المرهق ذاته.

نغم المسلماني