طالَ هَمْسٌ و لَيْسَ للوَصْلِ أَمْسٌ

فَكَأَنَّ الْزَّمانَ في الهمْسِ غَارِقْ

 

وكلامٌ يجرُّ أحْلى كلامٍ

وابتسامٌ يظلُّ في القلبِ عَالِقْ

 

قلت يا خلُّ فاستمعْ نبضَ قلبي

و حديثُ القلوبِ يا صاحِ شائقْ

 

قيلَ أنَّ الغديرَ عيدٌّ بهيجٌّ

يملأُ الأرضَ غربَها و المَشَارقْ

 

فرحةٌ مَا رَعَتْ جنونَ اشتياقي

وحنينٌ لروضةِ العطرِ سَابقْ

 

كنتَ من فيضِ نبعِه مُستزيداً

شارباً منْ هَواهُ أو كنتَ ذائقْ

 

شَطُّهُ البَحْرُ في عَطاءٍ و بِرٍّ

ومدى الدَّهرِ لنْ ترى البِرَّ نافق

 

يا غديرَ النجاةِ رِفْقا فقلبي

آثرَ الوَصْلَ دونَ كلِّ المَناطقْ

 

نحوَ خمِّ العُلا نبيُّ البَرايا

سَار بالنَّاسِ في رحيبِ الفَيَاهِقْ

 

مُشْرِقَ الوَجْهِ في صفاءِ انشراحٍ

ويقينٍ مُيَسَّرِ الخَطْوِ واثقْ

 

جاءَ بالأمرِ من إلهٍ عليمٍ

ليتمَّ النعيمَ بينَ الخَلائقْ

 

رَفَعَ الكَفَّ عَاليا في شُموخٍ

مثلَ سيفٍ مُجَرَّدِ الغِمْدِ دَالِقْ

 

ثمَّ خَصَّ الوَصِيَّ أَمْراً خَطيراً

أوغلَ الحقدَ في خيالِ المنافق

 

 قالَ مَن كانَ يَرتضيني نبيّاً

ولنهجي مصاحباً و المُرافق

 

 فعليٌّ إليه أضْحى وليّا

و هو بالأمرِ مُستحقٌ ولائقْ

 

وجديرٌ بكلّ مجدٍ أثيلٍ

سارَ كالنَّجم في ذرا العِزِّ سامِقْ

 

باتَ ذُخْراً لِمَنْ يَرَاهُ ادِّخاراً

و سِنَاداً لحادثاتِ المَهَارِقْ

 

حارَ فيه الزّمانُ طوراً فغالى

بعضُهم و انطوى بمثواهُ ذالق

 

وقلاهُ اللئيمُ يا بئس قلبٍ

كان بالحقدِ مظلمَ النَّفسِ حانقْ

 

وتردّى بالعارِ و النّارِ طاغٍ

لودادِ الوَصِيِّ شَاءَ العَوائِقْ

 

حارَ فيه الزّمانُ و البَعْضُ أَمْسَى

مثل حالي متيّمَ الوجدِ عَاشِقْ

 

فهْوَ سِرٌّ يَطَالُ أَقْصَى كَياني

و ضُلُوعي و خَافِقي و الرَّوامقْ

 

 وَ هْوَ كَالدَّمِّ سائرٌ في عُروقي

بَلْ هُوَ الرُّوحُ نبضُها في الخوافقْ

 

يا عليٌّ و ألفُ عينٍ بقلبي

غيرَ أنَّ الهَوى بذكراكَ شائق

 

 لستُ أرجو سِواكَ مَا طالَ عُمْري

بين طفلٍ و راشدٍ أو مُراهق

 

 أنت في طينتي و في بَدء نشْئي

عالمَ الذرِّ قبلَ خَلْقِ الخَلائقْ

 

 أنتَ لولاكَ ما برى اللهُ شمساً

تهتدي من هُداك بين المَشارقْ

 

وسُهولاً مأهولةً أو جبالاً

ونعيماً مُزدانةً أو حَرائقْ

 

أنتَ لولا عَطاكَ بينَ البَرايا

ما شدا صادحٌ و لا طافَ بارقْ

 

أنتَ لولا هواكَ بين الحَنايا

ما بدا للضَّلالِ و الحقِّ فارقْ

 

 يا وليّي و نِعمتي و اكتمالي

و مَلاذي و مَلجئي في الطَّوارق

 

و مُعيني مِن الكروبِ اللَّواتي

صرتُ مَا بينهنَّ رِهْنَ الصَّواعِقْ

 

جئتُ و الرُّوحُ في رَجاءٍ و قَصْدٍ

و هي تشكو إليك يا خيرَ راتقْ

 

جئتُ في جُعْبتي سوادُ الخَطَايا

و ذُنُوبي و مُردياتُ البَوائق

 

وضياعٌ يلفُّ أوتارَ قلبي

مثل عبدٍ مشرَّد الخطوِ آبقْ

 

وهُمومي تزيدُ آلامَ روحي

في كهوفٍ تمورُ بينَ النَّواعِقْ

 

والأمانيْ رَمَسْتُها في لحودٍ

ما اعتراهُنّ في دجى الليلِ فالقْ

 

 ليسَ لي ما أُعيذُ من شرِّ نفسي

و الهوى و الورودِ بين المزالقْ

 

غيرَ حُبٍّ لحيدرٍ أرتجيهِ

ساعةَ الموتِ و ارتعادِ الفوائقْ

 

و أراهُ الضِّياءَ في ليلِ قبري

و رفيقي و مؤنسي في الغواسِقْ

 

و يداهُ السبيلُ لي في صراطي

و نجاتي من التهام الحرائقْ

 

شربةً من يديه فالنَّفسُ ظَمْأى

ما روى كأسَها مدى العمر داهق

 

و بروض الجنان منّيت نفسي

و رياض مبثوثة و النمارق

 

 ليس لي غيرُ حبِّه من شفيعٍ

و أنا في النعيمِ و الخلدِ واثقْ

زهراء المتغوي