مع قدوم شهر رمضان يتغير مناخ النفس ويبدأ بالانسجام مع أجواء هذا الشهر الفضيل, وكل العادات اليومية  تبدأ بالتلاؤم شيئاً فشيئاً مع خصوصية هذا الشهر, وبما يتميز به من طقس ديني وروحاني حيث يستشعر الصائم بطاقة عجيبة تؤهله على الصبر والخشوع لله بكل الجوارح على امتداد ايام الشهر المبارك؛ وكأننا ندخل مرحلة تأهيلية وتقويمية للذات الإنسانية كل عام؛ لتكون المحصلة تنقية النفس من أدران الذنوب والتقرب الى الله تعالى بأحب الإعمال لديه .

ومن المهم جداً ان يغتنم المرء منا هذه الفاصلة السنوية بعمر الشهر التي تمر على المؤمن كسحابة خير مثقلة بالغيث والرحمة وان يتوخى فيها كل مضامين البركة التي تحل على الأعمال والعبادات بما تتضاعف فيه الحسنات ويكثر فيه الخيرات وان يتجنب لهو الدنيا والانشغال عن  لذة الطاعة بأي شيء يحول بين العبد وربه .

ومن جملة الأمور التي تمنح هذا الشهر ميزته العظيمة هو اشتراطه على مبدأ التعاون والمساواة بين الناس والأجر الكبير الذي أعده الله عز وجل لمن يفطر صائماً ولمن يتفطن لمعاناة الجائع والمحتاج ففي ساعات الصوم يتوحد الإحساس بالجوع والعطش ويدرك الصائم تماماً حجم ما يعانيه الانسان حينما يظمأ او يجوع .

 وتطويع النفس على اجتناب الغيبة والكذب ولذلك فأن أبواب الرحمة تشرع في شهر رمضان ويمن الله سبحانه وتعالى علينا بفيوضاته الكثيرة فهو بارقة الهداية والطريق الأقرب للطاعة .

وعند ذكر أعمال شهر رمضان العبادية يأخذنا الحديث للتنويه عن بعض الظواهر السلبية؛ التي من شأنها أن تقلل الأجر وبالتالي تفقد الأعمال والعبادات جزء من ثوابها, ومن هذه الظواهر هو الاسراف في تجهيز وتعبئة موائد شهر رمضان والمبالغة في أعداد أطباق مختلفة للإفطار, كما يتخذ البعض من هذه الايام المباركة وسيلة للتواصل والترفيه والترويح عن النفس ببعض الألعاب التي هي في الأصل لا تتوافق مع الشرع والعقيدة, والمبالغة في الحديث عن مشقة الصيام وحجم المعاناة في تحمل حرارة الطقس مما يؤدي لإفطار بعض الناس بداعي ذلك, كما يلجأ بعض التجار لرفع سعر بعض السلع الغذائية مما لا يتناسب مع أمكانية بعض الناس في تأمين هذه السلع, ومما يجب التنويه له ايضاً هو الانشغال عن العبادة بمتابعة البرامج التلفزيونية التي تشيع الفكر المنحل دون أدنى احترام لقداسة الشهر و الاعتماد على الهواتف الذكية في تضييع  أغلب الوقت وهو ما يعتمده الكثير من شبابنا للأسف, ولأجل كل ذلك وللحصول على أكبر قدر من ثواب هذا الشهر المبارك وجب علينا التنويه والدعوة للتزود من فيض عطاياه.

 

إيمان كاظم الحجيمي