ككل مرة في شهر الله الفضيل... تلج المرأة الأم او الزوجة إلى فناء المطبخ لتجهز الطعام وتنوع في الاكلات وتزيد في الحلويات وتبدع في المشويات وتحاول ان ترضي كل الرغبات باختلاف أمزجة الصائمين الاعزاء.

وهكذا دواليك تنفرط الايام على هذا المنوال ناهيك عن الاعباء الاخرى في البيت كالتنظيف وغسل الصحون والملابس.

هذه الالية التي تفرض على المرأة في شهر الطاعة والغفران تتلقاها بروح محبة ومشاعر مؤمنة وهي سعيدة  لأداء هذا الدور بنجاح حتى وان شعرت بالتعب او المشقة او الجهد الكبير .

فتفسر لهو افراد الأسرة الغير منظم على انها ممارسة حرياتهم في العطلة الصيفية، فاحدهم لا ينفك عن ملازمه الالعاب الالكترونية،  واخر لا يمل من الخروج مع الاصحاب واخرى لا تمل من النوم والتمطي من النعاس

و.....و....و....

وتبقى هي الجندي الاخير والفدائي المجاهد والملازم  لدوره حتى اخر الانفاس.

وبذلك تسقط منها الكثير من العبادات بسبب تزاحم الاعمال عليها، ويزداد الأمر سوء عندما تكون المرأة عاملة في احدى القطاعات .

هنا تضيق مساحة الوقت وتتضاعف الجهود وتزداد الاعباء حتى تغرق في المهام ولا تأخذ قسطها المطلوب من الراحة والنوم واداء العبادات.

فينعكس ذلك على مزاجها وتضعف في اخر ايام الشهر الفضيل الذي تلزمها هي الاخرى اعباء اخرى متعارف عليها في البيوتات كعمل الحلويات والمعجنات  وتنظيف شامل ودقيق للبيت بكل ارجائه.

الجميل في الامر انها وان اشتكت او آنت احيانا من التعب الا انها مستمرة على قدم وساق في تقديم خدماتها للجميع، والاجمل انها تتقبل الحال وان كان على مضض في سبيل ارضاء الجميع وتحقيق اعلى مستوى من النجاح.

والملاحظ في الآونة الاخيرة الالتفات الى هذه الجهود ومحاولة ارضاء المرأة بكلمات الشكر والثناء على مجهودها واظهار الجانب الآخروي في جهادها بتحصيل الاجر والثواب .

وهو خير, واسلوب راقٍ فمن لم يشكر المخلوق لم يشكر الخالق.

ولكن !!

هلا تنازل أحد افراد الأسرة  ونظر إلى الأمر بعين الجدية والوعي والدين الحق !

واضاف الى كلمات الشكر التي تعمل كحبات المورفين المؤقت التي تذوب وينتهي اثرها بعد حين للطف اكثر بهذه المخلوقة الطيبة الحنون !

هل يمكن للرجل الشرقي ان يتنازل عن ثقافاته العرفية ويشارك المرأة هذه الاعباء؟

هل يتنحى عن لا مسؤوليته في إعمال البيت من اجل احتواء هذه الإنسانة المجاهدة ولو بالقليل القليل من الاعباء ؟

هل يتفهم  الامر ان عليهم بإنصافها عبر الاستعداد الروحي والتقبل النفسي بتقسيم المهام على الجميع .

فماذا يعني شكرها وهي ترى اسراف احدهم بالنوم؟

وماذا يعني الثناء لها واحدهم يرفه عن نفسه في عزوماته مع الاصدقاء كل يوم؟

واي تأثير يدوم وهي تشهد على من حولها بالإفراط والتفريط وعدم ابداء المساعدة لها.

هل تعمل كلمات المديح والثناء عملا سحريا مثلا !!

وهل تزود المرأة وتعبأ بها فقط وينتظر منها العمل المرهق طيلة ثلاثين يوم دون تذمر او تعب او طلب اغاثة ؟

قال الله تعالى في محكم كتابه المجيد: "وتعاونوا على البر والتقوى"

وقال ايضا عز من قائل: " كَبُر مقتا عند الله ان تقولوا ما لا تفعلون" .

ناهيك عن عشرات الاحاديث والاقوال في السنه التي تخاطب الرجل وتحثه على مساعدة الزوجة في العمل واجر وفضل ذلك عند الله يوم الحساب.

ولنا في رسول الله( ص) اسوة حسنه وفي الامام علي (ع) قدوة .

فهل يقوى الرجل اليوم على تغيير سلوكه بإيعاز الايمان والقرب الى المولى عبر مد يد العون نحو هذه المخلوقة الحنونة الرقيقة ؟!

وهل يمكن وضع خطة عملية يتشارك بها كل افراد الاسرة بأنصاف ويوزع المهام عليهم بعدل وبما يرضي الله؟!

الامر صعب في البداية لكن اثاره عظيمة وبالغة الاثر في زرع روح التعاون وتحمل المسؤولية على الجميع.

الامر يحتاج الى تغيير سلوك ونبذ مفاهيم وهو وان كان ليس سهلا لكنه ليس محال.

اما عن الاكتفاء بشكرها والثناء على جهودها والجميع ينتظر منها طيلة شهر الكثير الكثير فهذا ليس عدلا بالمرة وليس من سنن ديننا الحنيف اللا انصاف او اللا عدل.

اما عن اجرها فهو ثابت عند الله وهي تحصده بصبرها وتحملها على هذه المشقة التي تتوزع بين فرحة ارضاءهم جميعا, وبين دموع الاسف لفوات ركن كبير من عباداتها؛ بسبب الانشغال وتكبيلها لوحدها بالمهام دون مشاركة عملية من قبل الآخرين النائمون على تخوم الراحة والدلال .

في الاخير.....هي دعوة لأصحاب الرؤى المؤمنة, والقلوب الواعية.

دعوة لإصلاح المفاهيم, وتغيير السلوك

وفي ذلك عين الصواب والرشاد

اصلح الله حال بيوت المسلمين وبث في قلوبهم الرحمة والانسانية والتفهم اكثر....والله ولي التوفيق.

منتهى محسن محمد