قالوا لي ... ، سمعت من فلانة ... ، نقلوا لي الخبر ...

عبارات تجري على ألسنة بعض النساء، في أحاديثهن وجلساتهن النسائية، فيستمتعن بنقل الأخبار بأسلوب مشوق، ربما تضاف عليه من الإضافات والتعديلات الكثير، وبشكل لا ارادي، ليفقد الخبر بذلك مصداقيته وواقعيته تدريجياً، بمروره في دائرة القيل والقال، وﻻ ينحصر ذلك بنقل الأخبار فحسب، إنما حتى في نقل الأفكار والمعلومات والنصائح .

 

تفتقر ثقافتنا وبالأخص النسوية منها لثقافة " قرأت ....... " و " بحثت ........ " ، إذ تعتمد على "سمعنا ...... "  لتكوين ثقافة وهمية ﻻ تمت للواقع بصلة، دون ان نعي ليس كل ما يقال صواب وليس كل ما نسمع حقيقة وقد نساهم في كثير من الحاﻻت بنقل الفهم المشوش والفكر المغلوط دون وعي وإدراك لتأثير هذا النقل وتصييره لتصرفات خاطئة وبعيدة عن الدين والمذهب، فقد شرع الله جل وعلا في كتابه الكريم للسلوك السوي منظومة متكاملة يمكن للمرء اعتمادها لتوصله للفضيلة والمثل المنشودة عبر انتهاج ما بينته اﻵية الكريمة بقوله تعالى ( ادْعُ إلى سَبيل ربّكَ بالحِكْمة والَموْعظة الحَسَنَة وجَادلْهم بالتي هي أحْسن إن ربَّكَ هوَ أعلم بِمن ظلَّ عن سِبيِله وهوَ أعلم بالمُهتدين ) (النحل ـ  125 ) .

 

عند التفكر والتأمل في هذه اﻵية الكريمة آنفة الذكر، نجد أن الله يدعونا الى الحكمة في القول، والحكمة هي اﻻستناد الى البرهان الواضح في معرفة الأمور عن طريق التعلم والتقصي لحقائق الأمور للوصول الى الصواب .

 

وورد أيضاً في أحاديث الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم ) ( إن الله يكره لكم ثلاث ... القيل والقال، واضاعة المال، وكثرة السؤال ) (1)، فإذا كنا في غفلة عن ما يكره الله في عبده، علينا بذلك أن نراجع قواعد وركائز الدين التي تصحح سلوكنا وتمنهج تصرفاتنا، وتقوم اقوالنا التي يجب علينا ان نتنبه ونفطن لها جيداً قبل ان تنقلها السنتنا في غفلة او على جهالة فتسجل في صحيفة أعمالنا .

 

واستناداً على ذلك فهذه دعوة لأخواتي المؤمنات أن يبتعدن عن مجالس الغيبة ونقل أخبارها، ﻷن مستمع الغيبة آثم، فما بال من ينقلها، وأن يتجنبن نقل الأحكام الشرعية والفتاوى دون التأكد والتيقن من صحتها، وعليها الاطمئنان من صحة ما تنقله بحيث ﻻ يترتب عليه ذنب، وعليها ان تتوخى نقل الخبر بصدق ، ودون اضافة او تزييف ، لتكون لديها مصداقية أمام مجتمعها .

 

كذلك على المرأة أن تستمع أكثر مما تتكلم لتكون لها ملكة خاصة ورؤية متفردة، وﻻ أعني هنا ان تستمع لثرثرة الكلام وللقيل والقال، بل إن تستمع لجواهر الكلام من ذوي الخبرة والمعرفة، وعليها ايضا أن تقرأ وتطالع على نحو مستمر، لتوقد ذهنها وتكون حاضرة للإجابة على ما تُسأل، وعليها أن تعي تماماً ما تقوله وتتحدثه ، وأن تعطي لنفسها الوقت الملائم قبل الكلام وبشكل دائم، لتربط بذلك عقلها الواعي بلسانها الذكور ليصدر بذلك عنها  طيب القول وأنيق الحديث ، وأخيرا ... أن ﻻ تسمح ـ في مجلس تجلسه ـ لمن تمتهن الثرثرة من خلال دفعه للحديث المنتج سيما المطيب بذكر محمد وآل بيته الطيبين ، وإذا اضطرت لحديث سلبي ما فلتحاول برقي وتحضر، أن تغير مجراه لصالح الخير والقول الحسن.

(1) قال أبو جعفر عليه السلام إذا حدّثتكم بشيء فأسالوني عن كتاب اللّه عز و جل ثمّ قال في حديثه: انّ اللّه تعالى نهى عن القيل‏ والقال‏ وفساد المال وكثرة السّؤال, جامع أحاديث الشيعة (للبروجردي) ؛ ج‏23 ؛ ص1124

 

ايمان كاظم الحجيمي