الخطبة الثانية لصلاة الجمعة بإمامة السيد احمد الصافي في 21/ذو الحجة/1440هـ الموافق 23/8/2019م :

اخوتي اخواتي اعرض عليكم الأمر التالي..

من الامراض التي قد تمر في حياة كل منّا وقد تسبب بعض المشاكل تارة مشاكل شخصية وتارة مشاكل اجتماعية وقد تتوسع هذه الدائرة شيئاً فشيئاً بسبب طبيعة هذه الحالة.. وهي حالة الفراغ وانا عبّرت عنها قُلت هي أمراض، والفراغ معناه ان الانسان غير مشغول ظاهراً بعمل سواء كان فراغاً روحياً او فراغاً بدنياً يشعر حالة من حالات أشبه بالضياع..

طبعاً هذا الفراغ له مناشئه وله علاج..

انا الآن لا اريد ان اتحدث عن الفراغ الروحي بمعنى الديني، ليس حديثي في هذا الأمر، نعم هذا مبحث في غاية الاهمية لكن الآن حديثي ليس متعلقاً به وانما حديثي يتعلق في مسألة ضياع الهدف والشعور بالفراغ لسبب او لآخر خصوصاً عندما تكثر المشاكل ونبحث عن بعض جذور المشاكل نجد ان هناك حالة من عدم الشعور بأي مسوؤلية ناشئة من فراغ ما اوجدت هذه المشكلة..

الفراغ واقعاً لهُ مردودات سلبية عند الانسان، الانسان يشعر نفسه فارغ، هل هناك عمل يؤديه بدني؟ لا عمل عندهُ، بالنتيجة يرى ان وقته بدأ يتبدد وبلا ثمرة حقيقية ترجع اليهِ اولا ً والى الآخرين ثانياً، وهذه الحالة عادة الجهات المسؤولة تحذّر منها يعني من بقاء الفراغ الى آماد طويلة.. لماذا؟

طبعاً من جهة شرعية اتحدث ان الفراغ غير محبب عندنا ان الانسان يبقى بلا أي عمل غير محبب، من جهة اجتماعية الفراغ فيه مشاكل، من جهة مجتمعات ودول الدول ايضاً تحاول ان توجد مساحات من العمل حتى لا يبقى الفراغ عند ابنائها وذلك شعور منها بمشاكل الفراغ.

طبعاً انتم تعلمون اخواني كل مشكلة اذا لم تُحل تبقى هذه المشكلة وقد تنتفخ وتكبر وتولّد مشاكل اخرى جانبية..

مقتضى حرص الانسان على نفسهِ وعلى ابناء جلدتهِ ان يبيّن مفاسد هذه الحالة وهي حالة الفراغ، طبعاً كما قلت الفراغ فيه حالة وهي ضياع الهدف وهذا الفراغ خصوصاً اذا كان عند بعض الفئات الشبابية التي تشعر بأنها تريد ان تعمل وتشعر بأن عندها طاقة وتريد ان تفرغ هذه الطاقة بعمل ما ثم لا تجد الى ذلك سبيلا.. هذا الفراغ غير المشغول سيولّد الى عمل لا يُحمد عقباه..، بمعنى ان بعض الاعمال السيئة ناشئة من الفراغ، الانسان لا يستطيع ان يُشغل وقتهُ بشيء نافع يبدأ يفكّر بطريقة اخرى حتى يُشغل نفسه وقد هذه الطريقة الاخرى تكون طريقة مُضرّة بالآخرين..

لاحظوا شاب في مقام الفتوّة والنضوج يشعر بالفراغ إضافة لشعوره بالفراغ هناك حاجيات يُريدها لكنها لا تتحقق فما يفعل؟! إما يقضي وقتهُ بالنوم واذا قضى وقتهُ بالنوم سيتحول الى حالة من التوتر دائماً، اخواني كُل انسان اذا لم يشعر بأنهُ مُنتج سيتعب، اُعيد هذه العبارة أي إنسان يَشعر انهُ غير مُنتج سيتعب، لابد من ان يشعر انهُ منتج وانهُ نافع وفعلا ً هو نافع، لكن البعض قد يكسل او يكسّل نفسهُ وذكرنا في خطبة سابقة التحذير من قضية الكسل فالكسل حالة من التعطيل يقضي وقتهُ بالنوم يتحول الى عاطل فإذا اراد ان ينام ولم يتمكن من ان ينام سيستعمل بعض الوسائل التي تنوّمه قهراً وشيئاً فشيئاً سيتحوّل من حالة ضياع الى حالة إدمان والعياذ بالله.

اذا كان عندهُ فراغ وليس لهُ عمل يُحاول ان يكسب من طريق غير شرعي ويحاول ان يُفرغ هذه الطاقة بأمور اخرى تضر نفسهُ وتضر المجتمع..

الآن امامنا بعض الاحصاءات لا اذكر أرقام بعض الاحصاءات..

حقيقة بعض الشباب عندما تأتي إليهِ وتجلس معهُ تراه شاب ناضج وهو ليس من أرباب السوابق كما يقولون، لكنهُ ذهبَ الى مذاهب شتى وبدأ شبابهُ يضيع وعندما تسأل تجد الحالة الاساسية لهُ عملية الفراغ وعملية الفراغ عملية مدمرة ولعلّ من باب الطريفة الآن حضراتكم كلٌ في عمله اذا يرى نفسهُ يجلس في البيت يومين او ثلاثة بلا عمل حقيقة يُحدث مشاكل حتى في البيت ويتعود على ان يُنتج يجلس بلا عمل لا تناسبهُ هذه القضية فيحاول يتشاجر ويحاول يُحدث بلبلة.. فكيف اذا كانت نسبة الفراغ عندنا كبيرة وكثيرة..

طبعاً اخواني هذا جزء من المشكلة وقطعاً لابد ان تُحل..

الحل على الجهات المعنية أي جهة معنية تعرف تكليفها ان تستوعب الناس الذين يعيشون حالة الفراغ فحالة الفراغ تؤدي الى امور لا يحمد عقباها، عليها ان تؤشر الى وجود حالة حقيقية ومؤلمة في عين الوقت، عليها ان تتصدى لاستيعاب من يعيش حالة الفراغ.

الحالة الثانية حالة نفس الشخص الذي يشعر بالفراغ اقول لهُ حاول ان لا تجعل نفسك فارغاً دائماً، ماذا تفعل؟ قطعاً هناك مسائل كثيرة يمكن ان تفعلها غير الذي تفعل، لا تجعل نفسك اسيراً للفراغ، الفراغ فيه مشاكل وفيه افكار وهمية، الفراغ فيهِ اعتقادات وفيه اشياء ناشئة من خيالات وقد تعتقدها امور صحيحة وهي ليست صحيحة، ليس من الصحيح الانسان يكيّف نفسهُ ويعيش نفسه مع حالة الفراغ يعني لا تكون حالة دائماً، نعم الانسان يحتاج عندما يعمل ان يرتاح والراحة اخواني غير الفراغ انا اتكلم عن حالة كثيرة وشائعة ولا اتكلم عن حالة راحة الانسان يحتاج ان يرتاح يوم يومين عشرة.. لا بأس، انا اتحدث عن حالة كما قلت ضياع يعني لا يوجد هدف حقيقي من وراء الانسان ماذا يريد..

قطعاً بعض المشاكل العامة تؤثّر لكن اقول لا تكون اسيراً للفراغ، اذا كُنت اسيراً للفراغ ستضيع أكثر، لابد للذي يعيش حالة الفراغ ان ينتبه ولا يكون غافلاً عن كثير من الامراض التي يوجدها حالة الفراغ، لا يعيش الانسان حالة الوحدة والفراغ ويحاول ان يرتّب وضعهُ بطريقة تسيء لنفسه لا قدّر الله وتسيء الى المجتمع..

طبعاً اخواني هذا حديث طويل الذيل وقطعاً يحتاج الى معالجات جذرية وبعض الشباب عندما يعيش حالة الفراغ يشكو يقول خلصوني من حالة الفراغ.. انا درست وتعلمت مثلا ً والآن لا أعرف ماذا أفعل بعض الابواب موصدة أمامي..، نعم، انا معهُ اقول لابد ان تُفتح الابواب امامهُ من اجل استيعاب هؤلاء الذين يعيشون في الفراغ هذا كلام لآخرين.. أما الكلام لك مع ذلك لا تستسلم لحالة الفراغ وتكون اسيراً الى امور اخرى قد تؤديك الى ما لا يحمد عقباه..

هذا ما يسمح به الوقت عسى الله سبحانه وتعالى ان يُرينا في اعزتنا واهلينا دائماً مشغولين بالعمل النافع والعمل الصالح الذي فيه نفع للبلاد والعباد وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين..

حيدر عدنان

الموقع الرسمي للعتبة الحسينية المقدسة

gate.attachment