الخطبة الثانية لصلاة الجمعة بإمامة السيد احمد الصافي في 25/ذي القعدة/1438هـ الموافق 18 /8 /2017م :

اخوتي اخواتي قال الله تعالى في كتابه الكريم : (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنْ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً (70)) – سورة الاسراء- .

هذه الآية الكريمة انا لست في صدد تناول هذه الآية على نحو التفسير الدقّي ، ولكن احب ان اشير الى مسألة مهمة ذكرتها الآية وهي مسألة التكريم، الآية تقول: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ) وهذا التكريم في عقله وفي خلقته لست في صدد هذه المسألة لكن التكريم على كل حال الله تبارك وتعالى كرّم هذا المخلوق بني آدم، ووسع عليه في الرزق في البر والبحر ثم فضله على كثير ممن خلق..هذا التكريم كيف نصل الى فهمه؟! سأتحدث عن مفردات وتطبيقات فردية واجتماعية مؤسساتية ليس لها علاقة بالتكريم اصلاً..هذه الآية لا تتحدث اخواني عن دين معين وعن مذهب معين وانما تتحدث عن قاعدة كلية و (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ)، هذا التكريم مع الانبياء كيف يتفق او مع الاوصياء فعلا ً الان لسنا في صدد هذا الكلام وانما الكلام في منعطف آخر وهو ما يعبر على خلاف التكريم.. وما الذي اوصل بعض التصرفات الى ما هي عليه الآن..قرأنا سابقاً مقاطع من حديث امير المؤمنين (عليه السلام) لمالك الاشتر وقال ان الناس صنفان اما لك في الدين او نظير لك في الخلق، مع الآية الشريفة هناك تطابق اذن هذا مكرّم الذي نظير لك في الخلق لا يجوز لك ان تعتدي عليه والذي في الدين عبّر عنه اخ فبين اخ ونظير فأما اخ لك في الدين او نظير لك في الخلق ، انت وهو الخالق واحد..هذه مقدمة اخواني لأني سأذكر بعض التطبيقات حقيقة المؤلمة لعدم التكريم واستعين كلمة اقول (لعدم الاحترام) تكون افضل يعني اكثر انسجاماً مع الفهم العرفي .. طبعاً الكلام ليس سياسياً انا لا اتحدث الان عن مطلب سياسي وانما اذكر مفردات في مؤسسة قد تكون سياسية او حكومية غير معني بذلك ولكن بالنتيجة حالة من حالة عدم الاحترام..ابدأ بمفهوم بسيط فردي وهو مفهوم الجار، قطعاً الان الجار يمثل حالة مهمة من حياة كل منّا .. حقيقة يتصرف بعض الجيران تصرفات منافية لكل الاحترام، ما الذي دعانا لذلك؟ الجار يتطاول على جاره الجار يأتي بالنفايات على باب جاره او يزعج جاره بأصوات غريبة عجيبة والجار ينتهك جاره وتجد هذه المنظومة خلاف التكريم وخلاف الاحترام.. هذه المسألة غير سياسية هذه المسألة اجتماعية عرفية من المسؤول عن ذلك؟!الجار لابد ان يكون عزيزاً والجار قد يكون مطلع على حالك اكثر من ارحامك واكثر من اخيك فتجد البعض لا يحترم الجار اصلاً..هناك ثقافة وهي ثقافة الاحترام المتبادل اذا فُقدت بدأت وشائج المجتمع تتقطع..دائرة من دوائر الدولة ولنأخذ دائرة التقاعد.. من الذي يراجع دائرة التقاعد؟ الناس المتقاعدون كبار السن او المرضى.. والله تجد تصرفات لا تنم فقط عن عدم الاحترام وانما عن اهانة قد تكون متعمدة..تجد هذا الموظف كأن مشاكل الدنيا بأسرها يصبها على هذا الرجل المتقاعد.. اجتماعياً المتقاعد لابد ان يكرّم لأنه قضى وقتاً في خدمة بلده، انت تأتي به في ظرف حار وقاعة بعيدة عن ابسط وسائل المعيشة وتتكلم معه بطريقة استعلائية لأنني موظف ليس لي أي خصوصية لأني موظف وانت الموظف بالغد القريب ستكون متقاعداً..انا لا اعلم المسؤول عن هذه الحالات كيف يرى طريقة التعامل مع هؤلاء؟عدم احترام بل في بعض الحالات حالة من الاذلال..الخطوط الجوية العراقية وهذه حالة انا شاهدتها بنفسي.. سأذكر لكم مثلا ً بسيطاً ولاحظوا ما هو مستوى الذكاء عند البعض.. انقل نص القضية واريد ان الفت النظر الى مشكلة عندنا..البطاقة الساعة (11.59) دقيقة، هذا وقت الطيران .. ولابد ان تأتي للمطار قبل ساعتين، وعندما تأتي للمطار تفاجئ ان الشاشة فيها التوقيت الساعة الثالثة الطيران، أي ان الفرق هو ثلاث ساعات، كنا نتوقع ان الاخوة تأخر في الطائرة... قال (لا) نحن نقصد هذا ان نكتب شيئاً خلاف الواقع !! هذا من العجائب، لماذا تكتب ؟! قال لأننا اذا كتبنا في الثالثة الناس ستتوهم ستعتقد انه في اليوم القادم فنحن نكتب في الحادية عشر وتسع وخمسين دقيقة حتى يأتوا من وقت خوفاً من ان يتوهموا.. فترى المسافر يبقى في المطار ست ساعات احتراماً لهذا الشخص الوقر الذكي جداً حتى هؤلاء لا يتوهموا حرصاً عليهم ان لا يتوهموا يفعل هذا.. وتجد في المسافرين المرأة الكبيرة والشيخ الكبير..اقول لماذا هذه الاستهانة بالناس؟؟ حقيقة انا هذا السؤال الى الان لم اجد له جواباً الا شيء واحد! ، ان المسؤول عن أي ملف والكلام ليس سياسياً يشمل الجار والسيارة والمعمل واي شيء..ان هذا المسؤول لا توجد في قلبه رفة رحم على الاخرين ابداً ولا يهتم بمشاعر الناس ..اخواني هذه مسألة تحضّر احترام الناس مسألة تحضّر ونادى بها القران الكريم وبينها امير المؤمنين وهؤلاء لا يفقهون شيئاً ولا يمكن ان يحترموا الاخرين كل هذه المؤسسات التي لا تحترم هي مؤسسات عاجزة وبائسة، انا لا ادري ما الذي اوصل هؤلاء الى ان لا يحترموا.. يبخل عليهم حتى بالسلام والكلام الطيب وكأن هؤلاء خدم يعملون عندهم.. من المسؤول عن ذلك؟! ما الذي اوصلنا الى هذا ؟!الشعب العراقي شعب معروف بالشيم والكرامة والهمّة والنخوة ما الذي عمل بنا هكذا؟ و ما الذي اوصلنا الى هذا ؟! على الناس ان تفهم هذه اشياء بدأت تنخر فينا اجتماعياً، الانسان لابد ان يهتم بالاخرين ويعطف عليهم تجد هذا بهذه الحالة اللامبالاة وتجد شاباً 16 عام يرابط على جبهات القتال يحمي هذا البلد الذي يضم امثال هؤلاء.. في مقام المقارنة لا مقارنة بين شاب اعطى زهرة شبابه للبلد وبين انسان لا يحترم اهل بلده.. بين ام تسعى جاهدة وتربّي حتى تعطي شموعاً تنير الدرب للآخرين وبين اناس لا يفقهون شيئاً ولا يفهمون وحقيقة عدم الفهم مشكلة ماذا نفعل لمن لا يفهم ؟ انا ذكرت امثلة والامثلة كثيرة .. المطلب واضح .. هناك فقد في اللياقة والاحترام والتعامل .. والمسؤولون عن هذه الملفات عليهم ان يبادروا الى المتابعة ان ارادوا حسناً..عليهم ان يفهموا ويعلموا ماذا يدور .. كنز البلاد هو الانسان..تجد والله تلاميذ انت تتأذى.. ترى بعض المدارس كيف يجلس التلاميذ في المدرسة وكيف يتعلموا.. هذا التلميذ في هذا العمر لابد ان تتوفر له اجواء جيدة حتى يفهم فتراه يحير بنفسه وبمكانه..ما الذي اوصلنا لذلك؟! مشكلة تسألني مشكلة .. على الناس ان تتعلم نتأذى عندما نرى هذه المشاهد المؤذية لا احد يهتم بالناس..تقول لي الناس الناس لا تهتم، اقول لا، الناس تهتم..ستأتي زيارة الاربعين وسترى هذا التفاني في الخدمة هؤلاء ليسوا ملائكة هؤلاء من الناس لكن لابد ان نسعى لتثقيف اكثر ونسعى لإيجاد جو اكثر.. هذا لمجرد كونه عنده منصب ومسؤول على الناس ان تخضع له وتعمل عبيد..ما هذه الافكار وما هذه الرؤية؟لابد ان يُحترم الناس اخواني وهذه ثقافة وارجوا من الجميع ان نتساعد فيما بيننا في كل الاشياء المفصلية .. هناك تكريم الله تعالى كرّم بني آدم ولابد ان نحترم بعضنا بعضاً ونتساعد في الخير.. لماذا هذه اللامبالاة في كل شيء..عسى الله ان يلتفت الينا ويوفقنا لما يحب ويرضى ..اللهم احفظ البلاد والعباد وانصر اخوتنا الاعزاء المرابطين في جبهات القتال وانصرهم نصراً عزيزاً وهيأ لنا من امرنا رشداً و الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين..

 

حيدر عدنانالموقع الرسمي للعتبة الحسينية المقدسة

gate.attachment